اللهم ارحم نفوس مؤمنه تألمت وما اشتكت وتكلمت.لما أحببت أن اكتب عن أمي المجاهدة الحاجة "غنا" والتي مات عنها زوجها أبي وهي في ريعان شبابها 34 عام تاركا لها ستة أطفال أكبرهم أختي 12 عام والباقي ذكور أحدهم 11 عام والآخر9 أعوام والذي يليه 7 أعوام وأخوكم5 أعوام والأخير عامين لم أجد فرصة أفضل من هذه الفرصة وذلك حينما قرأت خبر وفاة الأم المجاهدة أم نضال. لم تلق أمي أي هوان مع أبي فكان لا يخرجها من بيتها ويغار عليها من الهواء ويساعدها في كل شيء كما تحكي لي عنه وفجأة مرض ومات وانتقل إلى جوار ربه فخرجت إلى الدنيا تكد وتتعب لكي توفر لقمة العيش لصغارها وحملت على ظهرها فهي أميه لم تتعلم وكانت تخاف علينا من النسمة حتى كبرنا وتعلمنا وها هي مريضه ترقد الفراش وأنا أجلس بجوارها تزرف عيني بالدمع وأنا أتذكر أيام مرت علي وهي تجري لكي تلحق بأوتوبيس العمل حتى توفر أجرة ركوب الميكروباص وليس التاكسي فلن تستطيع وكثيرا من المشاهد جاءت أمام عيني فبكيت وخاصة لما مرضت وطال أمد المرض بي فكانت تجلس بجواري ليال وتقول أتمنى أن أموت أنا بدلا منك يا بني حتى حار الأطباء في مرضي وفي يوم قمت من الليل ابكي وأصلى وادعوا وقلت يارب لأجل خاطر أمي اشفني فشفاني الله . لأجل هذه الأم المجاهدة استجيبت دعوتي وشفيت لأنها كانت تموت معي ومواقف ومواقف كثيرا ما احكي عن وعن جهادها في الدنيا ومدى حبها لنا . تلك هي الأمومة أحبتي وأنا اجلس في مكتبي وأفكر في أمي الحبيبة وأدعو لها بالشفاء قرأت نبأ وفاة أم نضال خنساء فلسطين " صاحبة القوله المشهورة "خير من يبرني هو ابني الشهيد فهو الذي سيشفع لي بشهادته. وتقول من كانت تحب ولدها فلتعطه أغلى ما تستطيع.. وأغلى ما يمكن أن نقدمه لأبنائنا هو الجنة" نعم "خنساء فلسطين" لم أكن لأتحدث عن أمي ولكني استشعرت شيئا آخر قدمته أم نضال غير أنها قدمت أولادها لله فماذا قدمت ام نضال قدمت أمومتها وعاطفتها لله فربط الله على قلبها كما ربط على قلب أم موسى وما كانت تتحمل الأم غياب ولدها أبدا إلا لأن الله ثبتها وربط على قلبها ذلك لأنها تستحق بما لديها من إيمان عميق يبعث على التضحية وبذل كل غالي ونفيس حينها تصل التضحية إلى هذا الحد وهو بذل الولد ويا لها من تضحية . أم نضال . التي قدمت لله ثلاثة من أبنائها شهداء وزفتهم إلى الجنان هم محمد فرحات والذي استشهد 2002 ونضال فرحات والذي استشهد 2003 ورواد فرحات والذي استشهد2005 ورابعهم وسام الذي يقبع في سجون الاحتلال منذ12عام وحتى الآن. إنها أم نضال فرحات: إنني أشعر بالفخر أولا بأن أمتي لا زالت بخير طالما موجود فيها هذه النوعية الفذة من المؤمنين واشعر بالخجل من نفسي حين أقف وأنا رجل. أمام تضحيات هذه الأم الحنون التي مثلها مثل كل أمي وكل ام لها عاطفة الأمومة وما أدراك ما عاطفة الأمومة فماذا قدمت انا؟ أم نضال . لقد فقدت الأمة امرأة بآلاف الرجال العظام وليس من يقال عنهم الرجال قدمت أعلى نماذج التضحية والفداء لهذا الدين ولفلسطين الحبيبة فمن يعرفها؟ إنها "أم نضال فرحات"..هل تحدث عنها الإعلام العربي كما يتحدث عن المشاهير.لا وإن تحدث عنها فلن يوفيها حقها.لكن يكفيها أن يزفها أهل السماء لتلحق بأبنائها الثلاثة الشهداء نضال ورواد ومحمد فرحات حيث أرواحهم في حواصل طير خضر في الجنة يطوفون بهم بين أشجار الجنة و ها هي لحقتهم ام نضال. نقف اليوم بإجلال وإكبار. ونحن أمام حدث عظيم.. نقف وتتلعثم في الأفواه عاجزة . كنا نفتخر حينما كنا نقرأ قصص الأجداد كنا نفتخر ببطولاتهم وتضحياتهم وكم كان يعتصرنا الألم ونشعر بالخزي عندما نجد الهوة بيننا وبين الأجداد بعيدة المنال. في وقت يخيم فيه علينا الخنوع جراء ما يحدث في فلسطين والعالم الإسلامي، إننا أمام علامة فارقة و ظاهرة "أم نضال فرحات".هذه المرأة المجاهدة التي آوت إلى ركن شديد وهو الله فأوت في بيتها القائد المجاهد عماد عقل فكانت تستشعر أمومتها لكل مجاهد فلم تؤثر الصمت مثل الكثيرين ولكن أبت إلا أن تحتضنه مع أولادها ليعلمهم معنى الجهاد والتضحية وقد كان. هذه المرأة العظيمة مدرسة في الثبات والتضحية والصبر ورباطة الجأش وهي "حجة علينا جميعاً" وقفت شامخة بكل شموخ دعت إلى الجهاد وربطت على يد الأمهات الذين فقدوا عزيز لهم وتدعو شعب فلسطين وتدعو المسلمين جميعًا لتحرير أرضهم. لتكشف أن هذه الأمة لا زالت فيها حياة فلم ولن تمت أبدا. وحينما يجيء ذكر أم نضال فرحات يمر شريط الذكريات في خيالنا ويحمل بين طياته صورًا للصحابيات الكرام "خوله بنت الأزور والخنساء ونسيبة بنت كعب وغيرهن. وفي العصر الحديث تذكرني بأمنا الفاضلة الحاجة زينب الغزالي يرحمها الله. أم نضال أم المجاهدين هكذا اقول قامت بأعمال يعجز عنها أعتى الرجال في كل عصر قلت فيه النخوة والشجاعة .نحن بحاجة إلى هذه المدارس لنتعلم منهم دروس التضحية والثبات والثقة بما عند الله ونستخلص درسا عظيما أن الموت موتة واحدة كما قال عز الدين القسام "فلتكن في سبيل الله" وأن الفوز بالشهادة هو الانتصار الحقيقي وهو أسمى ما يقدمه المرء إلى الله وما من امة سطرت اسمها على صفحات التاريخ إلا كان وراء ذلك المجد هدف كبير وغاية عظيمه ورجال صدقوا في الوصول إلى غايتهم فقدموا تضحيات جسام وبذلوا الجهد والعرق في سبيل الوصول إلى غايتهم.وما من غاية اشرف واعز من مرضاة الله والجنة. قال تعالى " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهدة من الله"وقال تعالى"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع اللهم اشف أمي وارحم الله أم نضال وأمهات المسلمين وتقبلهم يا رب في الصالحين وارزقنا برهم وألحقنا بهم على الإيمان أجمعين * باحث عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]