الاقتصاد المصرى ليس "عاجزًا".. والاقتراض مباشرة من الدول التى لديها فوائض مالية كالصين وتركيا أفضل الحلول فاتورة سداد القرض ستدفع من دماء البسطاء والغلابة من كوارث الاقتراض إعادة تقييم العملة المحلية وانخفاضها مقابل الأجنبية يمكن جمع 5 إلى 7 مليارات دولار شهريًّا من المصريين بالخارج إذا شعروا بالثقة باقتصاد بلادهم اتفق عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن القرض الذى تعتزم مصر الحصول عليه من صندوق النقد الدولى والذى يقدر ب4.8 مليارات دولار؛ يمثل استمرارًا للسياسة المالية العقيمة التى كان يتبعها النظام المخلوع فى التسول والإذلال من الدول الغربية، والخضوع للشروط المجحفة التى يمليها الصندوق على الحكومة المصرية، مؤكدين فى الوقت ذاته أن الوضع الاقتصادى فى مصر من السهل تجاوزه، والبدائل كثيرة أهمها الاتجاه إلى الاقتراض مباشرة من دول كالصين وتركيا وإيران التى تمتلك أكبر فائض مالى، والدخول فى شراكة اقتصادية جادة مع هذه الدول. الاقتصاد تحت الوصاية الدولية فى البداية يقول الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادى ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية؛ إنه لا شك أن لدينا فجوة تمويلية، سواء فى العجز فى ميزان المدفوعات أو الموازنة العامة للدولة، الذى بلغ من20 إلى 25 مليار دولار، إلا أن القرض سيضع الاقتصاد المحلى تحت الوصاية الدولية؛ لأنه يفرض لإجراء إجراءات تقشفية متعلقة بخفض الإنفاق الحكومى الذى له علاقة بالضمان الاجتماعى والأجور والمرتبات أى كل ما يمس الفئات الفقيرة، ويتابع الصندوق كل ثلاثة أو أربعة أشهر هذه الإجراءات قبل صرف الشريحة الثانية من القرض، ومن ثم يضعنا على نفس التجربة الذليلة منذ بداية التعامل معه. أيضًا من مصائب صندوق النقد إعادة تقييم العملة؛ فيمكن لصندوق النقد أن يخفض قيمة العملة المحلية المصرية مقابل العملة الأجنبية؛ ما يتسبب بزيادة الأسعار وزيادة حجم الواردات من الخارج. الخبير الإقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق وأوضح عبد الخالق أن أسلوب تعامل صندوق النقد اختلف شكلاً ولم يختلف مضمونًا، فى تعامله مع الدول المقترضة؛ ففى السابق كان يفرض برنامجًا معينًا تعمل الدول على تحقيقه، وبعدها تمنح القرض. أما الآن فيطرح أسئلة على الحكومة أن تقدم إجابات لها، بناءً عليها يتم إعطاء القرض، ومن ثم شروط الصندوق لم تتغير. وأشار مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية إلى أن الجانب الأخطر هو أن الحكومات المصرية التى أعقبت ثورة 25 يناير بدايةً من حكومة شرف لم تكن على دراية كافية أو خبرة والاتجاه مباشرة إلى التفكير فى الحلول القديمة والسهلة فى اللجوء إلى الاقتراض الخارجى لسد الفجوات المالية، بالإضافة إلى تحيز هذه الحكومات لصالح رجال المال والأعمال وصرف النظر عن هوامش الأرباح الضخمة التى حققوها فى مشروعاتهم عن طريق إعادة النظر فى السياسات الضريبية. "روشتة" للاستغناء عن القروض وأوضح عبد الخالق أن هناك بدائل عديدة تغنى عن القروض والمنح الخارجية، مؤكدًا أن هذه الحلول لا يستغرق تحقيقها من 4 إلى 5 أشهر بعدها يبدأ الاقتصاد فى الانتعاش والتوازن ويسير فى الطريق الصحيح، ومن أهمها: أولاً- إعادة هيكلة الموازنة العامة للدولة والسياسة الاقتصادية عامةً، من شأنها تخفيض جزء كبير من العجز فى الميزان التجارى. ثانيًا- ضبط وتطهير جهاز الأمن وسرعة فاعليته: وهو ما كان يجب أن يجرى فى ستة الأشهر الأولى من عمر الثورة؛ فإذا توافرت قيادة حكيمة وواعية لإعادة طبيعة وهيكلة هذا الجهاز، سيفتح ذلك آفاقًا واسعة لقطاع السياحة، مع ضبط التهربات التى كانت تتم فى هذا القطاع من العملات الأجنبية وعمليات الفساد؛ فكل ذلك من شأنه زيادة الحصيلة فى سنة واحدة إلى أكثر من 5 مليارات دولار إضافية. ثالثًا- الضغط فى فكرة التعاقدات الثنائية مع بعض الدول التى لديها فوائض مالية مثل الصين وإيران: فإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران مثلاً سيغير كل الموازين؛ فهى دولة صناعية، ولديها فائض مالى كبير رغم وقوعها تحت الحصار الغربى، ومن ثم المصالح المصرية الإيرانية ستكون متبادلة ومشتركة فى الوقت الذى تحاول فيه مصر الخروج من فلك التبعية الأمريكية. أما عن فكرة التشيع فهذا كلام مراهقين ومغرض لمصلحة أجهزة مخابراتية غربية. أما بالنسبة إلى الصين فإن مجالات التعاون متعددة ومفتوحة، خاصةً أن الصين لها رغبة فى ذلك؛ فهى تمتلك أكبر فائض مالى فى العالم توظفه فى صورة سندات وأسهم الشركات الأمريكية، وهى مدركة تمامًا لطبيعة المخاطر التى يتعرض لها الاقتصاد الأمريكى من أزمات طاحنة. ويعتبر من أكثر المجالات التى يمكن الاستثمار فيها من الصين، الطاقة والتنقيب عن البترول، والتخلص من هيمنة الشركات الغربية التى تعمى أحيانًا عن بعض الاكتشافات التى لها علاقة وثيقة بالمصالح الصهيونية والأمريكية، كما حدث فى مشروع الغاز بشركة البحر المتوسط، خاصةً بريتش بتروليوم. رابعًا- إصدار قانون جديد للضرائب يفرض الضرائب على كل من يحقق المكاسب، بحيث يكون بشرائح تصاعدية. وعن الفكرة التى طرحت على الساحة مؤخرًا بجمع القرض من المواطنين قال عبد الخالق فاروق إن هذه السياسة قديمة؛ لأن من يملكون الفوائض المالية هم الطبقة الغنية فى مصر، لكن لن يستجيبوا؛ لأنهم معادون للجوهر من أساسه، لكنَّ هناك مسلكًا آخر؛ هو المصريون فى الخارج؛ فإذا وجَّهت إليهم الحكومة دعوة أن يودع كل واحد منهم ألف دولار فقط فى حساباتهم المصرفية المصرية كل شهر، نستطيع جمع ما بين 5 و7 مليارات دولار، وقد زادوا فى الفترة الماضية التحويلات إلى ذويهم، التى وصلت قبل الثورة إلى 9.5 مليارات دولار، ثم زادت بعدها لتصل إلى 12.5 مليار دولار قابلة للزيادة إذا لم يشعر المواطنون بالخارج بالانكسار وضياع الآمال فى بلادهم. شروطه تطيح بالعدالة الاجتماعية فيما أكد رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن اللجوء إلى سياسة الاقتراض من صندوق النقد الدولى ليس الحل الأمثل لخروج مصر من أزمتها الاقتصادية، لكنه يمثل الحل الأخير إذا لم يوجد غيره؛ فالقرض مديونية، والاقتصاد لا يُبنَى من المديونية، لكن يُبنَى بسواعد أبنائه. وأضاف "عبده" أن الحل يكمن فى تحسين البيئة التشريعية بإصدار الدولة تشريعات ضامنة وجاذبة للاستثمار وتحسين المناخ لها، وأن ترسم نظامًا واضحًا للعمل، والتحكم فى المطالب الفئوية التى تمثل عبئًا على المستثمرين، وتوفير الأمن العامل الأساسى لحل المشكلة؛ فلا يمكن أن تجتمع الفوضى والاستقرار معًا؛ فالحل فى تأسيس مشروعات تعمل على زيادة الإنتاج والحد من البطالة ودعم الصادرات وإنعاش الاقتصاد. رشاد عبده رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية وقال رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية إن شروط الاتفاق مجحفة للمواطن المصرى؛ إذ تطالب بتقليص الدعم على القطاع العام؛ ما يزيد معاناته ويطيح بالعدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير، وستزيد المطالب الفئوية، وعند استجابة الحكومة لهذه المطالب سيحدث لديها عجز فى الميزانية، وإن لم تستجب يُعَطَّل العمل والإنتاج وتُقطع الطرق واحتمال وقوع ثورة جياع، كما أن قرض الصندوق لسداد عجز الموازنة، ولا يحق للدولة توجيهه إلى أى أهداف أخرى. كما وصف الموقف المصرى بالضعيف؛ فمن يعطى أو يمنح هو الأقوى دائمًا ممن يمد يده للاقتراض، كما أنه هو الذى يفرض شروطه، وعلينا القبول أو الرفض؛ فنحن ليس لدينا المفاوض الشرس الذى يستطيع الدخول فى مفاوضات جادة وعنيفة مع الصندوق، والنتيجة ستكون على حساب الفقراء. كارثة الهاربين بأموال البنوك فيما أكد أحمد سيد النجار الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن القرض الذى سيمنحه صندوق النقد الدولى لمصر وبفترات سماح وسداد طويلة ومميزة على غرار القروض التى يمنحها للدول الأكثر فقرا، رغم أن مصر ليست كذلك، يمكن قبوله وتخصيصه لتمويل المشروعات الصغيرة بشروط ميسرة. الدكتور احمد سيد النجار وأشار "النجار" أن سياسة تركيز القروض فى الجهاز المصرفى المصرى على عدد محدود من كبار الرأسماليين، بدلاً من التوسع فى إقراض المشروعات الصغيرة، قد انتهت بكارثة الهاربين بأموال البنوك لدرجة جعلت مخصصات القروض المعدومة والمشكوك فى تحصيلها تصل إلى نحو 55.3 مليار جنيه فى مارس2011 بعد أن كانت قد وصلت إلى نحو 77.9 مليار جنيه فى أغسطس 2010. وهناك عدد هائل من المشروعات الصغيرة التى يمكن إقامتها فى مصر بصورة متباينة من منطقة لأخرى حسب نوع المواد المتاحة فى البيئة والاحتياجات المحلية من السلع والخدمات، كما أن إنشاء الحضانة القومية للمشروعات الصغيرة وفروعها فى كل المحافظات والمراكز والقرى، ووضع الصندوق الاجتماعى تحت ولايتها، وتخصيص أموال الصناديق الخاصة كليا أو جزئيا لأعمالها، يمكن أن يحول مصر إلى ورشة عمل عملاقة تساعد على استنهاض النمو الاقتصادى من جهة، وتسهم فى مكافحة البطالة والفقر من جهة أخرى.