هذه الحالة من التشفي في محاصرة المقر الرئيس لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، وحرق عدد من المقرات في المدن المختلفة، تعكس مدى تهاوي المعطلون الرافضون لتقدم مصر، ويصرون على استمرار الفوضى والفراغ، لكن الأيام تثبت إفلاسهم، فلم يعد ممكنًا لأي عاقل أن يوافق على ما يحدث مهما كانت خصومته مع الإخوان ومهما كانت أخطاؤهم. إننا لم نر مبادرة واحدة من كل الرافضين للرئيس محمد مرسي إلا مبادرة واحدة وهي الانتخابات الرئاسية المبكرة، وهي ما يعني عودتنا لنقطة الصفر، وتعني أيضًا الاستهزاء بالذين أدلوا بأصواتهم في انتخابات تاريخية أبهرت العالم. محاصرة مقرات الإخوان وحرقها مرة أخرى ومنحها الشرعية عبر عدد محدود من الفضائيات ذات الصوت العالي، وبعض السياسيين الديماجوجيين، يجعل الشارع ينحاز، بل ويصر على الانحياز للإخوان إن لم يكن قناعة بهم، فمن قبيل عقاب من استهانوا به، وحاولوا التدليس عليه بطرق فجة، لا تحترم أبسط العقول. كيف يقتنع المواطن العادي بجدية هؤلاء الذين يتاجرون به، ويسعون لمكاسب سياسية ضيقة باسم إنقاذ الوطن من قبضة الإخوان، فيما تبدو نواياهم السيئة من زلات لسانهم، بما يمكن أن يقودوا الوطن لو تمكنوا من سدة الحكم؟ هذا المشهد العبثي لا يمكن أن يعبر عن جموع الشعب المصري الطامح للتغير الحقيقي، والذي يفهم الحقيقة ويراها بشكل عفوي وفطري دون صخب أو مزايدة، فيما يصر من أسموا نفسهم نخبًا على امتهان عقولنا بتصرفاتهم البليدة التي لا تخطئها العين! كيف يمكنني قبول تسمية هؤلاء البلطجية بالثوار؟ نعم مذيعو هذه الفضائيات قالوا بملء أفواههم، دون حياء ولا خجل! إن الحالة الراهنة، هي حالة الفرز والتمحيص، فمصر تنفي خبثها، على كل المستويات، وبالرغم من هول ما يحدث إلا أن الأقنعة التي تسقط يوما بعد الآخر ستريحنا في المستقبل من الكثير من السياسيين والمثقفين والإعلاميين، الذين بانت خبايهم، وظهروا على حقيقتهم، وما هي إلا أيام ويذهبوا مع من ذهب وتبقى مصر وطنًا وشعبًا، لا يقبل إلا من يحكمه بما يرضي الله، سواء أكان هذا الحاكم من الإخوان أو أي فصيل وطني، ورهاننا جميعا كمواطنين على من يحب مصر ويسعى لخيرها! إنني أهيب بالمثقفين الوطنيين بالتجرد عن الهوى والعودة لضمائرهم والنظر للمصلحة العليا للوطن، والالتفاف حول مصر، وحمايتها شعبًا ووطنًا، أناشد فيهم المسؤولية التاريخية أمام النساء والأطفال الذين يملأ الخوف قلوبهم، ولا يعرفون أين ترسوا سفينة الوطن التي تتقاذفها أمواج التخبط والخوف والتدمير، أهيب بهم أن يكونوا رسل سلام وأمن للمجتمع؛ كل المجتمع بصرف النظر عن فصائله وعن انتماءاته، ولا ينظروا إلا لمصر؛ مصر وفقط.. اللهم احفظ مصرنا الحبيبة وجنِّبنا الفتن!