ما أقسى أن يوضع رجل فى مواجهة كل الظروف الصعبة دفعة واحدة والمطلوب منه مواجهة كل ظرف والوقوف على أسبابه والمشاكل الناجمة عنه وحلها، والطامة الكبرى أن أصحاب كل مشكلة يريدون حل مشكلتهم أولاً، وإلا قطع الطرق والمظاهرات وافتعال الأزمات، تخيلوا معى من منا يستطيع تحمل كل ذلك وينجز فيه وهناك من يضع الغمامة على وجهه ولا يريده أن يرى غير مصلحته هو، أو هو وأتباعه فقط، وهناك من يضع العراقيل لتعطيله عن السير حتى ببطء ولكن إلى الأمام، وهناك من يفتعل الأزمات، وهناك من يمسك بيديه ويجرده من كل قوته وطاقته، وهناك من يتعامل مع دول أخرى كى تسانده ضده، وهناك نذر حرب تدق طبولها فى الأفق لا يعلم مداها إلا الله، وهناك تهديد خارجى من نقص المياه التى بدلاً من أن يسعى الرجل لزيادتها وزيادة مواردها وجدها مهدد بالنقصان، ثم فوق كل ذلك هناك عدو ماكر غادر يعد العدة للانقضاض على كل شيء، ألم يكن الأجدر بنا بدلاً من أن نلوم هذا الرجل أن ندعو له جميعًا ونقف بجانبه كى يعينه الله ويثبته بدلاً من مهاجمته ليلاً ونهارًا فى كل البكائيات الليلية التى لا أدرى لماذا يسكت عليها، برغم أنها تفت فى عضد الوطن وتثير الفتنة ليلاً ونهارًا. قد يرد البعض ويقول من باب السفسطة إنه لم يستطع إنجاز وتحمل كل ما هو مطلوب منه، فعليه ترك المكان فورًا، وهذا ما يفعله المتمردون والمطالبون بقلب نظام الحكم، وهى أن يترك الرئيس لهم الساحة وليذهب هو ومؤيدوه إلى السجن وليس إلى مكان آخر، إنها الغوغائية المقيتة والنتيجة الطبيعية عندما تسلم قلبك وعقلك إلى من يتلاعبون بك وبمشاعرك، نعم قد تكون هناك إحباطات للبعض، قد تكون هناك مشاكل اقتصادية ملحة والأخطر من كل ذلك هناك الفقراء والمعدمين ومن لا عائل لهم، وكل هؤلاء لهم حقوق وعليهم واجبات، تمامًا مثل بقية أفراد المجتمع، صحيح أنهم دفعوا فوق طاقاتهم لفترات طويلة تمثلت فى القهر المتواصل، بل المتوارث لهم ولعائلاتهم، دفعوا فوق طاقاتهم صبرًا وتحملاً قهرًا وجبرًا وليس حبًا فى الصبر، كثير منهم دفع صحته ثمنًا لإهمال النخب وتلوث عقولهم بل وفسادهم أيضًا، منهم من دفع سنوات حياته وراء أسوار مظلمة كان لا يعرف متى سيبرحها، حتى جاءت ثورة 25 يناير لتزيح عنهم كابوسًا ما كان لأحد أن يتصور أنه من الممكن أن يتحرك ولو قيد أنملة. نعود إلى الوضع القاسى الذى يتعرض له الرجل الذى أيده من أيده ورفض تأييده من رفض، وفى النهاية لا نستطيع إلا أن نقول إن الولاية العظمى لا تأتى إلا من الله، فالله وحده قدر لنا ذلك، وقد رضى كثير منا بهذا واختاروه طواعية، حتى أصبح الدكتور محمد مرسى هو الرئيس المصرى المنتخب انتخابًا شرعيًا وديمقراطيًا، وبالتالى لا بد أن نصبر عليه حتى ينهى فترته الأولى والناس بعد ذلك تستطيع أن تختار من تشاء، وما زلت أقول إنه فى النهاية: الولاية العظمى من الله والله وحده هو من يختار لنا، ونحن لسنا إلا السبب فقط، وليس لنا إرادة فى ذلك، رضى من رضى وأبى من أبى، وإن كان مقدرًا لنا أن الرئيس د.مرسى هو من سيتولى الولاية الثانية لن تستطيع قوى على ظهر الأرض أن تغير من ذلك شيئًا والأيام بيننا، أو ليس الله سبحانه وتعالى القائل فى كتابه الحكيم.. بسم الله الرحمن الرحيم "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ المُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ.." صدق الله العظيم، ]آلِ عِمرَان: 26 [ لذلك هناك للأسف كثيرون فهموا الديمقراطية بطريقة مقلوبة، ولا يوجد فى أدبيات السياسة على مر التاريخ القديم والحديث ما يحدث من شطحات وسقطات بقدر ما يحدث فى مصر هذه الأيام حتى أن من كانوا ينادون بالديمقراطية كفروا بها، لأنها لم تحقق لهم أهدافهم، وقالوا كلامًا شبيهًا بكلام رئيس الوزراء السابق بأن الشعب لم ينضج بعد، وليست الديمقراطية هى الحل، إذا من وجهة نظرهم الديمقراطية ليست هى الحل، ومن قبله قالوا إن الإسلام ليس هو الحل، إذًا ما هو الحل يا سادة؟ والحل من وجهة نظرهم ووفق أيديولوجياتهم وأدبياتهم هو التقسيم السياسى، بمعنى إما أن نشارك فى الحكم أو نهدم المعبد على من فيه، هذا ما يريدونه وهذا غير موجود فى أى مجتمع فى أى بقعة من العالم، لذلك كل المؤسسات القائمة فى الدولة من جيش وشرطة وقضاء وإعلام حر ومؤسسات تعليمية وغيرها من المؤسسات عليها أن تتكاتف جميعا وألا تسمح بأن يعود البلد إلى نكسة لن تقوم منها ولو بعد عشرات السنين إذا ما تم ما يدبر فى الخفاء من الانقلاب على الشرعية وعلى رئيس الدولة، حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا اللهم آمين. كما قلت وغيرى كثيرون، إن من يريد كسر الجيش المصرى فهو واهم، هذا الجيش بقيادته الحالية الوطنية أدرك جيدًا دوره الوطنى فى الحدود المترامية الأطراف، كما أدرك دوره فى حماية الشرعية والرئيس المنتخب، ولأن الجيش الآن به قيادة عاقلة ورشيدة يدرك تمامًا أن عليه واجب بناء القوات المسلحة من جديد بأسلوب عصرى وحديث، حتى يصبح فى مصاف الجيوش العملاقة القادرة على بسط نفوز الدولة المصرية على كامل ترابها الوطنى، أيها الواهمون ويا أيها العملاء ابتعدوا عن الجيش، فالجيش يدرك معنى الانقلابات العسكرية، ولن يفعل ذلك من أجل أحد، فمن له مشكلة عليه التوجه إلى صندوق الانتخابات حتى يحقق ما يريد، لأن البلد به شعب هو من يقرر ويختار، اعرضوا بضاعتكم الفاسدة على الشعب، فإن قبلها فهنيئًا لكم، وإن رفضها فلتخسئوا، وأظنكم يومًا ما ستخسئون، لأنكم لن تتفقوا على من يكون وليكم وقائدكم. إن دخول الجيش والشرطة بفعل فاعل فى العملية السياسية، سواء بالمشاركة فى الانتخابات والتصويت لحزب بعينه لهو صك بتسييس القوات المسلحة والشرطة، والسؤال هو: كيف يكون لمن يحمى العملية الانتخابية ويحافظ على حسن سيرها وسلامتها وإدارتها أن يشارك فى اختيار الأعضاء للمجالس النيابية تمامًا كالقاضى الذى يقف على الصندوق، وإن دل ذلك فإنه يدل على دق أول مسمار فى صلابة القوات المسلحة وتماسكها، ولأنها عصية على الاختراق والتسييس سواء بالاستدعاء أو طلب النجدة من قبل فئة خسرت الانتخابات النيابية والرئاسية وتعلم يقينا أنها ستخسر أى انتخابات قادمة، فلجأ أصحابها فى السابق إلى استدعاء القوات المسلحة على التدخل لصالحهم لتمكنهم من السيطرة على مقاليد الأمور، ثم ينقلبون عليها هم أنفسهم كما فعلوها سابقا وطالبوا بإبعاد الجيش عن السلطة، والهدف فى الحالتين واحد وهو تفتيت القوات المسلحة بالقانون وبحجة المساواة، طالما لم تعد الخيارات التى طرحت خلال العامين الماضيين نفعًا فى جرجرة الجيش وقادته إلى أتون المعركة السياسية بين الأحزاب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.