كل منا رئيس جمهورية فى مسئوليته التى وكلت إليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع فى أهل بيته ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته"، إذن فنحن أمام عدة جمهوريات: الجمهورية الكبرى وهى رئاسة الدولة، والمسئولية فيها تعنى قاعدة الحقوق والواجبات، فرئيس الجمهورية له حقوق وعليه واجبات كثيرة، وفضلاً عن هذه الواجبات فهو مفتوح أمامه عدة ملفات، وعدة تحديات كبيرة لا بد أن يحسم فيها، ومن واجباته: أن كل فرد فى شعبه فى عنق الرئيس مسئول منه، إذا نام جائعا ولم يجد ما يشبع جوعه مسئولية الرئيس، إذا مات من المرض ولم يجد دواءه مسئولية الرئيس، إذا مات يدافع عن عرضه أو ماله ونام رئيس الجمهورية عن حمايته مسئولية الرئيس التى سيحاسب عليها، فرئاسة الجمهورية (الكبرى) هى أمانة لا استعلاء، وتكليف لا تشريف، وغُرْمٌ لا غُنْم، فواجب الرئيس تفقد أحوال الرعية، همُّهم همُّه، وحزنهم حزنه، فتحت وطأة المسئولية كما روى [مجاهد] عن [عبد الله بن عمر] يقول: لو مات جَدْى بطرف الفرات لخشيتُ أن يحاسب الله به عمر يوم القيامة. وفى رواية: لو عثرت دابة بضفاف دجلة لخشيتُ أن يسألنى الله عنها لِمَ لمْ تُمهِّد لها الطريقَ يا عمر؟ بل ولم يقف الأمر عند هذا الحد من المسئولية، بل إن عمر بن الخطاب طبق فعلاً أن الرئيس لابد وأن يكون حاله من حال الشعب، فإذا كان الشعب جائعا، فهو أول الناس جياعا، فلما اشتد الجوع بالناس فى عام الرمادة، حلف عمر لا يأتدم بالسمن حتى يفتح على المسلمين عامه هذا. فصار إذا أكل خبز الشعير والتمر بغير أدم يقرقر بطنه فى المجلس فيضع يده عليه ويقول: "إن شئت قرقر وإن شئت لا تقرقر، مالك عندى أدم حتى يفتح الله على المسلمين". هذه هى المسئولية الكبرى لرئاسة الجمهورية. أما الرجل فى بيته فهو رئيس جمهورية هذا البيت، فأولاده معلقون فى رقبته، فهو مسئول عن إطعامهم وأمنهم وملبسهم، وبنفس قاعدة المسئولية المطبقة سابقا من حقوق وواجبات فكذلك الحال، فالأب له حقوق، وعليه واجبات كثيرة: المساواة فى معاملة الأولاد، توفير رعايتهم الصحية، والتعليمية، وللأب ضلع كبير فى تربية الأولاد بجانب الأم، ومن واجباته تجاه أبنائه أن يختار لهم الأم الصالحة، فعند الاختيار قبل الزواج لابد من الاختيار على أساس الدين والخلق والسيرة الحسنة، الأب لأولاده لابد أن يكون قدوة حسنة فى أقواله وأفعاله، وإذا لم يكن كذلك فلا تلوموا على تصرفات وأقوال الأولاد (إِذا كانَ رَبُّ البَيتِ بِالدُفِّ مولِعاً فَشيمَةُ أَهلِ البَيتِ كُلِهِمِ الرَقصُ)، نجد الآن الأب يدخن أمام أولاده، فماذا ينتظر أن يحصد ثمرته من أولاده التى زرعها هو بهذه الطريقة؟! إذا كان الأب يسبّ الدين ويشتم ويلعن أمام الأولاد، فماذا ينتظر أن يحصد ثمرته من أولاده التى زرعها هو بهذه الطريقة؟! وتأتى الجمهورية المباشرة لجمهورية الأب، جمهورية الأم، إن المرأة دورها الرئيسى (الأمومة) وليس دورها فى شركة أو مصلحة حكومية. لست ضد عمل المرأة، ولكننى ضد اعتبار عمل المرأة الأولوية الأولى، أعتقد أن هناك رسالة أهم من عمل قد يقوم به أى رجل آخر، ولكن دور الأم يستحيل أن يعوضه رجل آخر، وماذا جنينا من عمل المرأة؟! سوى انشغالها عن أبنائها، فبنت تكبر على أم مشغولة، وولد أهمل دروسه وحياته على أم مشغولة فى عملها، وأب مشغول بلقمة العيش، والسؤال لهذه النماذج للأب والأم معا: إذا كنت أنت مشغولاً بعملك ليلا مع نهارا حتى تأتى بلقمة العيش، وتركت الأم تعمل حتى تساعدك فى هذه اللقمة، لماذا أنجبتم؟! هل أنجبتم كى تتركوهم عند جدتهم، أو فى حضانة؟ وأين أنتم من التربية؟ ثم نعود ونعيب على الجيل، ونشتم فيه، ونشتم الزمن: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبا سوانا إن الأم مدرسة إذا أعدتها.. أعدت شعباً طيب الأعراق، وإذا كانت غير معدة وغير مؤهلة لأن تكون أماً، أعددت شعباً فاسد الأعراق، فاسد الخلق. فاطمة محمد حسين المحامية [email protected]