ماذا لو أصبحت المعارضة في موضع الأغلبية؟ وكيف سيكون خطابها الإعلامي؟ وكيف سيكون تعاملها مع الأزمة الاقتصادية؟ وكيف ستواجه الهجوم على السلطة؟ وكيف ستتعامل مع الخارج بأزماته وملفاته الساخنة..؟ وكيف ستكون علاقتها مع إسرائيل وأمريكا وإيران؟ وما هو نموذج الدولة الناجحة الذي كانت ستسعى إلى تحقيقه على أرض الواقع؟ هذه التساؤلات يرددها رجل الشارع العادي بشكل مستمر ومن المؤكد أن الصورة لم تكن ستختلف كثيرًا عما هو حادث الآن وكانت ستقدم التبريرات نفسها التي تحول دون تحقيق التوافق. وكانت ستردد الأعذار التي ترددها السلطة الحاكمة عن أسباب الفشل الذي يضرب البلاد بطولها وعرضها فالرئيس محمد مرسي وعد المصريين برغد العيش بمجرد انتخابه، وهو ما استجاب له بعض المصريين، وعندما كان يذكره البعض خلال الانتخابات بالوضع الاقتصادي الصعب والانفلات الأمني وهروب الاستثمارات الأجنبية وعدم استقرار الشارع، كان يرد بمنتهى الجرأة والوضوح والذي لا يتحمل اللبس قائلًا: "أنا لها، وبها قادر، وعليها مؤتمن ولن أخون الله فيكم"، وبمجرد دخوله قصر الاتحادية أدار ظهره للجميع وكأنه ما قطع عهدًا على نفسه بعلاج المرضى ولا أقسم على عودة الأمن ولا تحمل مسئولية زيادة الاستثمارات الأجنبية ولا أعطي أولوية بالاهتمام بالتعليم في برنامجه الانتخابي ولا وعد الشباب بفرص عمل ولا وعد بتحقيق مطالب الثورة. المعارضة نفسها ارتكبت خطأ الدكتور محمد مرسي ولم تختلف عنه كثيرًا ووعدت المصريين بالشيء نفسه، وعندما لم يكتب لها النجاح في الانتخابات الرئاسية لم تعمل على إحراج الرئيس وتقديم ما لديها من الأفكار التي قامت بعرضها على المواطنين خلال حملتها الانتخابية لتظهر مدى فشله وعجزه وعدم قدرته على إدارة الدولة وتعريف أمورها وأنه حنث بيمينه ولم يف بقسمه فهو لا يملك شيئًا ليقدمه لنا سوى جراب الحاوي المليء بالثعابين والمؤامرات والتربص به وبجماعته واكتفت بالمشاهدة على ما يحدث، وكأنها كانت تخوض الانتخابات فى بلد آخر. وكان المواطن هو ضحية الطرفان "معارضة وأغلبية" عند أول مواجهة فالأولى أرادت أن تثبت للمواطن سوء اختياره وعليه أن يتحمل ما ارتكبته يداه من ذنب ويشرب من البحر، والثانية تفرغت للمعارضة وتشويهها وإلصاق التهم بها بالحق والباطل ومطاردة رموزها بالقضايا واتهامهم بالعمالة والخيانة، ولسان حالها يقول: لقد أنقذ الله مصر من الأشرار المتآمرين الذين يريدون بالبلاد الخرب والدمار ونسي الرئيس وأهله وعشيرته أن يسألوا أنفسهم، هل هناك دمار وخراب أكثر مما نحن فيه؟ تجاهل الجميع أن نجاح المعارضة من نجاح السلطة، فالجميع كان يتطلع بعد الثورة أن نرى تجربة ديمقراطية حقيقية وليست ديمقراطية تقطيع الملابس والخوض في الأعراض، فهل يعى الطرفان أنهم المسئولون عما يحدث وسيحدث في مصر مستقبلاً؟ خاصة أن الأسباب التي قامت من أجلها الثورة لم تتغير بل ازدادت سوءًا وأصبحنا أكثر تراجعًا وخرابًا ودمارًا، فهل من عاقل يعى المشهد الذي وصلنا له؟ أم نظل على حالة العناد والكبر والغرور وترديد مقولة الاحتكام إلى الصندوق الذي يعد أحد أدوات الديمقراطية، وليس كل الديمقراطية. [email protected]