في يوم الاثنين الموافق لمثل هذا اليوم عام 2006، رحل الشاعر والأديب السوري محمد الماغوط عن عمر يناهز 72 عامًا، وذلك بعد صراع امتد لأكثر من عشر سنوات مع الأدوية والأمراض، عندما توقف قلبه عن الخفقان وهو يجري مكالمة هاتفية. يعتبر محمد الماغوط أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي، كتب الخاطرة والقصيدة النثرية، وكتب الرواية والمسرحية والسيناريو التلفزيوني والفيلم السينمائي، ولعل أشهر أعماله التي تابعها كل الوطن العربي هو فيلم "الحدود" الذي قام ببطولته الفنان السوري دريد لحام، والذي عرض فيه بشكل ساخر مضحك ومؤلم قضية الحدود بين بلدان الوطن العربي الذي كان واحدًا وقطعه الاستعمار. ولد في الماغوط في سلمية بمحافظة حماة عام 1934، وتلقى تعليمه في سلمية ودمشق، وكان فقره سببًا في تركه المدرسة في سن مبكرة، كانت سلمية ودمشق وبيروت المحطات الأساسية في حياة الماغوط وإبداعه، وعمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة "تشرين"، كما عمل رئيسًا لتحرير مجلة الشرطة، احترف الفن السياسي وألف العديد من المسرحيات الناقدة التي لعبت دورًا كبيرًا في تطوير المسرح السياسي في الوطن العربي، كما كتب الرواية والشعر وامتاز في القصيدة النثرية، وله دواوين عديدة. صدرت مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر" عن دار مجلة شعر عام 1959، ثم ألحقها عن الدار نفسها بعد عام واحد بمجموعته الثانية "غرفة بملايين الجدران" عام 1960، وفي عام 1961 أدخل الماغوط إلى السجن للمرة الثانية وأمضى فيه ثلاثة أشهر. في السبعينات عمل الماغوط في دمشق رئيسًا لتحرير مجلة «الشرطة» حيث نشر كثيرًا من المقالات الناقدة في صفحة خاصة من المجلة تحت عنوان "الورقة الأخيرة"، وفي تلك الفترة بحث الماغوط عن وسائل أخرى للتعبير من أشكال الكتابة تكون أوضح أو أكثر حدة، فكانت مسرحياته المتوالية "ضيعة تشرين"، و"غربة"، وفيها أراد الماغوط مخاطبة العامة ببساطة دون تعقيد، وهو واحد من الكبار الذين ساهموا في تحديد هوية وطبيعة وتوجه جريدة تشرين السورية في نشأتها وصدورها وتطورها في منتصف السبعينيات، حتى صارت من كبريات الصحف السورية، حين تناوب مع صديقه الكاتب القاص زكريا تامر على كتابة زاوية يومية، تعادل في مواقفها صحيفة كاملة، وكذلك الحال حين انتقل ليكتب «أليس في بلاد العجائب» في مجلة المستقبل الأسبوعية، وكان لمشاركاته دور كبير في انتشار مجلة «المستقبل» على نحو بارز وشائع في سوريا.