ترددت أنباء صحفية حول مفاوضات تجريها الحكومة من أجل الإفراج الصحي عن الرئيس المخلوع حسني مبارك مقابل التنازل عن 75% من ثروته وثروة أبنائه عن طريق وسيط مقرّب من عائلة مبارك، على صلة بقيادة إخوانية تتولّى تسوية الملف مع المسؤولين. بداية أجزم أن هذه الأنباء غير صحيحة بالمرة رغم المذكرة التي قيل أن فريد الديب محامي الرئيس السابق، تقدّم بها إلى النائب العام، يطلب فيها تسوية قضايا الفساد المتهم فيها مبارك مقابل التنازل عن 50% من ثروة المخلوع ونجليه. وهذا ما نفاه المستشار مصطفى الحسيني، المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة، وتأكيده أن النيابة العامة لا تجري أي تصالح مع رموز النظام السابق، خاصة في قضايا قتل المتظاهرين. ورغم ذلك أعتقد أن مثل هذه الأنباء تثار من أجل التمهيد لشيء يعد في الكواليس أو لتهيئة الشعب لقبول أمر يبيت بليل. إذا كان البعض يتصور أن مبارك مثل حسين سالم الذي عرض التنازل عن جزء من ثروته مقابل العفو عنه وعودته إلى مصر أو رشيد محمد رشيد أحد وزراء العهد البائد، فإن هؤلاء واهمون، لأن سالم في النهاية ليس أكثر من لص أو رجل أعمال فاسد نهب أموال البلاد لكنه ليس مسئولًا عن دماء وعن اعتقالات وتعذيب وسجون واضطهاد وعمالة لدول أجنبية على حساب مصر ومحاربة دين الله طوال ثلاثة عقود ...... وهو ما ينطبق أيضًا على رشيد. أقول لمن يحاولون الترويج أو التمهيد لهذه الأطروحات إن قضية الشعب المصري مع مبارك ليست قضية أموال أو مظالم مادية أو اجتماعية فقط وإنما دماء استبيحت ومحارم انتهكت وحقوق اغتصبت وخيانة للعرب والمسلمين وموالاة للأمريكان والأوروبيين والإسرائيليين وبلاد أهينت وعاشت سنوات بدون كرامة. وانصح من يسعون في هذا الملف أن يتوقفوا، لأنهم يرتكبون جريمة في حق مصر وأبنائها لا تقل عن جرائم مبارك وأقول لهؤلاء لو كان لديهم بقية من دين أو ضمير أو وطنية توقفوا وإلا ستلحق بكم لعنة المخلوع ولو بعد حين. إن مصر لم تكن تشغل بال مبارك في قليل أو كثير فهو لم يكن يرى منها إلا كرسي الحكم يتربع عليه طوال حياته ثم يسلمه لولي عهده الميمون جمال بن سوزان، ومن أجل هذا الهدف ومن أجل عيون الهانم ارتكب جرائم فاقت بشاعتها جرائم الصهاينة في فلسطين. والقتل الذي مارسه المخلوع ضد أبناء مصر لا يقتصر كما يريد البعض أن يصوره على مئات قتلوا خلال أيام ثورة 25 يناير وإنما يشمل جرائم كبيرة لا تعد ولا تحصى منها أحداث الأمن المركزي وأحداث أسيوط التي قتل خلالها الآلاف في حقبة الثمانينيات، بالإضافة إلى سلسلة التفجيرات التي غطت ربوع مصر من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها وكانت تنسب زورًا وبهتانًا إلى تنظيمات أجنبية مثل القاعدة التي لا وجود لها إلا في مخيلة الزعماء القتلة والمجرمين في العالم وعلى رأسهم المخلوع أو تنسب لجماعات إسلامية داخل مصر وهي شماعة كان يعلق عليها النظام البائد جرائمه ناهيك عن أبناء التيار الإسلامي الذين قتل منهم عدد لم يتم حصره حتى الآن بجانب الاعتقالات والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان واستباحة حرمات البيوت على يد من عرفوا بزوار الفجر. وهذا الرجل الذي فقد كل مشاعر الإنسانية وتأكد الجميع أن توليه المسئولية في مصر كان غلطة كبرى يتحمل نتائجها زعماء ومسئولون سابقون كما أن استمراره في الرئاسة طوال ثلاثة عقود تتحمل مسئوليته مؤسسات سيادية في مصر على رأسها وزارة الداخلية وجهاز الأمن على وجه الخصوص. ومن المؤكد أن مثل هذا الرجل ومثل هؤلاء الذين يسعون لمصالحة يتم العفو بمقتضاها عنه وعن أبنائه لم يقرأوا قول الله تعالى: ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً ) [ النساء : 93 ] . أو قوله تعالى: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )) [ المائدة : 32 ] ولم يقرأوا حديث النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أكبر الكبائر: الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور)، ونسأل الله العفو والعافية. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.