مثل كرة الثلج, هكذا صارت أزمة الاعلان الدستوري, كل يوم يمر عليها دون حل تكبر وتتضخم حتي كادت تحرق البلاد, بعد أن غابت لغة الحوار واختفت الحكمة في التعاطي مع هذه الأزمة التي أشعلت فتنة كنا في غني عنها. العناد هو المنهاج والعنف هو الاداة والنتيجة الحتمية وطن ضائع مفكك وبلد مقسم, وها هو المشهد, وها هي الحقيقة المرة, تفكيك واضح لمؤسسات الدولة, وتفتيت ممنهج للمجتمع, وتقسيم مخطط للبلاد. في المشهد الاحدث للأزمة, يطل العناد برأس الفتنة من القصر الرئاسي رافضا التراجع قيد أنملة, هكذا قال رئيس الديوان, في المقابل أطل نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ماهر سامي ببيان قاطع وواضح رافضا الاعلان الدستوري غير معترف به بالمرة بل أضاف أن المحكمة ماضية في نظر قضايا بطلان التأسيسية والشوري, وعلي الأرض لم يختلف المشهد كثيرا فالعناد والأصرار علي اسقاط الاعلان هو قرار واضح للمتظاهرين المحتجين في التحرير, وبنفس الدرجة من الاصرار والعناد ايضا يرفع تيار الاسلام السياسي شعار لا تراجع ولا استسلام. فيما دخلت الجمعية التأسيسية علي خط المواجهة, بسيناريو قد يفجر الأزمة بالسعي إلي طرح مسودة الدستور المختلف حولها للتصويت في غياب القوي المنسحبة وإحالتها للرئيس خلال يومين تمهيدا للدعوة للاستفتاء خلال10 أيام, وهذا السيناريو من وجهة نظر انصاره وهم تيار الاسلام السياسي واهل القصر الرئاسي سيقطع الطريق امام المحكمة الدستورية من جانب وينزع فتيل أزمة الاعلان الدستوري من جانب آخر, والذي سيلغي فور الاستفتاء علي الدستور. وفي قلب المشهد العبثي تقف النخبة, تتبادل الاتهامات, تتقاذف الشتائم, بينما القاعدة العريضة من الشعب كفرت بالحرية, وتاهت عن الحقيقة, تتفرج علي هذه المسرحية الهزلية وتقضي ليلتها كل يوم بين الفضائيات التي اتخذت من الأزمة مجالا للاثارة, ومزادا لصعاليك السياسة, ومراهقيها, هكذا صارت مصر فريسة للمعاندين والمتآمرين والصعاليك, ولله الأمر من قبل ومن بعد.