ليس مقبولا أبدا هذا التراخي من قبل سلطات التحقيق القضائية بالنسبة لاتهام المستشار عبد المجيد محمود رئيس محكمة استئناف القاهرة بتقاضي هدايا من مؤسسة الأهرام بما يزيد على ستين الف جنيه مصري ، فحتي وان كان الإتهام مجرد أقوال مرسلة لاكتها ألسن الإعلاميين ومرت في شريط الأخبار في فضائيات مصر والعالم العربي فإن ذمة الرجل الذي ولي منصب النائب العام سنوات طويلة بصفته أمينا على الدعوى الجنائية وممثلا للهيئة الإجتماعية يجب أن تظل بيضاء ناصعة فإن لم تكن كذلك فالمتوقع من جهاز القضاء -الذي زعم شيوخه المستشار الغرياني والمستشار أحمد مكي وغيرهم أنه قادر على تطهير نفسه - أن يخرج رئيس مجلسه الأعلي في مؤتمر صحفي عالمي ليعلن للعالم كله أن النائب العام المصري السابق كان يتلقي هدايا من المؤسسات الصحفية بعشرات الآلاف من الجنيهات ، أما هذا الصمت المطبق غير المبرر فلا يعني سوى أن ظلالا كثيفة من الشك تحيط بأسلوب التعاطي مع القضايا التي تمس أشخاص المرفق المقدس . السلطة القضائية ليست نقابة مهنية ينبري القائمون عليها للدفاع عن مصالح أشخاصها وإنما هى حكم عدل أو يفترض أنها كذلك بين المواطنين بعضهم البعض أو بين المواطنين والسلطة الحاكمة ، وعليه فإن منح امتيازات في التحقيق لمن يثبت تورطه من القضاة أو أعضاء النيابة أكبر من تلك التي تمنح للمواطنين يجب أن يكون طبقا للقانون والدستور وأن يكون الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة هى الحفاظ على هيبة القضاء وقدسيته في نظر الهيئة الإجتماعية دون أن يخل ذلك بعدالة التحقيقات وشفافيتها وعدم التهاون مع المتهم سواء في تحقيق الأدلة أو مناقشة الشهود ، ومتى انتهى التحقيق فإن حق المجتمع في معرفة تفصيلات الموضوع هو حق أصيل لأنه القيم على أداء سلطات الدولة ومنها السلطة القضائية وقد يتجه المجتمع ليقيم جدارا في بنيانها يريد أن ينقض أو يهدمه ويعيد بناءه على أساس سليم . كذلك فإن الشعب الذي رأى وسمع شباب النيابة العامة يتظاهرون أمام مكتب النائب العام ثم يقومون باحتجازه بعد ذلك في مكتبه يريد أن يعرف ماذا تم في التحقيقات معهم وما إذا كان ما قاموا به يمثل جريمة أم لا ؟ وإن كان يمثل جريمه فهل هى مما يجوز فيها التصالح ؟ وإن كان يجوز فيه التصالح فهل تم التصالح ؟ وإن كان قد تم فهل يصلح هؤلاء من بعد أن يمثلوا الهيئة الإجتماعية ويكونوا أمناء على الدعوى الجنائية ؟ فقط نريد أن نعرف ولا نطمع أبدا ونحن الفقراء المساكين من عامة الشعب أن يكون لنا في الموضوع قول أو تعليق . نريد أن نعرف أيضا ماذا تم مع السادة القضاة الذين أضربوا عن العمل وتركوا الجلسات والقضايا دون فصل عمدا وهل يمثل ما قاموا به جريمة أو خطأ مهنيا جسيما أم لا ؟ وماذا فعلتم معهم . " الشعب يريد أن يعرف " على الأقل إن كنتم قد قمتم بواجبكم الذي أقسمتم على القيام به ... أم لا . [email protected]