هناك حملة محمومة مسعورة تجرى بصورة مركزة ومكثفة تستهدف النيل من حركة حماس وزرع روح الكراهية لها بين المصريين تقودها الألة الإعلامية الجهنمية بكافة صورها ووسائلها المختلفة،والتى لاتتوقف عن الدوران ليل نهار لترسيخ صورة ذهنية سلبية شديدة السوء عن حماس فى أذهان المصريين تقوم على نشر أخبار مجهلة لايعرف مصدرها، وفبركة الوثائق، ونشر الأكاذيب ولقد تزايدت وتسارعت وتيرة هذا الأفك والبهتان فى الأسابيع والأيام القليلة الماضية من ناحية الكم والكيف بصورة ملفتة للنظر تدعوا للتساؤل عن المغزى وراء ذلك؟ ولنأخذ عينة مما نشر فى الأيام القليلة الماضية :. - مانشرته الأهرام العربى من اتهام حماس بقتل الجنود المصريين فى معسكر رفح فى رمضان الماضى وإيراد أسماء ثلاثة من حركة حماس زعمت أنهم من نفذوا العملية - الادعاء بدخول 500 من عناصر حماس وفى رواية أخرى 7000 وفى رواية ثالثة الاتفاق على الدفع بعشرة الآف إلى مصر لتأمين حكم الإخوان ،ونشر وثيقية سرية منسوبة الى حركة حماس تؤكد الدفع بأفراد كتائب عز الدين القسام الى مصر لمساندة الإخوان - القبض على 7 من الفلسطينيين فى مطار القاهرة ومعهم رسوم لمواقع ومنشئات مصرية هامة والإفراج عنهم وترحيلهم الى غزة بأوامر من الرئيس مرسى - مشروع لإنشاء مدينة فى سيناء باسم النهضة تستوعب مليون نسمة لتوطين الفلسطينيين - طلب حماس من السيسى التوطين فى فلسطين، ورفضه لهذا الطلب - سرقة ماكينة الرقم القومى من سيناءأثناء الانفلات الأمنى الذى صاحب ثورة 25 يناير وتهريبها لحركة حماس فى غزة (لماذا لم يعلن عن ذلك إن كان صحيحا إلا الآن وبعد أكثر من عامين؟!!) واستخدامها فى استخراج بطاقات رقم قومى وادخال عناصرها لمصر - طلب حركة حماس من د مرسى التوسط لدى السيسى لمقابلة خالد مشعل ورفض السيسى - العثور على قماش يصنع منه ملابس الجيش المصرى، بمنطقة الصرصورية بمحافظة شمال سيناء قبل تهريبه الى غزة عبر الأنفاق وتغيير الجيش المصرى زيه نتيجة لذلك هذه بعض الأمثلة للاتهامات التى وجهت لحركة حماس فى الأونة الأخيرة فضلا عن ترديد وتكثيف الاتهامات السابقة التى أعقبت الثورة،وأثنائها أيضا عن اقتحام حماس للسجون، وتهريب عناصرها وعناصر حزب الله والإخوان، وتواجد عناصرهم فى التحرير أثناء الثورة بل واتهامهم أنهم الطرف الثالث الذى كثر الحديث عنه والملاحظ أن كل هذه الأخبار باستثناء موضوع ملابس القوات المسلحة مجهولة المصدر فهى منسوبة إما الى مصدر عسكرى،أو مصادر أمنية أو مصدر سيادى "لانعرف مالمقصود بالمصدر السيادى هنا" فهى أخبار ضعيفة القيمة من الناحية المهنية ،وبلغة أهل الحديث فهى تفتقد لصحة السند فضلا عن المتن، والملاحظ أن معظم هذه الأخبار مصدرها صحيفتا الوطن والمصرى اليوم وموقع اليوم السابع وعنهم تنقل كافة المواقع وصفحات التواصل الاجتماعى، وهناك خبر واحد وهو الخاص برفض السيسى مقابلة خالد مشعل فهو منقول عن جريدة معاريف الصهيونية، أما الوثيقة الخاصة بدخول أفراد من حماس الى مصر، والتى أوردها أحد المواقع فلا أحد يعلم مصدرها حتى يتأكد من مدى صحتها، وإن كان من الواضح تلفيقها وفبركتها فمنذ متى كانت الوثائق الخاصة بحماس التى تواجه الكيان الصهيونى متاحة بهذه البساطة على قارعة الطريق وعلى صفحات الإنترنت؟ وكيف أن الحركة - التى استطاعت إخفاء الجندى الصهيونى جالعاد شاليط لأكثر من خمس سنوات رغم كل المحاولات الصهيونية بكل إمكانياتها للتوصل الى مكانة – لاتستطيع تأمين وثائقها والواقع أن كل هذه الأخبار لايوجد دليل عليها وتم نفي معظمها بنفس الطريق نقلا عن مصادر مجهولة، والبعض تم نفيه من جانب المسؤلين مثل نفى مدير أمن شمال سيناء سرقة ماكينة الرقم القومى، وأنه لايوجد أصلا ماكينة للرقم القومى فى سيناء، وأنه يتم إرسال الأوراق الى الإسماعيلية لاستخراج البطاقات والواقع أنه إذا تأملنا هذه الأخبار لانجدها تصمد أمام المنطق العقلى، ولاتحتاج الى عناء كبير لإثبات ضعفها وتهافتها فماهى الفائدة التى تعود على الاخوان من وجودعناصر حماس فى مصر فهل هناك حرب أهلية ويحتاج الإخوان الى مساندة ؟ وهل وجود هذه العناصر المزعومة يضر أويفيد الإخوان ؟ وماذا لو اكتشفت هذه العناصر وألقى القبض على بعضهم ؟ ثم أين الميلشيات المزعومة للإخوان الذين لايكلون ولايملون من الحديث عنها حتى يتم الاستعانة بعناصر أجنبية من حماس؟وماالفائدة إذن من ميلشيات الإخوان والتى لم نر لها أثرا عند حرق 30 مقرا للإخوان وحزب الحرية والعدالة ؟!!! أما مسألة التوطين فى سيناء فالفلسطنيون لم يتخلوا أبدا عن حق العودة رغم الإغراءات التى تقدم لهم فهل يتصور أن يغادروا أرضهم ،وهم الذين يطالبون بحق العودة لمن اضطر الى مغادرة أرضه أمام المذابح الصهيونية عام 1948،وهل من يريد من أهل غزة مغادرة أرضه ستكون وجهته سيناء أم كندا واستراليا ؟!!! وهل الفلسطينيون الذين رأينا مدى تشبثهم بأرضهم وتدفقهم على معبر رفح للعودة لغزة أثناء الهجمات الصهيونية عليها يقدمون على مغادرة أرضهم بهذه السهولة ؟ أما الحديث عن رفض السيسى لطلب حماس التوطين ووساطة الرئيس لمقابلة خالد مشعل فهو أمر لايمكن تخيله إلا إذا تخيلنا أن القوات المسلحة أصبحت دولة داخل الدولة وأن رئيس الجمهورية الذى هو فى نفس الوقت القائد الأعلى للقوات المسلحة ليس له سلطة عليها أما الحديث عن الفلسطينيين السبعة الذين تم الزعم بدخولهم مصر بطريقة غير شرعية وهم يحملون رسوم لمواقع عسكرية مصرية فقد تم الإفراج عنهم بعد ثبوت دخولهم مصر بطريقة شرعية وتكذيب ماذكر عن أنهم كانوا يحملون رسوم لمواقع مصرية وبعيدا عن كل مايثارمن أكاذيب وترهات فإن الأمرين الذين يجب التوقف عندهما لخطورتهما هو مايتعلق بملابس القوات المسلحة وموضوع مصرع الجنود المصريين فى رفح وبالنسبة للأمر الأول فإن ماأعلن عنه أن القماش الذى يصنع منه ملابس الجيش قد ضبط فى سيناء وقبل تهريبه عبر الأنفاق وقد ذكرت مصادر فلسطينية "تانى مصادر " أن هذا القماش يهرب منذ سنوات وأنه يصنع منه ملابس الأجنحة العسكرية الفلسطينية وبعيدا عن ذلك فإن الأمر بيد الجيش الذى يجب عليه التحقيق فى هذا الموضوع والإجابة عن الأسئلة التى يطرحها هذا الأمر فهل كان هذا القماش فى طريقه الى غزة فعليا ؟وإن كانت هذه وجهته فعليا فماهو الغرض من تهريبه الى هناك ؟ وقد نفت مصادر عسكريه أى علاقة لتغييرزى القوات المسلحة بتهريب الأقمشة وأن موضوع تغيير الزى كان مقررا من قبل أما موضوع مقتل الجنود المصريين فى رفح وتوجيه الاتهام لحماس بارتكابها فيحتاج الى وقفة نظرا لبشاعة هذه الجريمة ولعل السؤال الذى يطرح نفسه ماهو الدافع لحركة حماس لارتكاب هذه الجريمة؟ إن المبررات التى تساق فى هذا الصدد هو الانتقام من إقدام الجيش المصرى على هدم الانفاق ،والبعض الذى يغرق حتى أذنيه فى نظرية المؤامرة يذهب الى إقدام حماس على هذه الجريمة لتقديم المبرر للرئيس مرسى لاستغلال الحادث للتخلص من المجلس العسكرى ومن الواضح أن كلا المبررين لايقدمان مسوغات مقنعة لإقدام حماس على هذا الجريمة فهل تقبل حركة حماس - التى التزمت منذ نشأتها بعدم التدخل فى شئون الدول الأخرى واقتصار عملياتها العسكرية على الداخل -على ارتكاب هذه الجريمة البشعة فى شهر رمضان وقت الإفطار ؟ وحتى إذا تغاضينا عن الوازع الأخلاقى فقد تعرضت حماس للحصار وكذلك محاولات عمل جدارعازل لغلق الأنفاق أيام النظام السابق فلماذا لم تقدم على مثل هذا العمل من قبل ؟ فضلا عن أن الموقف فيما يخص معبر رفح بعد الثورة تحسن كثيرا وقدمت الكثير من التسهيلات والتيسيرات كما أن الإقدام على هذه الجريمة لن يفيد حماس فى شىء بل يضر بقضيتهم أما الحديث عن مؤامرة للتخلص من المجلس العسكرى فهو أمر غاية فى الغرابة لأن أول المتضررين من هذه العملية كان هو د مرسى نفسه بصفته رئيس الجمهورية ،والتى نالته الهجمات والانتقادات التى تحمله المسؤلية عن هذه الجريمة وقد تعرض هشام قنديل للاعتداء فى المسجد عقب الصلاة على شهداء المذبحة، ولولا تراجع الرئيس عن المشاركة فى الجنازة فى أخر لحظة لتعرض لموقف محرج فى الوقت الذى تصدر طنطاوى وعنان الجنازة فهذه الجريمة لاتصب أبدا فى مصلحة الرئيس فلايمكن أن تقدم حماس على هذا العمل ولومن باب انتمائها للإخوان الذى يلعب على وتره البعض على الأقل حتى لاتحرج الرئيس لقد تغاضى مروجو هذه الأخبار ومن يطلق عليهم المحللون الاستراتجيون الذين ملأوا الأرض والفضاء هذه الأيام ،والذين تباروا فى الظهور على الفضائيات لإلصاق الاتهام بحماس التوجه بحديثهم للقضاء العسكرى الذى يتولى التحقيق فى القضية ،وكذلك الأجهزة المرتبطة بالموضوع كالمخابرات العامة والمخابرات العسكرية للكشف عما توصلت اليه التحقيقات بدلا من الانطلاق من أخبار غير موثقة لادليل على صحتها لقد صرح عادل المرسي، رئيس هيئة القضاء العسكري السابق ردا على اتهام حماسبهذه الجريمة، أن التحقيقات فشلت في الكشف عن المتورطين في الجريمة. وأن الأدلة المتوفرة حالياً ليست كافية للتوصل إلى مرتكبها، موضحا أن علم بعض أجهزةالمخابرات بوقوع الحادث لا يعنى معرفتهم بالمسئول عنه. وأضاف أن تحقيقات حادث رفح، ما زالت جارية، وأن التحقيقات المبدئية سرية، وأنه لم يتم غلق القضية؛ لأن النيابة، سواء العامة أو العسكرية، لا تقدم أي متهم، إلا إذا كان هناك دليل، يمكنها من رفع الدعوى الجنائية ضده كما تغاضوا عن الإجابة عن السؤال التقليدى الذى يطرح عقب أى جريمة وهو من المستفيد منها ؟فهل الكيان الصهيونى غير مستفيد من هذه الجريمة ؟!! وهل لاتوجد أطراف فلسطينية معادية لحركة حماس مستفيدة من حملة الأكاذيب ضد حماس وتعمل على دعمها ومدها بالأخبار والوثاق المفبركة ؟ كما تغاضوا عن تكذيب حماس لكل هذه الأخبار وتأكيدها على أن الحفاظ على الأمن القومى لمصر يصب فى مصلحة الفلسطينيين، وإبداء استعدادها الكامل للتعاون مع السلطات المصرية فى الكشف عن ملابسات حادث رفح، وتأكيدها على التواصل المستمر مع المخابات المصرية التى تتولى ملف حماس إن الحملة التى تتعرض لها حماس تشبه الحملة التى تعرض لها الفلسطينيون أيام السادات بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد وتوجيه الاتهامات لهم ببيع القضية، وبيع أراضيهم لليهود وكذلك الحملة التى طالت حماس فى عهد النظام السابق فى ظل انحيازه لحركة فتح وأبومازن، والعداء للتوجه الإسلامى لحركة حماس إن الحملات الموجهة الى حماس ومحاولة تشويهها وتصويرها على أنها خطر على الأمن القومى الهدف منه الزج بها فى الصراع والاستقطاب السياسى فى مصر بين التيار الإسلامى وعلى رأسه الإخوان المسلمون، والتيارات الأخرى ومحاولة إدخالها كطرف فى المعادلة السياسية المصرية، ومحاولة استغلال انتمائها الفكرى للإخوان المسلمين لتشويه الإخوان فى مصر،وإظهارهم بمظهر الذين يتواطؤن مع حماس ضد مصالح مصر، وعلى حساب الدماء المصرية والأمن القومى المصرى، وضرب التعاطف الشعبى مع حماس والفلسطينيين، والذى لم يتأثر بقيام ثورة يناير وانشغال المصريين بشؤنهم الداخلية وهو ماتجلى بوضوح فى المظاهرات الصاخبة التى شهدتها مصر بعد الثورة ضد الكيان الصهيونى وحصار السفارة الصهيونية وإنزال العلم الصهيونى من عليها * مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]