بينما كان الرئيس محمد مرسي يمتطي صهوة موكبه الذي يقدر بعشرات من السيارة الفارهة ويلوح لأنصاره من أهله وعشيرته وجماعته قبل وأثناء وبعد المؤتمر الشعبي الذي أقيم قبل أيام، لمناقشة أزمة سد النهضة الإثيوبي بدعوة من حزب الحرية والعدالة.. كانت دماء الشهيد محمد أبوشقرة أحد أبناء مصر البررة تسيل على أرض سيناء المروية بدماء مئات الآلاف من خيرة شباب مصر، من أجل أن طرد العدو الإسرائيلي لتستعيد أرض الكنانة جزءًا عزيزًا من أرضها. لم يكن أبو شقرة الأول ولن يكون الأخير ما دام لدينا أبناء شرفاء يتصدون للمجرمين والإرهابيين ويدفعون أرواحهم ثمنًا بخسًا فداءً لكل ذرة من تراب مصر. كان مشهدًا مثيرًا للشفقة والسخرية على هؤلاء الذين فقدوا الإحساس بوجع وجراح الوطن وبقيمته واختصروه في شخص واحد.. يهرولون خلفه.. يرفعون صوره.. ويتغنون باسمه.. ينصبونه بطلاً مغوارًا منتصرًا.. رغم أنهم يدركون أنهم جميعًا "فاشلون" ويجرجرون ذيول الخيبة منذ أن ابتلى الله بهم مصر ليختبر صبر أهلها.. كانت مسرحية "الجماعة" وأنصارها ومحبيها والمتعاطفين معها والمتمسحين بها.. "فاشلة" باقتدار منقطع النظير.. كان الإخراج التليفزيوني فاشلاً لمخرج يدعي أنه "شاطر" أعاد به سيناريو أسلافه صفوت الشريف وأحمد عز وزكريا عزمي.. وكان بطل "العرض" أفشل منهم.. بينما كان الأسوأ هم المشاهدون ال"هتيفة" بالأجرة.. فقد كان التصفيق من مأجورين يقبضون من مكتب توريد "خرفان" لصاحبه "بديع". كل هذه المشاهد "المضحكة" التي حفظها المصريون عن ظهر قلب لمدة سنوات إبان النظام السابق لم تعد "تخيل" عليهم، لذا نطق كل من شاهد "المسرحية العبيطة" بكلمة واحدة "العبوا غيرها"! كل هذا يتضاءل أمام دموع والدة النقيب محمد أبو شقرة، الضابط بإدارة مكافحة الإرهاب وأحد أبناء مركز طامية بالفيوم الذي اغتالته أيدي الغدر من مجرمين وإرهابيين وهو في مهمة رسمية بالعريش.. فقد أبكت والدة الشهيد كل من شاهد تسجيلا لها وهي تناجي فلذة كبدها، وتدعو لها أن يتقبله الله شهيدًا ويسكنه فسيح جناته، وهي تؤكد أنها ودعت الفرحة بيوم رحيله.. ولم تكن دموعنا كافية من عيون أدماها فقد شاب مصري وطني جميل في مقتبل حياته.. وما زالت قلوبنا تبكي على زهرة شبابنا من الجنود الذين اقتطفتهم رصاصات الغدر في رمضان الماضي.. وعلى كل قطرة دم طاهرة تسيل من جسد أي جندي مصري شريف يواجه الإرهاب الذي يسعى لفصل سيناء من جسد مصر الأم.. رحمك الله يا شهيد الواجب والوطن.. وألهم أمك الصبر على فراقك.. * الكآبة في كل بيت في مصر أزاح الله من زرعها في قلوبنا.. كنا نستمتع ونحن صغار عندما كان يقص علينا الجد أو الجدة حكايات من الزمن الجميل عن مصر التي كانت قبلة العلم في العالم الإسلامي وخرجت عمالقة العلوم والأدب.. ثم جاء اليوم الذي نشاهد فيه نسف كل الأعمال الثقافية بزعم أنها "رجس" من عمل الشيطان ومن أقامها علماني "كافر"، وأن كل قيادات الوزارة "حرامية وشيوخ منصر".. والأغرب أن من يتدخل بشكل سافر في بعض الأزمات مثل "كارثة" وزير الثقافة المحتدمة حاليًا بعض الجهلاء الذين لا يعرفون قيمة مصر.. فهل من بين من ذهب لفض اعتصام المثقفين في وزارتهم أديب أو شاعر؟.. أشك إن كان أغلبهم قرأ يومًا كتابًا أو حضر ندوة ثقافية.. فقط كان عليهم السمع والطاعة بعدما صدرت الأوامر بالهجوم على من يرفضون سياسة الوزير "الإخواني" الذي ينفذ أجندة مكتب "الإرشاد".. وهذه هي الطامة الكبرى التي تعيشها مصر.. جهلاء يتصدون لعلماء بل يسعون لاغتيالهم.. حمى الله مصر من الجهلاء والأغبياء.