لست من الداعين إلى النزول في 30 يونيه، وأرى ضرورة أن يُتِمَّ الرئيس مدته كاملة، حتى لو لم يوفق لإنجاز شيء في عامه الأول، لأن إرساء مبدأ الديمقراطية واحترام نتائج التصويت الشعبي يستحق العديد من التضحيات، وهذه المبادئ قد تتأخر ثمارها، ولكن لا ينبغى أن نكفر بها فلا نجني إلا الخسارة الدائمة، وحتى لا نرسي عادة سيئة مفادها إسقاط الرؤساء إن لم يحلوا مشاكلنا في عامهم الأول. رغم أن هذه هي قناعتي فقد ذهلت حقًّا عندما استمعت إلى الخطاب الأخير للرئيس مرسي في استاد القاهرة في مؤتمر نصرة الشعب السوري، إذ تصور أن جميع الخارجين عليه يوم 30 يونيه هم من فلول النظام السابق وأعوانه، الذين يرجون عودته وهم من أعداء ثورة يناير!! وهنا أقول له: لا ياسيادة الرئيس، صحيح أن الفلول سيكونون في طليعة الصفوف، ولكن ليسوا وحدهم فمعهم هؤلاء: - كثير من الثوار الشرفاء الحقيقيين، الذين كانوا يرجون أن يكون لمصر نظام رئاسي يجمع جميع الأطياف السياسية وأن تتشارك القوى الوطنية في بناء الدولة المصرية الحديثة، كل ذلك حول رئيس يقنع الجميع بصدقه ومصداقيته وأعماله، بأنه على مسافة واحدة من الجميع. - كثير من الذين تم تثبيتهم، وسرقت أموالهم، أو سرقت سياراتهم، وعندما لجئوا إلى الشرطة أحالتهم لمساومة السارقين، فاشتاقوا إلى أن تكون لديهم دولة حقيقية وليست دولة لصوص وبلطجية، ومهما قيل لهم من أنك يا سيادة الرئيس لا يد لك في هذا، فإنهم لا يعفونك مطلقًا من مسئوليتك؛ فقد كنت تستطيع بسياستك أن تجمع الجميع تحت إمرتك وتجبرهم على طاعتك. - كثير من الذين تعطلت أعمالهم بسبب اختفاء السولار أو انقطاع التيار الكهربائي أو الكساد العام في الأسواق، وهم يعلمون جيدًا أنك لست المسئول المباشر عن ذلك، ولكنك المسئول عن الدولة كلها. - كثير من الذين لا يجدون القوت في بيوتهم، وغالبًا سيأتيهم رزقهم رغدًا في الميادين العامرة فلن يبرحوها، خاصة أن الأتوبيسات التي سيؤجرها فلول الحزب الوطني المنحل لتنقلهم إليها ستكون (ذهابًا فقط). - كثير من الذين ملأت الفضائيات عقولهم بأن الإخوان المسلمين لا يرجون إلا مصالهم وأهدافهم، ولا تعنيهم مصلحة مصر في شيء، وأنهم مستعمرون مغتصبون كارهون لكل ما هو مصري. ومهما قيل من تهافت هذا الكلام، ففي النهاية يا سيادة الرئيس كثيرون من الشرفاء البسطاء من شعبك مقتنعون به. - كثير من الذين يرون أنه مر عام كامل من ولايتك، ولا يزالون يعانون من جميع المشكلات القديمة بعد أن أضيفت إليها مشكلات جديدة، وهم يعتقدون أن بقاءك لسنوات أخرى لن يغير شيئًا، وهو مجرد مضيعة لعمر الوطن وأعمارهم دون جدوى، فحضرتك كما أنت، والمعوقات التي أمامك من قضاء وشرطة وغير ذلك لم تزل كما هي، فعلام ينتظرون إذًا؟! ما الأمل الذي يصبرون لتحقيقه؟! - كثير من الذين ضاقوا ذرعًا باستضعاف دولتهم، وضياع هيبتهم، وقطع طرقهم، وترويع أبنائهم، وهم يدركون جيدًا أنك لا تملك تغيير هذا الواقع المؤلم، (فلا رأي لمن لا يُطاع)، وأنت يا سيادة الرئيس غير مطاع، فعلام يضيعون ثلاث سنوات أخرى؟ - كثير من الذين ضاقوا بهذه الصورة الهزلية للدولة المصرية، حتى صارت سهرتا الخميس والجمعة آخر كل أسبوع مخصصتين للسخرية من رئيس الجمهورية، فاشتاق الناس لوطن مُصَان ورئيس لا يُهان. والمؤلم حقًا يا سيادة الرئيس أن كثيرًا من الذين سيخرجون للمطالبة بإسقاطك في 30 يونيه هم من الذين كانوا قد منحوك أصواتهم في انتخابات الرئاسة. لذلك كنت أرجو يا سيادة الرئيس ما دمت أشرت في خطابك إلى 30 يونيه أن ترد على جميع هؤلاء، ربما استطعت أن تقنعهم بعدم النزول، فليسوا جميعًا من الفلول. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.