بثت "المصريون" على موقعها الإلكتروني يوم الجمعة الماضي 15/3/2013 فيديو لعبد الله بدر يقول فيه (وأنا باستغرب والله لما ييجي الكافر ربنا يهلكه، ولا يموت ولا الكفرة يموتوا زي ما كان بيحصل.. بلاد كفر يقوم فيها زلزال ياخد اللي فيها، ولا يطلع بركان يضيع اللي فيها يقول لك نأسف ونحزن ونشاطركم الأحزان، يا أخي دا ربنا قال "فلا تأسَ على القوم الكافرين" يا راجل.. يا راجل حزين وبتتأسف على مين..؟ الله يحرقهم مطرح ما راحوا). هكذا بدا الرجل وكأنه يقرر حكمًا شرعيًّا، مستدلاً بآية من القرآن الكريم، منتهيًا إلى أن القرآن يحث المسلم على الشماتة فيما يقع لخلق الله من كوارث، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأنا فقط أتساءل: - ماذا لو منع عنا هؤلاء التطعيم ضد شلل الأطفال؛ ليشلوا أطفالنا ولا نجد من يتعاون معنا منهم..؟ - هل نسعد إذا أصيبت دولة (الدنمارك) مثلا بكارثة محتها من الوجود..؟ فمن أين نحصل على الأنسولين للملايين من مرضى السكر والدنمارك هي الدولة الوحيدة في العالم التي تنتجه..؟! - إذا استمع العالَم إلى هذا الكلام من رجل يقدم نفسه باعتباره عالمًا من علماء الدين الإسلامي، ثم يرى جهود دولة كاليابان -وهم يعبدون الأصنام- فيرى جهودهم في إغاثة الملهوفين وإنقاذ المنكوبين في العالم كله مسلمين وغير مسلمين، وتقديم المعونات والمساعدات لهم.. فهل بعد ذلك سيرى أن الإسلام هو دين الرحمة للعالمين..؟! - إذا أراد الصهاينة أن يشوهوا ديننا، وأن يذيعوا في العالم كله أننا أمة تفرح بوقوع المصائب وتريد هلاك العالم؛ ولا ينبغي أن يٌمَكَّن لها أو يسمح لها بامتلاك أسلحة حديثة بأي ثمن.. فهل يحتاجون لأكثر من إذاعة هذا الفيديو..؟ وأقول لعبد الله بدر اعتقدْ ما تشاء، وقل ما تشاء فإنما تعبر عن نفسك فقط لا غير، وحسابك على الله، ولكننا لن نسامحك أبدًا على إساءتك للإسلام الذي لا نملك سواه، ولا عزة لنا دونه، وأقول لك: أما نحن فنكره الكفر ولا نرضاه لأحد، ولكننا لا نكره الناس، ونرجو الخير للعالمين، يقول تعالى: (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ) ويقول: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ونعلم أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم مات ودرعه مرهونة عند يهودي، اقترض النبي عليه الصلاة والسلام منه 30 صاعًا من شعير، ولا نظن أن النبي كان سيسعد بهلاك اليهودي وأهله على الأقل قبل أن يسد إليه دَيْنَه ويفتك درعه. أما عن قوله تعالى: "فلا تأسَ عَلَى القَوْمِ الكَافِرِين" فإنه يدل على رحمة الإسلام ونبي الإسلام بالعالم كله، فقد كان الرسول عليه السلام يأسى ويحزن عندما يموت أحد على غير الإسلام، ويشفق عليه من دخول النار، ويعتقد أنه أفلت منه إلى النار، وكان على النبي الكريم الذي هو رحمة للعالمين أن يَحُول دون هذه النفس التي ماتت والنار، فإذا مات كافر فالنبي يأسى لا شماتة فيه، وإنما إشفاقًا على ما هو مقبل عليه من عذاب جهنم. هذا ما نفهمه من الآية الكريمة، وهي تدل على رحمة الإسلام بالناس أجمعين مصداقًا لقوله تعالى: "وَمَا أرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً للعَالَمِين" أما عبد الله بدر فقد جعلها -ويا للعجب- دليلًا على إباحة الشماتة في الكوارث التي تصيب الناس..؟! إننا نعلم أن الأرض والناس والدنيا كلها قد تستريح لموت ظالم أو طاغية، مسلمًا كانَ أو كافرًا، أما الكوارث التي تهلك الزرع والضرع، ولا تفرق بين طفل ولا صبي ولا رجل ولا امرأة ولا مذنب ولا بريء.. فإن من يسعد بها ويشمت فيها إنما يحتاج إلى مصحة نفسية قولاً واحدًا. صحيح أن الله تعالى يبيد الأمم الظالمة، ويُهلك القرى التي تتغول في الفسق والفجور بكل من فيها، ولكن تلك سنن كونية وإرادة إلهية، لا ينبغي لبشر أن يضع نفسه في موضع الله، ولا أن يتألَّه على الله، وفي الخلط بين هذا وذاك يقع كثير من الذين يهدمون أكثر مما يبنون.. ولا يوغلون في الدين برفق، والنتيجة: إنهم يشوهون الإسلام. [email protected]