"دبي".. مثل "لندن" باتت هي قبلة "الفلول" والهاربين من مصر والمتهمين في قضايا فساد. الإمارات من بين الدول الخليجية التي لا تخفي قلقها من "تصدير" الثورة المصرية، إلى الدول العربية المحافظة.. ولعل التصريحات العنيفة التي تصدر منها إزاء جماعة الإخوان في مصر، تعكس هذا القلق، باعتبار أن الإخوان هي الجماعة الدينية والسياسية الأخطر بحكم أنها "عابرة للحدود" وتنتشر في كل الدول العربية تقريبًا. التصريحات التي صدرت يوم أمس 9/10/2011، كانت هي الأخطر والأعنف لأنها صادرة من مسئول سياسي إماراتي رفيع وزير الخارجية والذي اتهم فيها الإخوان بأنها لا تحترم "السيادة الوطنية" للدول. تصريحات الوزير.. جاءت بالتزامن مع وساطة "إخوان الأردن" لدى "إخوان مصر" فيما يتعلق بإعادة "تسعير" الغاز المصري إلى الأردن. لا أريد هنا أن أتكلم عنى خطورة "الوساطة" ودلالتها السياسية المقلقة.. لأن علاقات الجماعات الدينية ببعضها تستند إلى "العاطفة".. على النقيض من العلاقة بين الدول التي تعتمد على "المصلحة".. ولعل ذلك ما يبعث على القلق الحقيقي من إمكانية وجود شبهة "مجاملة" لإخوان الأردن على حساب المصلحة الوطنية المصرية.. وذلك حال قُدم الإخوان المسلمون في تلك المفاوضات بوصفهم "سلطة موازية" للسلطة الشرعية.. واضطرت مؤسسة الرئاسة إلى قبول هذا "الإهانة". لا يمكن بحال فصل تصريحات "دبي" عن وساطة "عمان".. فكلاهما يستندان إلى أزمة الولاء داخل النسق الإخواني.. ومنزلة التنظيم الدولي ودوره في رسم السياسات العامة للجماعة.. وما إذا كانت ملزمة للجميع بغض النظر عن "السيادة الوطنية".. أم محض "رأي" يؤخد منه ويرد.. وذلك حال حيدنا "البيعة" و"السمع والطاعة".. باعتبارهما "واجبًا دينيًا" يتعبد بهما الإخوان.. وليس "ممارسة سياسية" تفتقد "شرعية الإلزام" الحديدية كما تقدمها الجماعات الدينية التي تقوم على"علاقات سلطة" تحكم بنيتها التنظيمية الهرمية. ثمة توقعات بحدوث أزمة بين "دبي" و"القاهرة" بسبب تصريحات الوزير الإماراتي.. وهي مبالغة ليست في محلها.. لأنه هاجم "الإخوان" وليس "مصر الدولة".. وإلا اعتبرت الجماعة هي مصر.. وأن الرئيس مرسي رئيس ل"الإخوان" فقط وليس رئيسًا لكل المصريين. من جهة أخرى فإن مثل تلك المخاوف والتصريحات ستظل حاضرة ولن تكون الأخيرة فضلاً عن أنها ليست مخاوف عربية فقط.. وإنما مخاوف مصرية أيضًا، بسبب "أزمة الولاء" داخل الجماعة.. وهي ولاءات ممتدة إلى خارج الحدود.. وهو "الهاجس" الذي سيبقى مصيره معلقًا على قدرة الجماعة على التخلي عن استعلائها وتحديها للتحولات السياسية الكبيرة التي شهدتها مصر والمنطقة العربية.. وقناعتها بشأن تشباك العلاقات "الحركية" بين "تنظيم الداخل" و"تنظيم الخارج".. فهلا تصدى العقلاء داخلها إلى حسم هذا الملف بالغ الخطورة؟! [email protected]