هالنى ما شاهدت من وجوه كريهة شرسة، يطل منها العنف والبغضاء بكل أشكاله وألوانه.. فى جلسات أبعد ما تكون عن وصفها ببرامج الحوار أو النقاش، أو التحليل لوضعنا السياسى الراهن فى الشأن الداخلى الذى تمر به مصر الآن متعثرة مكتئبة غير متفائلة، خصوصًا بعد أن طفا على مشهدها جهلاء عديمو الخبرة والمعرفة فى إدارة شؤون البلاد، فأردوها أرضًا كالذبيحة السليخة التى التفّ من حولها النهّاشون والمتربصون يسيل لعابهم لاغتنام حصة وفيرة من هذا الجسد الطريح الذى لا حول له ولا قوة.. ولا ثورة له ولا حرية..!! وعلى الرغم من ثبوت الرؤية فى كل ما يدار من مخططات التآمر الساعى إلى هدم مؤسسات الدولة وتبديد عراقتها، وإهدار كرامتها بين دول العالم، فتبدو وكأنها أشلاء دولة أصابها الوهن وأعياها الانفلات الأمنى وجففها الفقر، فتيبّست شرايينها وغابت عن الوعى والركب. إلا أن هؤلاء يفرطون فى التصدى بعنف لكل مَن يحاول من أبناء مصر الشرفاء أن يأخذ بيدها لتهمّ واقفة وتتماسك لتنهض من جديد.. «ولما تنهض.. ونحن نختزن لها مشروع النهضة اللوّلبية المطهى على طشّة الملوخية!!». هذا ما ترد به عقولهم الصدئة الضيّقة المندهشة من غيرة وحمية البعض على هذا الوطن الجريح!! لكن على أرض الواقع.. لا نهضة رأينا.. ولا ملوخية طهينا.. ولا طشّة أخبلت عقولنا فشهقنا!! وتنتشر كتيبة من المدافعين الشرسين عن جهل الأداء، من فرط الولاء.. فيخرجون علينا ينسلون من محطاتهم الفضائية العاجزة عن استقطاب جموع البشر من العقلاء الأسوياء، فيوجّهوا خطابهم إلى أنفسهم، أو إلى ذويهم وعشيرتهم المغيبين عن الوعى بعد أن سلبت إرادتهم تحت دعوى الالتزام بمبدأ السمع والطاعة..!! هؤلاء لا يستضيفون للحوار آراء مناقضة لهم.. ولا يدخل عليهم مثقف «خالع رأسه» أبدًا! فكل مَن هو سواهم.. أو ليس منهم.. يصنّفونه كعلمانى أو ليبرالى أو فاسق فاجر أو داعر وضيع.. مثواه جهنم وبئس المصير.. وكأن جهنم «والعياذ بالله» قد باتت رهن إشارتهم «حاشا له»!!.. فهم مَن يملكون صكوك التشييع إلى جهنم.. كما ملكوا صكوك النعيم لأنفسهم وعشيرتهم..! «اللهم الطف بنا فى ما جرت به المقادير».. رأيت وسمعت ما لم يخطر ببال بشر أن يبث على شاشات الفضائيات، المفترض أنها تحمل شعار وراية الإسلام الحنيف لتبث خلقه الراقى الناصع وتعاليمه السمحاء. رأيت بشرًا منفّرين ذوى غلظة شديدة، ووجوه عابثة، وعيون تطل منها نظرات حادة جارحة.. وألسنة سليطة تتناثر منها الشتائم والسباب والبذاءات كسيل من مطر تتراشق شظاياه فى كل وأى اتجاه.. ومع شديد الاعتذار للسادة الإعلاميين الأفاضل الذين طالهم هذا التعدّى السافر الذى يعاقب عليه القانون.. لو صحا القانون من غفوته وتعفّف وتنزّه عن التحيّز للجماعة الحاكمة الراكبة والمدلّدلة ساقيها فوق رقاب البشر من خلق الله.. لساق هؤلاء فى حزمة واحدة إلى ساحات القضاء فى قضايا سب وقذف وتشهير متوافرة الأركان والأدلة والشروط والبراهين بالصوت والصورة واللحية والمنخار والعرقوب والزبيبة الملصوقة.. وثقل الدم المتناهى والمتلاشى خلف ابتسامات صفراء شاحبة مفتعلة بغتاتة فاقعة، وغياب حصرى للمراوح التى تروّح عن قلوب المشاهدين الذين يصابون بذعر وغثيان مصاحب بارتفاع فى ضغط الدم واحتراق السكر والشاى والبن والينسون.. إذا ما تصادف وألقى بهم قدرهم التعس إلى مشاهدة هؤلاء.. وعذرًا أيها الإعلاميون الشرفاء أن أذكر ما قيل عنكم وهالنى وصدمنى.. فقد اختص هذا الإرهابى الفظ كل من وائل الإبراشى ولميس الحديدى وإبراهيم عيسى بالشتائم والسباب والتهديد والوعيد، مستخدمًا كلمة «الكلب» مصاحبة لكل منهم عند ذكر اسمه!! ويوجّه اللوم إلى الرئيس مرسى الذى حرمهم فرصة التنكيل بهؤلاء.. ذاكرًا أنه لو كان الأمر بيده لقتلهم وأعدمهم جميعًا..! يا خفىّ الألطاف نجنا مما نخاف! إرهاب حصرى مباشر على الهواء.. فى دنيا «الميغة» والسداح والمداح فى عزبة أباطرة العصر وطغاة الأوان.. والأبعدية التى ورثها الإخوان بالأرض ومن عليها ومن تحتها ومن تسوّل له نفسه لمجرد المرور منها! فلا خوف من القانون ولا هم يحزنون.. ويا بخت من كان النقيب خاله! وناهيك بالإيماءات والإشارات لسب نساء مصر وطعنهن فى شرفهن.. فيحرّك صاحبنا المدجّج بأدوات الإرهاب حاجبيه ويغمز بعينيه غمزات منحرفة موتورة غير بريئة وهو يوجّه كلامه لنساء مصر «إنتوا إيه اللى يوديكم تتزنّقوا فى التحرير.. رايحيين تعملوا إيه هناك؟!».. هؤلاء لا يلاحقون قضائيًّا ولا تهدّد حريتهم.. لكن «سحرة فرعون» من العارفين بالمهنة وآلياتها هم على مرمى بنادق الغدر والخسّة بين الحين والآخر.. فهم الأكثر إقناعًا وانتشارًا وتأثيرًا بالمنطق والحجّة والدليل والصورة فى عقول المشاهدين.. وكمان دمهم خفيف على قلب المشاهد.. مقبلين وليسوا منفّرين... باسمون وليسوا حازمون!!... هذا هو السرّ فى طشّة الملوخية التى يشهق لها الجميع.. ولا تؤتى ثمارها مع كتيبة البذاءة.