في تقديري ، وأتمنى أن لا أكون مخطئا ، أن جماعة الإخوان المسلمين ليست مع التوريث ولا تؤيده .و أعتقد وأتمنى أن يكون اعتقادي صحيحا أنها تعي أنه (أي التوريث) ليس من مصلحتها بالمرة أن تبدي أي شكل من أشكال التعاطف معه مهما كانت اغراءات السلطة لها. وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن الجماعة خصومها كثيرون .. سواء داخل الحركة الإسلامية أو خارجها من القوى والتيارات السياسية العلمانية ، حتى تلك التي تبدي تعاطفا مع الإخوان أو لاتمانع من وجود شكل من أشكال الشراكة أوالتنسيق السياسي معها . فهذا "الود" وهذا "التعاطف" سيُلقى في أقرب سلة مهملات ، إذا صدر عن الجماعة ما يعتبره الآخرون "انتهازية" تقدم مصلحة الجماعة عن المصلحة الوطنية . الكل يتربص وينتظر ما يتصيده منها ، حتى من قبل من تربطهم بها صلات "رحم أيديولوجي" ، وأحسب أن قادة الجماعة لدغوا من قبل عشرات المرات من أكثر من جُحر ، بما فيه الكفاية ، في أمور تتفاوت أهميتها من "المهم" إلى "التافه" غير أن الخصوم كانوا يجعلون "من الحبة قُبة" و"من النملة فيلا" .وهو ما يفترض أن يجعل من يتحدث منهم يتحسس كلامه ويزن الكلام قبل أن يصدر منه خاصة في قضية كبيرة في وزن وحجم ملف التوريث في مصر. سيما وأن خصوم الحركة ما انفكوا التحرش بها من حين لآخر، في كثير من الأمور بما فيها انتفاضة القضاة ، وما يلبث أن يمر يوم حتى تُسرب جهات "مجهولة" أحيانا .. و"معلومة" أحيانا أخرى أنباء عن "صفقات" و" اتصالات" و"حوارت" بين الإخوان والسلطة ، محورها الأساسي شراء مساندة الاخوان لفكرة التوريث ، طبعا ، بقصد الإساءة إليها واظهارها في صورة من يطعن الجماعة الوطنية المصرية من الخلف . ومع ذلك يبدو لي أن "بعض" القادة لم يتعلم من الدروس المتعاقبة ، ولم يعتبر من تعدد اللدغات ، وهذا موضوع كبير ربما نتكلم عنه تفصيلا لاحقا إن شاء الله . المرشد العام للجماعة الأستاذ مهدي عاكف ، أدلى بحديث في برنامج تقدمه قناة العالم اللبنانية الشيعية ، تعرض فيها لمسألة "التوريث" وأدلى برأيه في المسألة ، وبدا من كلامه أنه يقبل "ترشيح" جمال مبارك لانتخابات الرئاسة ولكن بشروط وهي : أن يترك قصر الرئاسة ويعيش بين الناس ! وتغيير المادتين 76 ، 77 من الدستور . وقال : إن هذه هي شروط الجماعة .. لأنه في مثل هذه الحالة سيكون مثله مثل أي مواطن عادي ! وأنا على يقين أن المرشد كان عفويا في كلامه ، وكان يعتقد أنه بذلك يعقد الأمور أمام نجل الرئيس أو أنه يضع شروطا مستحيلة ، ما يعني رفضه غير المباشر والصريح ، لفكرة قبول مبارك الإبن رئيسا للبلاد . وأذكر أني كتبت مقالا في زاويتي اليومية ب"المصريون" قلت فيها إن مصر تحتاج إلى تعديل دستوري ، لايجيز لأبناء الرؤساء الترشيح لرئاسة الجمهورية ، حال وجود الأب على رأس السلطة في مصر ، ولا يجوز له الترشح إلا بعد ترك والده المنصب لمدة خمس سنوات على الأقل . إذ مهما عدّلت من قوانين أو مواد دستورية ، فهي لن تعصم منصب الرئاسة من أن يرثه نجل الرئيس ، طالما ظل والده مهيمنا على كافة الأجهزة والمؤسسات بالدولة . ففي مصر مثلا قوانين كثيرة تحمي المواطن من بطش الشرطة و وتجرم تعطيل الأحكام القضائية أو الحيلولة دون قيام القاضي بعمله ، قانون الطوارئ نفسه لاتطبق مواده على المعتقلين ، والامثلة كثيرة ومع هذا يُلقى بكل ذلك في سلة مهملات كل الأجهزة التي ولاؤها أصلا لقصر الرئاسة وليس للقانون أو للدستور ولا يلتزم النظام إلا بالقانون الذي يخدم مصالحه فقط ! فهل يعتقد الأستاذ مهدي عاكف أن تعديل المادتين 76و77 من الدستور ستمنع توريث الحكم للسيد جمال مبارك؟! محصلة شروط المرشد بقبول نجل الرئيس مرشحا لرئاسة الجمهورية ، فهمت بأنها رسالة من الجماعة تفيد بأنها لامانع عندها من احتضان الفكرة ، ولكن على الرئيس مبارك أن يساعدها على ذلك بتعديل مادتي الدستور اللتين ذكرهما السيد مهدي عاكف . حوار المرشد .. كان في قناة مجهولة لايكاد يراها المصريون ولا يعرفون عنها شيئا ، فمن الذي اقترح فكرة اعادة نشره على موقع إخوان أون لاين الأوسع شهرة من قناة الشيعة في لبنان ؟! هذا أيضا في تقديري قرار لم يكن صائبا ، إذ أضر بموقف الجماعة من التوريث وساهم طبعا بدون قصد في ما يمكن أن يتركه الحوار من سؤ فهم لهذا الملف المثير والخطير في آن . [email protected]