أثار فيّ مقال السيد الأستاذ الدكتور الجليل/ سعيد إسماعيل علي الشجن و الحزن على حال العلم بمصر و حال الجامعة و ما صارت إليه مما نعلم في مقاله المعنون ( كما تكونوا ..تَكُن جامعتكم !) ورغم قسوة العنوان (وصحته) و ما يثيره في النفس من مشاعر و أحاسيس أبرزها رهافة حس الدكتور و مدى حزنه على ما آل إليه الحال و شعور بالشفقة على خبير من خبراء مصر و إستعداداً للعون إن إستطعنا. وقد تداعت الأفكار إلى رأسي فأثرت أن أكتبها هاهنا علّه يطّلع عليها فإن أعجبته كسبنا سروراً قد يدخل قلبه و يكون دعمه لها أحسن دعم تحصل عليه و قد يزيد عليها من خبرته ما قد يصل بها حداً يتمناه هو لجامعاتنا. و إن لم تعجبه (وهو ما قد يزيده حزناً) فأرجوه أن يعتبر الإقتراح كأن لم يكن. أظن يا سيدي الدكتور - و أرجو أن تأذن لي بهذا الإقتراح - أنه يمكن أن يعود الحال العلمي و التعليمي و البحثي كالحال أول أيام الجامعة (أي العلم للعلم و من ثم لتقدم الدولة وقوتها) عن طريق إنشاء المعاهد البحثية العُليا (وكفانا خوفاً من كلمة معهد!) و مراكز البحث النظري و العملي (و لدينا منها نواة تسمح بذلك.) لكن المشكلة تكمن في غياب الرقابة! نعم الرقابة على الأداء. دعني أضرب مثلاً حتى تتضح الفكرة. هنا مثلاً متى يتم تعيين الأستاذ كأستاذ مساعد في البداية و يعطى فترة خمس سنوات مع مبلغ من المال لتأسيس مجموعة بحثيه و إستئجار طلاب للعمل معه ثم ينظر في نتيجة عمله و تقدمه و بحوثه المنشورة. فإن كان على المستوى - و إلا لم يتم التجديد له - عن طريق ترقيته إلى أستاذ مشارك ثم أستاذ - و أحياناً تكون الترقية عن طريق إعلان عن وظيفة في جامعة أخرى مثلاً. سيمكن الحكم على الأستاذ عن طريق تحديد عدد أبحاث معين خلال فترة عدة سنوات - يتم تحديدها - ليتم النظر في أمر الباحث. ومنعاً للخواطر و المحسوبية (على الأقل في البداية) يكون النشر في مجلات علمية عالمية و ما أكثر المجلات العلمية العالمية المحترمة (مع الأخذ في الإعتبار أن ليست كل مجلة أجنبية علمية تكون ذات حيثية.) فإذا نجحنا في كل ذلك ستتبقى مشكلات التمويل - و هذه يمكن حلها عن طريق الدولة بحيث تكون هناك خطة علمية مدروسة لها لتمويل هذه المراكز و عن طريق إستقبال التبرعات التي تخصم من الضريبة المطلوبة من المتبرع عن طريق إضافة نسبة لها. مثلاً: إن تبرع رجل أعمال أو صاحب عمل لمركز أبحاث العلوم الطبيعية بمبلغ 1000 دولار يمكن أن يخصم منه ضريبياً على أنه قد تبرع ب 1050 دولاراً على أن يكون حد التبرع الأقصى 30% من قيمة الضرائب الإجمالية المستحقة على المتبرع (حتى نضمن أن لا تتأثر موارد الدولة - و يمكن تقليل النسبة أو زيادتها) و بهذا - إن نجح - تبطل حجج الكسالى من أن التمويل و البيئة و الظروف لا تسمح. يكون التعيين في هذه المعاهد و المراكز بالإقتراع السري بين أعضاء مجالس إدارتها - أو جمعيتها العمومية إذ أن هذه أفضل طريقة لمنع الوساطة و بدون هذه النقطة ينهدم إقتراحي كله. من المستحيل أن تتفق الأغلبية على شخص يكون ذا وساطة و إن حدث فالعيب لن يكون في النظام ساعتها. أمر أخر مهم و هو زرع حب البلد في قلوب البحاث منذ الصغر في المدارس حتى لا يكون الباحث باحثاً بعقلية موظف يطلب اليوم علاوة و يحارب غداً على البدل. على الأقل تسمح الدولة لعقولها بالعمل كفئة لا يفضل السيطرة عليها (و أهه تنفع في الدعاية للحكومة - يعني مش لازم كل فئات المجتمع تحت السيطرة - و إلا إيه؟) لكم أرجو أن يكون إقتراحي عملياً و بهذا تعود إلى مصر مكانتها العلمية التي فقدتها يوم تحولت الجامعة إلى مراكز لتفريخ الموظفين Masry in USA