بالرغم من جميع الصعوبات التي واجهها، استطاع منتخب شباب الفراعنة ان يقهر كل الفرق التي قابلها، ويتوج نفسه ملكاً على القارة السمراء بلا منازع، راسماً البسمة على وجوه ملايين المصريين الذين غابت الضحكات عن شفاههم منذ زمن، وأصبحوا أحوج ما يكون لشيء.. أي شيء يفرحهم، وينسيهم حجم المشاكل التي يغوصون فيها. كل التهنئة للكابتن ربيع ياسين المدير الفني لمنتخب مصر للشباب، ونجم الأهلي السابق، ول«رجاله» اليافعين الذين حققوا ما عجز عنه الكبار، وفازوا في جميع مبارياتهم بمن فيهم المنافس العنيد منتخب الجزائر الذي كان يلعب على أرضه ووسط جمهوره.. وآه من القلب من «بعض» جمهوره هذا الذي اصر طوال المباراة على تشجيع منتخب «غانا» الشقيق!!.. وكيل السباب للمنتخب المصري، على الرغم من حرص المشجعين المصريين الذين حضروا اللقاء على رفع علمي مصر والجزائر في الجزء المخصص لهم من المدرجات.. لكنها كرة القدم – قاتلها الله – التي شحنت الاجواء بين الشعبين الشقيقين منذ عقود. مرة أخرى.. حسنا فعل الكابتن ربيع ياسين، الذي أصر في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب المباراة على توجيه الشكر إلى الجزائر والتأكيد على أنه: «ليس معنى هتاف البعض ضدنا أن الجزائريين يكرهوننا، فقد رحبت الجزائر بالمنتخب المصري طوال البطولة،.. ولا تبالغوا فيما حدث». كلام متزن من رجل عاقل أتوقع أن يشهد هذا المنتخب الواعد على يديه مستقبلا يليق بمصر وموقعها على الساحة الأفريقية التي طالما سيطرنا على بطولاتها. واستمرارا مع «الساحرة المستديرة» قرأت بالأمس حيثيات حكم محكمة جنايات بورسعيد في أكبر مأساة كروية شهدتها مصر على مدى تاريخها، وواحدة من أسوأ الكوارث الرياضية في العالم، تلك الجريمة البشعة التي راح ضحيتها 74 شاباً مصرياً وإصابة المئات في استاد بورسعيد، حيث أدانت المحكمة 45 متهما، منهم 21 عاقبتهم بعقوبة الإعدام شنقا، وآخرون بالسجن المشدد. المهم ما جاء في أسباب الحكم التي تقشعر لما جاء به الأبدان. هل يمكن لعاقل أن يصدق أن أبناء الوطن الواحد يفعلون ذلك ضمن تشجيع رياضي؟!.. لا أعتقد فالمسألة أكبر من ذلك ولاشك. وسأقتطع سطوراً قليلة من حيثيات الحكم حتى نعرف حقيقة ما حدث «أسرع المجني عليهم بالهروب من اعتداء المتهمين الى الممر المؤدي للسلم الذي ينتهي بباب الخروج فكانوا كالمستجير من الرمضاء بالنار، اذ فوجئوا بالمتهم الضابط المعين على الخدمة وقد اغلق الباب واحكم اغلاقه قبل نهاية المباراة بخمس دقائق وانصرف من مكان خدمته فتكدسوا بالمئات وانحشروا بين الباب المغلق وفتحه الممر والمتهمون يقذفونهم بالحجارة، ويعتدون عليهم بالصواعق والاسلحة البيضاء والعصي، وبلغ فحش المتهمين الاجرامي ان قاموا باطلاق الألعاب النارية عليهم بكثافة حتى بدت فتحة الممر وكأنه ينبعث منها حمم بركانية، ثم قام المتهمون بالتعدي عليهم - أحياءهم وأمواتهم - وخزاً بالمطاوي بقصد قتلهم». «من حاول الفرار بالصعود لأعلى المدرج كان قتلهم اشد بشاعة وخسة، اذ تعقبهم المعتدون واطبقوا عليهم والتفوا حولهم واخذوا يحملونهم بعد تكتيفهم من ايديهم وارجلهم، ويلقون بهم من اعلى السور الذي يبلغ ارتفاعه 11 متراً». .. هل لذلك علاقة بأي شيء سوى الجرائم الفاحشة؟ .. هدانا الله جميعاً وأصلح «عقولنا».. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.