بداية ينبغي التأكيد على أنني أتمنى أن ينجح الرئيس مرسي، لأن نجاحه هو نجاح للثورة.. وفشله هزيمة لها.. وما نكتبه هو "نقد سياسي" قد يرضى من في السلطة وقد لا يرضيه، والمسألة هنا لا تتعلق بحسابات الرضا والسخط، وإنما حسابات الوطن وحده ولا يشغلنا من في السلطة الآن، سواء أكان رئيسًا إسلاميًا أو علمانيًا. وفي هذا السياق فإن الحديث عن "أخونة الدولة" قد يعتبرها الإخوان حقًا للجماعة باعتبارها فازت بالأكثرية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.. ثم بالرئاسة.. وهي حجج تحتاج إلى مراجعة.. لأن البرلمان غير موجود، وبالتالي لا توجد أكثرية وأقلية برلمانية.. ثم الأخطر فيما يتعلق بعملية الأخونة ذاتها. وحتى لا يغضب أصدقاؤنا في الجماعة، فإن "الأخونة" مثل "العلمنة" و"العسكرة" وما شابه.. فهي ليست "جريمة سياسية" وإنما "جريمة إنسانية".. لأنها تقوم على "الفرز الأيديولوجي" أو التنظيمي أو المؤسسي. وليس على "الفرز الوطني". والمشكلة الأخطر، هو غياب الوعي بكارثية "الأخونة" أو "العلمنة" لأنها قد تحيل "الدولة الوطنية" إلى "دولة العصابة" أو إلى دولة "حكم الأقلية".. وهي حتى لا يتحسس الأخوان ليست "شتيمة" وإنما توصيف بالغ الأهمية للبناء عليه، في استشراف مستقبل البلاد. وقياسًا إلى ما سبق.. فإن "الأخونة" في مصر، تعدل "البعثنة" في العراق قبل الإطاحة بصدام حسين.. وفي سوريا التي تتفكك حاليًا.. و"قذفنة" الدولة والمؤسسات والجيش أيضًا في ليبيا قبل السقوط المأساوي للعقيد معمر القذافي.. وفي الحالات الأربعة اختفت "الدول الوطنية" وحضرت "دولة العصابة" التي لا يمكن خلعها إلا ب"العنف المسلح". ولعل هذا الوعي، هو الذي أفضى إلى أحد أهم الأسئلة المطروحة على المجتمع المصري الآن: ما هي القوى السياسية أو المنظمة القادرة على "خلع" الإخوان من الحكم، حال سيطروا على كل مفاصل الدولة، وحل الإخوان محل النظام القديم؟! لا توجد أية قوة مدنية أو دينية قادرة على إزاحة الإخوان في طبعتها المهيمنة.. ولا رهان على أي تيار سياسي يحد من توحش وتغول الجماعة.. وليس ثمة بديل والحال كذلك إلا "العنف المنظم" والذي قد يتطور لاحقًا إلى ما يشبه الاقتتال الداخلي أو الحرب الأهلية أو البديل الآمن والمنظم "الجيش" حال توفر له الغطاء الشعبي.. وهو غطاء يمكن صناعته مع تنامي مشاعر الكراهية للجماعة بالتزامن مع الفوضى الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تهدد وحدة البلاد.. ولعل الأخير هو السيناريو الذي يحاكيه تطور الأحداث حاليًا. المشكلة أن الرئيس والجماعة لا يعبئان بمثل هذا السيناريو، الذي بات أقرب إلى شراك نعل الرئيس، من مكتب الإرشاد.. ويراهنان على "الوقت" وعلى "الشعبية" المتآكلة.. وعلى "الشرعية" التي باتت عبئًا على الأمن القومي المصري.! [email protected]