لو سألتني ما هي أكبر أكذوبة في تاريخ الفكر الاقتصادي لقلت لك إجابة واحدة، وفي قول واحد" الفائدة"، حيث بنى الاقتصاديون اجتهادهم على أن سعر الفائدة هو المحرك للنشاط الاقتصادي. فقد قيل لنا ونحن طلاب إنه لا اقتصاد بدون بنوك، ولا بنوك بدون فوائد، لكن الفوائد البنكية هي التي أوقعت أقوى الاقتصادات في شر هذا الفخ الملعون. إن الفوائد هي الفخ القديم الجديد الذي وقعت فيه كافة الأمم بلا استثناء! فأباطرة الربا يجيدون التلون وتغيير الأشكال بما يصيغونه بطريقة مبتكرة وجديدة يصعب على عامة الناس استيعاب آثارها فيلبسون الشر لباس الخير، ويقلبون الباطل حقًا، ويدفعون المجتمع والناس إلى الشح والأنانية المفرطة التي تعمل على أن تكون هناك فئة قليلة تتداول السلطة والثروة وتمتص دماء الفقراء وتكرس الفقر والبؤس لباقي المجتمع. وقد هالني أنه رغم أن كافة الأديان قد حذرت تحذيرًا بالغًا من الوقوع في هذا الفخ الملعون إلا أن الأمم لم تخرج من هذا الفخ إلى الآن رغم اقتناع البشرية برشدها، ففي الديانة اليهودية ورد هذا النص في العهد القديم وهو خاص بالربا من ضمن نصوص عديدة " لا تقرض أخاك بربا.. ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء مما يقرض بربا"، أما في الإنجيل فقد ورد فيه : "إذا أقرضتم لمن تنظرون منهم المكافأة فأي فضل يُعرَف لكم، ولكن افعلوا الخيرات وأقرضوا غير منتظرين عائدها حتى يكون ثوابكم جزيلًا" أما في الإسلام فقد فظع الإسلام من أمر الجاهلية أمر الربا بل أخذ التهديد مبلغًا كبيرًا من الأهمية للغاية فقد قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينََ فإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ". والواقع أن الوجه القبيح للربا وآثاره الدميمة لم تكن اكتشفت بعد في الجاهلية كما نراها الآن في عصرنا الحديث، فمن أراد أن يتدبر حكمة الله وعظمة هذا الدين فلينظر إلى حال المجتمعات الغربيةوالولاياتالمتحدةالأمريكية على وجه الخصوص، تلك النظرة تجعلك تصدق تصديقًا لا مراء فيه في نعمة الله عليك وأنت ترى أمامك هؤلاء المشردين في أغنى بلد في العالم يفترشون الطرقات ويلتحفون السماء. تذهل حين تمتهن فتيات في عمر الزهور الدعارة في بريطانيا لعدم قدرتها على دفع الرسوم الدراسية من جراء القروض وفوائد القروض، انظر مثلًا إلى الولاياتالمتحدة فقد تم مصادرة 3 مليون منزل منذ عام 2006 ، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 6 مليون منزل مع بداية عام 2013. وقد تم إبلاغ 2.87 مليون فرد من أصحاب الأملاك بطردهم من أملاكهم، حيث إنهم توقفوا عن الدفع للبنوك أقساط الدفعات الشهرية في عام 2011 ، وقد صادرت البنوك مليون منزل في عام 2010 وحده وهي أعلى من النسبة المصادرة في عام 2009 بنسبة 14% . وقد بلغ العاجزون عن دفع القروض البنكية 5 مليون مالك للبيوت لم يدخلوا بعد في إطار مصادرة البيوت وفق ما أوردته وكالة بلومبرج للأنباء. ناهيك عن مصادرة السيارات فقد بلغ توقف المقترضين عن الدفع للبنك المدفوعات الشهرية أعلى معدل منذ 10 سنوات فتقوم البنوك بإعادة ملكية السيارات إليها مرة أخرى مع ضياع حق المشترى في رد قيمة أي أقساط قام بدفعها للبنك مرة أخرى، والأدهى من ذلك القروض التي يتحصل عليها الطلاب لاستكمال تعليمهم الجامعي، فتقول الإحصاءات أن 60 % من الطلاب الحاصلين على بكالوريوس قد تحصلوا على قروض بمبلغ 23 ألف دولار سنويًا سيقوم بعد ذلك بدفع الفوائد عنها عقب تخرجه، وأن متوسط ما يحمله الطالب من كروت للاقتراض للأنفاق على معيشته ونفقاته بلغ 5 كروت ائتمان كلها متبوعة بدفع فوائد شهرية، فضلًا عن مدفوعات الحكومة نفسها لسداد فوائد الدين الحكومي الأمريكي، فقد بلغت 202 مليار دولار عام 2009 وحده. وللحديث بقية في المقال القادم [email protected]