أعلنت جماعة الإخوان المسلمين عن رفضها العفوعن الرئيس المخلوع حسنى مبارك مؤكدة أن العفو هو نذير بالهلال وتشجيع علي العدوان ودعوة صريحة للفوضي وقالت الجماعة في بيان لها اليوم تحت عنوان " بيان من الإخوان المسلمين حول محاولة العفو عن الرئيس المخلوع وأسرته. "طالعتنا أنباء صادمة بأن هناك جهات تضغط من أجل العفو عن الرئيس المخلوع وأسرته مقابل التنازل عن حفنة الملايين التى عجزوا عن تهريبها إلى الخارج مثلما هربوا المليارات من قبل"، وأضافت ذكرنا الحديث عن العفو بقول الرسول حينما حاول أسامة بن زيد أن يشفع للمرأة المخزومية التى سرقت حتى لا يقام عليها الحد ، تذكرناه وصوته يجلجل فى آذان الناس والزمان والكون "إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذى نفسى بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها" وتذكرنا قوله تعالى ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون فالاستثناء فى حكم القانون إنما هو نذير بالهلاك ، وتشجيع على العدوان على الحياة ودعوة صريحة للفوضى . وتساءل البيان :لماذا يقتصر هذا العفو على هذه الأسرة التى أجرمت فى حق الله والوطن والشعب، لماذا لا يشمل وزير الداخلية الأسبق ورجاله ، وبقية المسئولين والوزراء ورجال الأعمال وزعماء موقعة الجمل ؟ لماذا هذا الحنان وهذه الرأفة والله تعالى يقول فى حق مرتكب جريمة واحدة " ولا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ولْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ "فما بالكم بمن اقترف ملايين الجرائم ؟ ثم أين الرأفة والرحمة بالضحايا والمعذبين والمجنى عليهم؟ ولماذا لا يتم الإفراج عن كل المجرمين فى السجون مهما كانت جرائمهم ؟ إذا كانت هناك نية للإفراج عن عتاة المجرمين : الرئيس وأسرته وأعوانه ؟ ألا يكون عدم الإفراج عن المجرمين الصغار ظلما وتمييزا بسبب المنصب ؟ واستكملوا تسائلوتهم : ألم تنص المادة (7) من الإعلان الدستورى على أن « المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة » ألم تنص المادة (25) من الإعلان الدستورى على أن « رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية ويسهر على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور وسيادة القانون ... » ألا يهدر العفو عن هؤلاء المجرمين سيادة الشعب وسيادة القانون ويكرس عدم احترام الدستور ؟ وقالت الجماعة :إن المسألة ليست فى نهب ثروات مصر فقط وتهريبها للخارج من هذه الأسرة وأعوانها ، ولا فى الاستيلاء على أراضيها وتوزيعها على الأتباع والأذناب فقط ، ولا فى إفقار الشعب وإذلاله فقط ، ولا فى تخريب الاقتصاد القومى وانهياره وتراكم الديون الخارجية والداخلية عليه فقط ولا فى بطالة الشباب والشابات وعجزهم عن الزواج فحسب ولا فى انتشار الأمراض الخطيرة كالسرطان والفشل الكلوى وإهمال مرافق الصحة فقط ، ولا فى انهيار التعليم العام والجامعى والبحث العلمى فقط ، وإنما أيضا فى تحويل مصر إلى دولة بوليسية تنشر الرعب والإرهاب بين الناس ، وفى اعتقال مئات الآلاف دون محاكمة ، وفى التعذيب الوحشى لعشرات الآلاف ، وقتل الناس تحت التعذيب أو بأحكام استثنائية جائرة ، وفى إفساد الحياة السياسية بتزوير الانتخابات واغتصاب السلطة والعبث بالدستور من أجل التوريث وتقنين الظلم والفساد ، بل تحويل مصر إلى سلخانة تعذيب لحساب أمريكا. وتابعت معاتبة "أن العفو تفريط في الامن القومي " وقالت أن قتل الثوار فى الشوارع والميادين أثناء ثورة 25 يناير ، الذين قارب عددهم الألف ، إضافة إلى آلاف الجرحى والمصابين بالعاهات المستديمة ، بأمر ذلك الطاغية المخلوع ، وكذلك أمره للجيش بتسوية ميدان التحرير بالأرض أى قتل مئات الآلاف لولا أن الجيش رفض تنفيذ الأمر هل يستحق كل ذلك العفو ، وقالت أنه من المؤسف أن نية العفو عن هؤلاء المجرمين ناشئة عن ضغوط خارجية وهو أمر يأباه الشعب المصرى كله وتأباه سيادتهم وكرامتهم وثورتهم ، ولا يمكن أن نقبل استبدال وصاية خارجية بوصاية أمريكية ، وليست مصر هى التى تسمح لهؤلاء بالتدخل فى شئونها الداخلية أو ترهن إرادتها بمساعدات مالية أو اقتصادية من أى نوع ، ثم أين كان هؤلاء الشفعاء وهو يقترف فى حق شعبه كل هذه الجرائم ؟ ويلعب البعض على وتر العواطف بأن الرجل وزوجته مسنان ومريضان ، إضافة إلى أنه كان قائد الضربة الجوية الأولى ، ونحن نسأل هل الضربة الجوية الأولى تخوله أن يفعل بوطنه وشعبه وأمته ما فعل ؟ ثم إن الضربة الجوية كانت جزء من خطة وضعها المشير الجمسى ، وقام على تنفيذها الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان ، ونفذ الجزء الخاص بالطيران الرئيس المخلوع ، فمن صاحب الفضل الأكبر ؟ وماذا فعل فى الفريق الشاذلى ؟ ألم يلقه فى السجن وكان قد بلغ من الكبر عتيا لأسباب تافهة ؟ ولم يقبل فيه شفاعة لأحد ؟ ألم ينزع عنه كل الأنواط والنياشين التى حصل عليها طيلة حياته العسكرية، ثم ألم يسجن رجالا مسنين مرضى بغير محاكمة حتى أصيبوا بجلطة فى المخ وشلل نصفى ، وكانوا من أبطال حرب فلسطين سنة 1948م ؟ إن هذه الدعوة السيئة إلى العفو إنما تقول لحكام العرب صراحة ، افعلوا بشعوبكم وبلادكم ما تشاءون ، فقصارى ما تقدمونه إذا ثارت عليكم شعوبكم اعتذارا مذاعا لا يكلفكم شيئا. إن ما يحدث إنما هو استخفاف بمشاعر الشعب المصرى الجريحة واستهانة بثورته وبدماء شهدائه ودمائهم . إن أحدا أيا كان لا يملك العفو إلا أولياء الدم فى حالة القتل ، وهذا ما تقضى به الشريعة الإسلامية ، أما بقية الجرائم فمتى وصلت إلى القضاء فلا يملك أحد العفو عنها ، والحديث الذى صدرنا به هذا البيان خير دليل على ذلك. إن الإخوان المسلمين وهم يسعون إلى استقرار الأوضاع وتحقيق السلام الاجتماعى وإدارة عجلة الإنتاج والحفاظ على سيادة الشعب واحترام إرادته ومشاعره ليحذرون من التصرفات التى تستفز مشاعره وتثير غضبه وثورته.