القاعدة العامة أن الحكومة مسئولة عن إدارة شئون العامة ورعاية مصالح الدولة ومصالح الأفراد في حدود القانون، وهي تضطلع بهذه الأعباء عن طريق موظفيها في الجهاز الإداري للدولة، والتي تعهد إليهم بإدارة هذه الشئون ورعاية تلك المصالح. إلا أن ظاهرة الفساد أصبحت منتشرة في كافة مؤسسات الدولة الحكومية، مما أصبح عبئًا ثقيلًا على المواطنين، وتفشت تلك الظاهرة حيث أصبح ظاهرًا أن بعض الموظفين الإداريين اعتادوا على الفساد الذي بات إحدى مقوماتهم الأساسية بل وشرط أساسي للقيام بأعمالهم المنوطين بها، مما أوجب التصدي لها بكل قوة، وذلك يكون بتحديد المشكلة ثم كيفية التصدي لها، ولعل أهم الأسباب التي تؤدي إلى قيامهم بهذا الأمر هو ضعف رواتبهم وعدم التوزيع العادل في المرتبات وفروق المرتبات المتباين بين صغار الموظفين وكبار المديرين بذات الجهات أو الهيئات. وكذا عدم وجود دور رقابة حقيقة على الموظفين في مراقبة ومتابعة أعمالهم، والتي غالبًا ما تتم بعد ما اكتشاف الخطأ الذي يستوجب المساءلة. فضلًا عن عدم وجود ضوابط ومعايير محددة لكل موظف تنص على العمل المنوط القيام به، وما يجب ألا يتدخل فيه حتى نقضي على البيروقراطية التي يتمتع بها أصحاب الوظائف الحكومية. بالإضافة إلى سوء اختيار القيادات في المؤسسات الحكومية واعتماد توليهم تلك المناصب على الوساطة والمحسوبية. تلك الأسباب أسباب عامة ولكن هناك أسباب شخصية ترجع لطبيعة الإنسان نفسه تختلف حسب البيئة التربوية المحيطة به ودرجة تمسكه بقواعد الدين فضلًا عن وجود أسباب تحيط بالموظف أو العامل نفسه فظروفه الاجتماعية ومقوماته الخاصة والإغراءات المعروضة عليه أو الابتزاز الذي يتعرض له في بعض الأحيان خشية من الوساطة أو ممن هم في سلطة أعلى منه أو خوفه من مديريه، واستغلال سلطتهم في قواعد مثل التنقلات والترقي والمجاملات، مما يدعوه إلى التقرب للمديرين الذي يجعل هدفه السعي لإحدى تلك الوسائل للوصول بسرعة إلى ما يصبوا إليه. ويجب للحد من تلك الظاهرة والتصدي لكافة الأسباب والصور سالفة الذكر بوضع ضوابط محددة للتعيين والترقي والتنقل بالمؤسسات والهيئات الحكومية، وأن تكون تلك الضوابط موجودة تهدف لصالح العمل وإعطاء كل ذي حق حقه دون ترك الأمر للوساطة أو العلاقات مع المديرين. هذا بالإضافة إلى وجوب وجود رقابة فعالة على الموظف العام قائمة على الإشراف والتوجيه والمتابعة ضمانًا لاستكمال مقومات الإنتاج وتفعيل دور الهيئات الرقابية التي تتابع سير العمل الحكومي والمؤسسات الحكومية وتفعيل دور القانون في التصدي لكل انحراف أو تقصير يقع من الموظف العام وكذا إضفاء الحماية القانونية لكل موظف عام يراعى عملة بكل حيادية ونزاهة والرقي به وبصفاته حتى يعلم الجميع أن الموظف الذي يتسم بالشرف والنزاهة والإخلاص والتفاني في العمل والرؤية لرفع دور المؤسسة التي يعمل بها هو أساس وصولة للدرجات العليا وليس شيئًا آخر وأن كل موظف يحاول التقرب لمديرة أو السعي بأي وسيلة غير مشروعة للحصول على ما لا يستحق أن ينال ما يصبو إليه بل ويتم مساءلته عن عدم إدارته للأعمال المكلف بها، وأن دورة يجب أن يكون بعيدًا عن هيمنة السلطات الرئاسية للعاملين أيًا كان موقعهم. وكذا يجب النظر في ضعف المرتبات، وذلك ما هو مستقر عليه في جميع الأوساط والحكومات، وأصبح مطلبًا رئيسيًا في الآونة الأخيرة بتحديد حد أدنى وحد أقصى للأجور يراعي عدم زيادة الفروق في المرتبات الخيالية بين صغار الموظفين، وأصحاب الوظائف العليا، مما يتفق مع مبدأ العدالة الاجتماعية المطلوبة، والتي كافح من أجلها المصري العظيم والتي طالب بها جميع الأجيال، ومازال طلبًا أساسيًا لدى الشعب، ولم يتم تحقيقه حتى الآن. ويجب أن يكون الهدف الأساسي من تولي الموظف العام أي منصب في الدولة هو خدمة هذا الوطن والتيسير على المواطنين لاستغلال منصب أو الانتفاع من ورائه على حساب المواطن، مما يسهم في إصلاح الجهاز الإداري وتصويب الهياكل الحكومية على نحو بلوغ مراميها وتحقيق أهدافها في قيامها بالدور المأمول. بقلم المستشار: محمد مسعود [email protected]