في الحلقة الماضية تحدثنا عن تطورات قطاع السياحة، يبقى لنا التدهور الحاد في الصناعة وخوف رجال الأعمال من الاستثمار والإنتاج، رغم أن الصادرات من غير البترول بلغت 8.7 مليار في عام 2011 ثم زادت لتكون 10.03 مليار جنيه في عام 2012. ومن هنا كان على الحكومة إما الاقتراض من أي دولة عربية أو إسلامية أو اللجوء للصندوق، وفيما يبدو أن دول الخليج لا تريد أن تساعد مصر في الوقت الراهن وفق حساسيتها من الثورة في مصر وحسابات أخرى كثيرة لا داعي للخوض فيها الآن فما كان من الحكومة إلا اللجوء صاغرة إلى صندوق النقد، وصندوق النقد ليعلم الكافة من العامة قبل الخاصة أن له شروطًا حتى يقرض أي دولة، وهو لن يساعد مصر الثورة لجمال عيون المصريين، ولكن لمصلحة خاصة أيضًا، وهي أن تبقى مصر تحت قيد الدين، ومن هنا فقد أكد مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، إن المباحثات التي أجرتها بعثة الصندوق مع رئيس الوزراء هشام قنديل شهدت "تقدمًا جيدًا" بشأن القرض الذي تريده مصر، وألمح الصندوق إلى احتمالية تقديم تمويل مؤقت لمصر تبلغ قيمته 750 مليون دولار فيما يجري التفاوض بشأن برنامج كامل. وكان رئيس الوزراء قد صرح بأن القرض سيتم سداده خلال 5 سنوات وبفترة سماح 39 شهرًا وبنسبة فائدة 1.1 في المائة، مع العلم أن منح مصر القرض يتطلب موافقة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد أكد صندوق النقد الدولي أنه سيواصل محادثاته مع مصر بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن مساعدة مالية محتملة، لتخفيف أزمة في العملة والميزانية. كي تقوم الحكومة بتمويل الاستيراد من الخارج وتوفير العملة الأجنبية فضلًا عن وقف نزيف الدولار من احتياطي العملة الأجنبية، ذهبت الحكومة بقدميها للصندوق لإنقاذ الاقتصاد حتى تدفع مبلغ القرض المستحق عليها للدول الأجنبية، لذا فالحكومة ذهبت لتقترض الدولار والثقة! وأنا لا أعلم إن كان اللجوء للصندوق يعني الثقة في اقتصادنا أم لا؟ فنحن كالرجل المديون الذي يريد أن يستدين حتى يقال إنه راجل "ملو هدومه". يبقى إذًا لا حل لنا إلا بالذهاب إلى الدكتور بأقدمنا، طالما نحن لا نريد أن نقلص من وارداتنا الكمالية والسفيهة، فقل لي بالله عليك ماذا يعني أننا نستورد كل هذه الأصناف من الجبن أو كل هذه الأصناف من أردئ الصناعات الصينية التي تدمر الصناعات الوطنية، والحقيقة أنني ما وجدت أمة ولا شعبًا يعمل لحساب شعب آخر في وطنه مثل ما يفعل الشباب المصري لصالح المصنع الصيني، ففي القاهرة والإسكندرية تجد الشباب خريجي الجامعات يطوفون على الناس بالمنتجات الصينية ويعمل كسريح لصاحب تجارة الجملة، الذي هو أيضًا مندوب الصين في مصر، إنها مأساة حقيقية أن تظل الحكومة حتى هذه اللحظة بدون رقابة على الواردات الاستهلاكية المدمرة ولا قيود عليها بلا ضابط ولا رابط . إذًا ما الفرق بين حكومة الثورة والحكومات السابقة قبل الثورة، حيث إن الاقتراض حل سهل ومريح كما كانت تفعله الحكومات السابقة قبل الثورة بالاقتراض الخارجي والذي يترتب عليه زيادة الدين الخارجي وعبئه على الأجيال القادمة. ولكن المأساة أن الحكومة لا تريد حل الأزمة الفعلية ألا وهي زيادة الإنتاج، وعمل كل الأسباب التي من خلالها زيادة الإنتاج فحتى هذه اللحظة إجراءات الحكومة كلها لعلاج طويل الأجل وليست قصيرة الأجل، فالمجتمع يريد أن يرى ثمرة على الأرض في تعامل المستثمر مع الجهات الإدارية من تسهيل الإجراءات وتشديد الرقابة على الواردات والرقابة على الأسواق وفرض عقوبات صارمة على الاحتكارات في السوق المصري، وللحديث بقية. [email protected]