تحت رعاية معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، وبالتعاون مع جمعية الملتقى الإفريقى والمجلس المصرى للشئون الإفريقية والمعهد العالى للدراسات النوعية، عُقدت فى مساء الأربعاء 12 يونيه 2013 جلسة مغلقة فى غاية الأهمية والخطورة تحت عنوان: "مصر وسد النهضة الإثيوبى". حضرها لفيف من الخبراء والفنيين، على رأسهم د.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والدكتور السيد فليفل مستشار رئيس الوزراء، والدكتور على الغتيت أستاذ القانون الدولى، والدكتور عارف غريب عضو اللجنة الدولية للخبراء لدراسة سد النهضة، والدكتور أحمد شحاتة الخبير الجغرافى، وعدد غير قليل من الخبراء والمتخصصين بشأن المياه والسدود والسياسة والجغرافيا والهندسة والتاريخ، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الأمنيين والفنيين. فتحدث الدكتور عارف غريب عن الجوانب الفنية لسد النهضة فى ضوء تقرير لجنة الخبراء. وتحدث الدكتور السيد فليفل حول رؤية استراتيجية للمصالح المشتركة بين مصر وإثيوبيا. وتحدث الدكتور أحمد شحاتة عن الأثار المتوقعة لسد النهضة على مصر والسودان، بجملة أوراق ثلاث، كانت المحور الرئيسى الذى دارت حوله المداخلات والمقترحات عبر جلسة امتدت لأربع ساعات كاملة. أهمية هذه الجلسة أنها فنية وسياسية بالدرجة الأولى، اختلف فيها المتخصصون فى جوانب، واتفقوا فى جوانب كثيرة. منهم من تحدث عن قيام إثيوبيا بإنجاز 21% من السد، فى حين أشار آخرون إلى عدم بناء أى شيء حتى الآن، اللهم إلا بناء صغير لتحويل المجرى فقط. معلومات مهمة قدمتها جلسة الخبراء، حول سقوط 936 مليارًا على إثيوبيا فى السنة، لا تستفيد منها إلا ب122 مليار متر مكعب فقط، وأن 72% من مياه مصر تأتى من النيل الأزرق من جملة 85% تأتى من أنهار إثيوبيا الأخرى. وأن 44% من هذه المياه تستفيد منها السودان، وأن بناء السد فى موقعه الحالى على مسافة 15 كم من الحدود السودانية الإثيوبية، هو الذى ضخم مساحة التخزين الحالية ب74 مليار متر مكعب، بعد تغيير الموقع الأصلى للسد، والذى كان على بعد 40 كم فى تصميمه الأولى. وأن إثيوبيا ضيعت سنة كاملة على مصر حول الاتفاق على الأربعة خبراء الدوليين فى اللجنة المشكلة من عضوين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا. وأن جملة التصميمات ال 16 المقدمة من الجانب الإثيوبى عبارة عن نسخة أولية سيئة وغير مدروسة جيدًا. وأخطر المسائل التى ألمحت إليها الجلسة بأن تدمير السودان الشمالى إذا كان يتطلب فى السابق 500 مليار دولار لتدميره، فإن دفع 5 مليارات دولار مساهمة فى تمويل السد، هى كفيلة بتدميره كاملا فى بحر أسبوع. لامت الجلسة عدم الاعتراض على المشروع فى بدايته، وعدم إعداد الملف القانونى حتى الآن لاستخدامه فى التوقيت المناسب لدى جميع الهيئات والمنظمات الدولية. وصححت بعض المفاهيم التى حاول البعض إلصاقها، بسوء استخدام المصريين للمياه داخليًا. فقالت إن مصر من أكبر الدول كفاءة فى العالم فى استخدام المياه المحلية، وإنها من أفضل الدول فى تدوير مياه الصرف الصحى، بجملة 20 مليار متر مكعب فى السنة. ونبهت إلى ضرورة مخاطبة المجتمع الدولى، بأن ما تقوم به إثيوبيا لا يعد تعديًا على الاتفاقيات وحقوق مصر التاريخية فقط، بل هو حرب إبادة للمصريين جميعًا. وانزعج الخبراء من سياسة الأمر الواقع التى تمارسها إثيوبيا، ومن البلطجة الدولية التى فرضتها شرعية عنتيبى والمسيسون هناك. ومن الدور الذى تلعبه القوى الخارجية فى ملف المياه، من خلال الضغط على مصر وابتزازها من خارج حدودها الرسمية. وأوصت اللجنة بعدة توصيات أهمها: ضرورة التحرك السياسى وعقد اجتماع ثلاثى لدول الحوض الشرقى، مصر والسودان وإثيوبيا. ثم تكوين هيئة مصرية عليا لإدارة ملف المياه، والتفاوض مع إثيوبيا حول السياسة المائية لها إجمالا. وكذلك البدء فى إعداد الملف القانونى لاستخدامه فى التوقيت المناسب. وأن كل الخيارات تظل مفتوحة، بما فيها الخيار العسكرى، بعد إقناعها بوجوب العودة للمكان الأصلى للتخزين وضرورة خفضه، وتقليل التعلية والارتفاع بأى طريقة كانت. وأن حقوق مصر لا تحفظها المعاهدات التاريخية فقط، بل هى محفوظة من تلقاء نفسها بحكم التاريخ والجغرافيا، منذ قدماء المصريين، مرورًا بعصرها الوسيط والإسلامى، وصولا لتاريخها الحديث والمعاصر. وتطرقت الجلسة لمقترحات أخرى عديدة، لا داعى لذكرها فى هذا المقام، حتى لا نتيح الفرصة لغيرنا فى استغلالها ضدنا وضد مصالحنا. حفظ الله الوطن ورعاه، وحفظ مياهه ووجوده وبقاءه أبد الآبدين.