أصبح المشهد السياسي في مصر مفتوحًا، لا يمكن التكهن بالوضع في 30 يونيه حيث يتسابق الإخوان وأحزاب المعارضة للاستعداد له، خاصة أن هذا اليوم ونتائجه سيحدد الأوزان السياسية في الفترة القادمة, كان من أبرز الاستعدادات الاتصالات العلنية والسرية التي تمت (ونتوقع المزيد) بين قادة الجماعة وجبهة الإنقاذ في محاولة لاحتوائهم من خلال التلويح لهم "بجزرة" أملًا في إحداث خلخلة بين قادة المعارضة المختلفين في الأيديولوجية والمصالح وفي كل شيء، ولم يجمع شتاتهم سوي شيء واحد هو العداء للإخوان فضلًا عن إصرار الخاسرين في الانتخابات الرئاسية على الحصول على مناصب في "الكعكة" بأي وسيلة مهما كانت. لم يكن من قبيل المصادفة أن يتم لقاء خيرت الشاطر بعمرو موسي في نفس اليوم الذي خرجت فيه الصحف بتصريحات لموسي يكشف فيها عن أنه حصل علي تكليف من المشير طنطاوي بتشكيل الحكومة بعد استقالة حكومة عصام شرف وأن المشير طلب منه الحضور لمقر المجلس العسكري لحلف اليمين في صباح اليوم التالي، إلا أنه فوجئ بتراجع المشير عن تكليفه بعد تدخل حزب الحرية والعدالة واعتراضه عليه، وتهديد سعد الكتاتني للمشير بحرق مصر في حالة الإصرار علي رئاسته للحكومة, هكذا صرح موسي (لإيهام الناس بأنه لا يبحث عن جزرة الإخوان) بعد علمه بانفضاح أمره بالإعلام الذي تولي النشر عن اللقاء في حين أنه هو الذي سعي إلي اللقاء (ليكون سريًا لتجنب مواجهة زعماء الجبهة) وذلك كمحاولة منه للحصول علي منصب المستشار السياسي للرئيس، أو الحصول علي وعد بإسناد رئاسة الحكومة له بعد 30 يونيه مقابل الانسحاب من جبهة الإنقاذ، وتخفيف حدة الأحداث في المظاهرات التي دعت لها حركة تمرد. وفي الوقت الذي لم تكن الضجة علي لقاء الشاطر وموسي قد هدأت بعد، سعي حمدين صباحي لعقد صفقة مع الإخوان يتم بموجبها انسحابه من جبهة الإنقاذ مقابل تعيينه في منصب وزاري مع الحصول علي حصة في التشكيلة الحكومية عقب انتهاء مظاهرات حركة تمرد، كما يسعي صباحي لإبرام تحالف مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية يتم بموجبه الحصول على "كوتة" في البرلمان بعد إخلاء عدد من الدوائر الانتخابية له ولأعضاء حزبه، والطريف في الأمر أن بعض الأوساط السياسية تزعم أن صباحي يسعي للتقارب مع الإخوان لأنه يدرك أنه لن يحقق شيئًا من تطلعاته إذا استمر عداؤه للإخوان، الأمر الذي يتماشي مع النصائح التي أسدتها له إيران وحزب الله اللذان يعتبران من أهم الداعمين له فضلًا عن قيام صباحي بطلب وساطة راشد الغنوشي (وفقًا لما نشر بالمصري اليوم) عند الإخوان حتى يحصل علي جزء من الكعكة. ومن الأمور التي توضح أن زعماء الجبهة لا يتحركون من أجل مصالح المواطنين المطحونين والذين يعانون من قسوة المعيشة وارتفاع أسعار السلع والخدمات، هو أنهم لا يهمهم من مظاهرات إسقاط الرئيس في 30 يونيه سوي تقسيم كعكة السلطة، حيث أعلنت جبهة الإنقاذ أنه سيتم تشكيل مجلس رئاسي لحكم مصر برئاسة البرادعي ويضم في عضويته كلًا من حمدين صباحي وعمرو موسي وعبد المنعم أبو الفتوح بالإضافة لممثل للكنيسة التي تدعو أتباعها للمشاركة في 30يونيه، وهو ما يجعل الجميع يتساءل عن الديمقراطية المشوهة التي يؤمن بها قادة الإنقاذ والتي تتيح لهم السعي لإسقاط رئيس شرعي انتخبه الشعب في انتخابات اعترف بها العالم، وصولًا لتعيين أنفسهم رؤساء لمصر بدون أي تفويض شعبي, والملفت للنظر هو الاتفاق الدائم لهؤلاء القادة علي تقديم وتفضيل البرادعي المنعدم الشعبية (حتى بالنسبة لقادة الجبهة) والذي لا يمتلك أي من عناصر القوة إلا أنه مرغوب أمريكيًا وهي نقطة هامة كافية لكشف الأساس الذي تعتمد عليه جبهة الإنقاذ بعيدًا عن الإرادة الشعبية. وأخيرًا نشير إلي أن حزب الحرية والعدالة ومؤسسة الرئاسة يجب أن يكون لديهم قدر كاف من الحصافة والحنكة لاحتواء زعماء المعارضة عن طريق إشراكهم في السلطة في مواقع تكون تحت السيطرة لتجنب اتجاه البلاد إلي الأسوأ في الفترة الحرجة الحالية, والأهم من ذلك هو العمل علي مصالح المواطنين لتخفيف المعاناة بشأن الخدمات الحساسة مثل الكهرباء والوقود وهكذا سنسمع قريبًا. د.حسن الحيوان عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.