وتحقق ما تنبأت به منذ عامين عن الانهيار الوشيك لأمريكا، عندما قلت إن الحروب ضد المسلمين فى العراق وفى أفغانستان استنزفت الاقتصاد الأمريكى وأنهت الحلم الإمبراطورى الأمريكي.. وقلت حينها إن أمريكا ماتت وننتظر تشييعها. لقد أقر مجلس النواب الأمريكي، الأسبوع الماضى مشروع قانون موازنة قصيرة الأجل، ستسمح بتأجيل إعلان إفلاس الحكومة المحتمل أواخر آذار (مارس) الحالي، فى الوقت الذى يواصل فيه الرئيس باراك أوباما اتصالاته مع أعضاء الكونجرس للوصول إلى اتفاق بشأن خفض الإنفاق. هذا الخبر يؤكد ما كتبناه منذ عامين عن موت أمريكا، والانهيار الوشيك لها، حيث كتبت مقالاً قلت فيه إن أمريكا انهارت اقتصاديًا ودخلت غرفة الإنعاش، وننتظر إعلان إفلاسها، وتضمن المقال 22 مؤشرًا اقتصاديًا يؤكد الانهيار الوشيك للولايات المتحدةالأمريكية. وقلت إن الإمبراطوريات الكبرى سقطت لأسباب اقتصادية وتفككت وانهارت رغم ما تملكه من أسلحة فتاكة. ولأن فكرة موت أمريكا كانت مزعجة لهم، فوجئت بالقيادة المركزية الأمريكية تدخل معى فى مناظرة على الإنترنت والرد على مقالاتي، بل تتبعوا المقالات فى المواقع التى نشرتها لينشروا ردودهم فى التعليقات. وعندما كتبت مقالى السابق بعنوان: "أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن سليمان"، كنت أكشف لأمتى عن حقيقة، ربما تغيب عن البعض بسبب التضليل الإعلامى والضباب لإبعاد الأنظار عن الأفول الأمريكى ونهاية إمبراطورية الشر الأمريكية. أردت أن أبشر أبناء الأمة - بناء على حقائق ومعلومات وليس عواطف وأمنيات - بأن الكابوس الجاثم على صدورنا ينقشع أمام أعيننا ويحتاج أن ننظر بعيوننا وعقولنا لنتأكد وليس بعيون غيرنا، لأن البعض تعود على أن يصدق ما يقوله الآخرون، واعتاد على تصديق الكذب الذى نراه ونسمعه ونقرأه كل يوم. ورغم أن مقالى كان بمثابة طلقة تبدد الصمت الذى يغلف سقوط الصنم، وذكرت فيه رءوس عناوين، فإن رسالتى وصلت إلى الطرف الآخر بأسرع مما توقعت، وضربت على الجرح النازف، وأصابت كبد الحقيقة. وفوجئت برد القيادة المركزية الأمريكية على مقالى وهو أمر نادر الحدوث، و يبدو أن القوم لم يتحملوا أن يضع أحد يده على الحقيقة الصادمة لهم، لأن فتح هذا الباب يعجل بحالة التمرد بالمنطقة على الهيمنة الأمريكية، وإجبار المحتل الأمريكى على الرحيل من بلادنا وسحب ما تبقى من الأذرع الطويلة النازفة فى العالم الإسلامى لتنكفئ أمريكا على نفسها وتلملم جراحها وتتقوقع حول نفسها خلف المحيط، ترعى مصالح أبنائها وتهتم بتوفير التعليم والصحة لمواطنيها. فأمريكا لا يطول عمرها إلا بما يقدمه لها حكام العرب والمسلمين من حليب ودم، ولولا الخدم الذين تنكروا لأمتهم ما استمر هذا العلو الأمريكى والصهيونى إلى اليوم، ولكن لحكمة أرادها الله أن تبقى أمريكا كى تسقط بأيدى الشعوب المستضعفة فى العراق وفى أفغانستان. إن أفغانستان أفقر دولة إسلامية التى أسقطت الاتحاد السوفيتى هى هى التى تهزم أمريكا اليوم فى هلمند وقندهار وكابول وتقضى على الهيبة العسكرية الأمريكية بعد تكسير عظام هذا الجيش فى الفلوجة والأنبار بأيدى شعب يعانى من الحصار لأكثر من عقد من الزمن، ليكون الانكسار العسكرى هو المشهد الأخير لسقوط هذه الإمبراطورية. اليوم تعترف الحكومة الأمريكية بأنها على شفا الإفلاس، وتلهث لتأجيل الإعلان عن انهيارها بضعة أسابيع. أمريكا كقوى عظمى - من واقع البيانات والمعلومات المؤكدة - انتهت وغير موجودة إلا فى عقول بعض المنهزمين والمتأمركين. نحن أمام دولة قوية مثل فرنسا وبريطانيا وروسيا علينا أن نتعامل معها كأنداد وليس تابعين. نحن أمام حية تبدو وكأنها ضخمة بسبب الإعلام الأمريكى والإعلام المحلى الممول والموجه أمريكيًا، ولكن لو دققنا سنكتشف أن أسنانها تخلعت. أمامنا فرصة تاريخية لنكسر طوق الهيمنة ونستقل ببلادنا ونخرج من مستنقع التبعية المفروض علينا. على ولاة أمورنا أن يثقوا فى أنفسهم ويتوكلوا على الله لإنهاء الخضوع للغرب وبناء مصر الجديدة كدولة قائدة للأمة تستعيد المكانة التى فقدناها منذ الحملة الفرنسية وحتى الآن.