العنوان يلخص المشهد السياسي المصري، بل وأكاد أقسم أن يقينًا في اجتهادي، لا أبالغ إن قلت بل والحالة المصرية كلها منذ ربيع 2011 وإلى الآن، أما عشوائيتنا وحدها باعتبارنا التيار السياسي العريض الواعد وقتها، فمنذ 11 فبراير 2011 على الأقل وإلى الآن. بالتأكيد لا أغفل دور المجلس العسكري وكل الفصائل السياسية، ولكن المسؤولية الكبرى أحملها للفصيل الأكبر من التيار الأعرض. وسريعًا أقول إني أبدًا ما يئست من إصلاحٍ، وإني دومًا بعد ثقتي في الله، أبني لا أقول أماليَ أو أمانيّ أو أحلاميَ ولكن أقول أبني طموحاتي للعلاج الممكن، على أسس علمية شريطة أن أعتمدها في مشواري كله وأن تؤطر منهجى وتضبطه، ولكن تعالوا معًا نستعرض وفقط، نموذجًا جديدًا مُشَخِّصًا: الخارجية البريطانية تؤكد أن الدستور المصري يقمع المرأة، فهل هذا صحيحٌ؟ وكيف استخلصت الخارجية البريطانية هذا الحكم، وهل اطلعت على بنود الدستور فعلًا، أم نقلت عن ادعاءات الأقلية العاجزة وإعلامها الكذاب؟ وهل الدستور المصري ساوى بين الرجل والمرأة بل وساوى بين كافة المصريين في الحقوق والواجبات، أم لا؟ وأين إعلام الفصيل المصري الأكبر المستهدف من قبل «العجزة المفلسين الكذابين»، وأين دوره الاستباقي والآخر التعقيبي؟ وما هو نهج الحزب المصري الأكبر؟ وما هو نهج الإدارة المصرية المسؤولة؟ إلى هنا، فالإجابة على هذه الأسئلة، لا يمنحنا فقط التشخيص، بل ويبلور أيضًا أمامنا الحلول التي غابت عنا، بل وإذا كررنا أسئلتنا السابقة على ملفاتٍ كُثُر، ومنها الملف المستحق والملح بامتياز، أقصد ملف إعادة هيكلة القضاء وتحقيق استقلاله ونزاهته، والتشريع المستحق في هذا الشأن المهم عبر «السهل الممتنع» وعيًا بعمق تعقيداته، أقول ستخرج إجابات الأسئلة كاشفة لمعالجتنا العشوائية، والتي تؤطرها أحيانًا الهواجس المرضية من جانب، وغالبًا الأماني الزائفة من جانب آخر، والتي لا تدرك الأعماق والأبعاد، وهو ما يُنتج غالبًا حصادًا سالبًا، بينما النجاحُ متاحٌ ولكن عبر السبيل العلمى. * يا ناس يا هووه، هل يعقل أن حارس الشاطر لمجرد حمله لمسدس غير مرخص، وهو ما نرفضه يقينًا، يُحكم عليه بالسجن، بينما تحرق للمرة الثالثة أتوبيسات الإخوان على الملأ ولم يُضبط الحارقون أويحاكموا، ثم أين هؤلاء الذين يحملون المولوتوف والخرطوش فى الشارع المصرى وعلى الملأ؟ وأين الأمن «المتخاذل» وأين النيابات «الفرعية» وأين القضاء «غير المسيس»؟! ثم يا جماعة الإخوان، عليكم بالعقل والفكر والعلم، وبالحكمة وبالرشاد وببعض التوازنات، فأعداؤكم كُثُر، والثورة المضادة والدولة العميقة، جميعهم ضدكم، ولا تعنيني جبهة العجزة المراهقين، فهم الأسهل والله على المواجهة، عبر الفضح الإعلامي وفقط، وإياكم من مواجهة الإعلام إلا بالإعلام. أما الشعب المصري الصابر، والذي منح الإسلاميين أكثر من 75% من أصواته في المتوسط، عبر كل الاستحقاقت التصويتية، فيستحق منكم النظر، والنظر الذي أقصده هنا هو ما يليق بمكانة مصر واستحقاقاتها لدى كل من ينتمي لها ويحبها، فليس أقل من مراجعة علمية لأدائكم، ثم انفتحوا واستشيروا. * من ينتقد من جبهة العجزة، التعاون الأمني بين مصر وإسرائيل لضبط الحدود، وعلاقة مصر الآن عمومًا بأمريكا وإسرائيل، فهو في الحقيقة يمدح الرئيس السياسي الرشيد في هذا الشأن، وعليهم أن يعتبروه قد خدر أمريكا وإسرائيل، إلى حين أن تحاربهما جبهة العجزة. * ما يردده البعض تحريضيًا ساذجًا، عن أن بعد رحلة الرئيس مرسي لروسيا، الأمريكان أعطوا كارت بلانش للجيش لإدارة شئون البلاد، وأن الجيش سينزل الشارع في مايو ولمدة عامٍ قادم، فذلك كلام فارغ، إلى هنا واتقاءً مني لهواجس الإخوان المرضية التي يمكن أن تتلقى هذا الكلام الفارغ، وتعمل بمقتضاه، واتقاءً لأي انزلاقٍ أرعن وغير مسؤول من أى فردٍ إسلامىّ، أعود وأكرر ما صرحت به أثناء أيام الثورة وكتبته أيضًا وصرحت به تليڤزيونيًا: عند مغادرتي التحرير، مساء جمعة الغضب 28 يناير 2011، وبصحبة صديقي الشاب الثائر عمرو شلتوت تاركًا خلفي رفيقي الآخر في الثورة الدكتور يحيى القزاز، وعند ميدان عبد المنعم رياض وعلى طول شارع رمسيس حتى العباسية، والدبابات مكتوبٌ عليها يسقط حسني مبارك، والشباب فوقها مع الجنود والضباط بجوارها، سألت نفسي ماذا حدث، وكيف للمعدات العسكرية التي كنا نهاب الاقتراب منها عبر التاريخ، وقد التصقنا بها الآن وصديقي والتقطنا صورًا مع الضباط والجنود وكتب الشباب ما كتبه عليها بل واعتلاها؟ أجبت يومها، أن هناك احتمالات نظرية أربعة: الجيش مع الثورة الجيش ليس مع الثورة ولكن مع الانقلاب على مبارك الجيش يمارس نوعًا من التسامح مع الشباب والرابع أن الجيش لا يريد كما لا يستطيع مجابهة شعب ال 80 مليون وقاهرة ال 15 مليون. ولكن يومها لم يكن بإمكاني أن أرجح أيًا من الاحتمالات الثلاثة الأولى، ولكن كنت على يقين من الاحتمال النظري الرابع ولكني صيغته كالتالي: 1 الجيش بتاريخه الوطني لا يدخل في مواجهة مع الشعب. 2 الجيش لا يمكن أن يستهلك مقوماته بعيدًا عن تحدياته التاريخية. وفي كلا النقطتين صرحت بتفاصيل، من الأوفق ألا أكررها، ولكن الخلاصة الآن، أن يا كل المغرضين والعجزة المفلسين ابتعدوا عن الجيش وعن الأحاديث غير المسؤولة عنه، ولن أطالبكم بوعي بخطورة تلك الأحاديث على أمننا الاستراتيچي، فأنتم أمام أنانيتكم وقلوبكم المريضة، مصر غائبة عنكم، ولا عشم فيكم. ثم يا كل الإسلاميين ومعكم كل المخلصين للوطن،إن يقظة إلى أسباب العقل والفكر والرشاد، والوعي بالأعماق، حتى ننتقل من هذه المرحلة «البايخة» من تاريخ مصر. [email protected]