طريق الأحرار الكرام ليست طريقًا واحدًا، فقط ليس منها طريق للسفهاء، فطريق السفهاء، طريق الأرذال والنفس الأمارة بالسوء، فهي نفس شهوانية؛ أنانية، فلا تحب إلا نفسها، فهي نفس شرهة حقودة حسودة أنانية، فليست تعرف من محبة الحياة إلا الأثرة والحرص والبخل والجبن والكذب، نفس جاحدة كافرة جاهلة تكره الخير وأهله، فلا تهدى إلى بر أبدًا، فطريقها مليء بالشرور والآثام، تتبع كل صارخ وناعق، فلا تدري من دنياها إلا دواعي الهوى ووساوس الشيطان وحظوظها النفسية حبًا في الدنيا ومطالبها المادية وحطامها الزائل، فهواها تبعًا لشهواتها، مصيدة للشيطان ووعاؤه الذي يتقيأ فيه، فتهوى وتحب منه التزيين فتهوى ما يسوس به وتطيعه فى كل ما يريده منها من الشرور والآثام تحت أسماء وهمية زائفة، فتراهم لا يحبون الواعظين، ولا يستجيبون لدواعي الحق والعدل والحكمة، فهم خلف كل ناعق يسيرون، يصخبون بلا هدف ولا غاية إلا المكابرة والعناد، فيسوقهم اغترارهم بأنفسهم إلى طلب بطولات زائفة وهمية لا تناسب قدراتهم الضحلة وتفكيرهم المنحرف. و إذا فشلوا في تحقيق أغراضهم ومآربهم شاغبوا بالباطل، وخالفوا الحق، وتزرعوا وتحججوا بأحداث تدينهم، فلا تساعدهم، فهم مثلًا في مجال السياسة؛ وبخاصة بعد 25 من ثورة يناير 2011م يتكلمون عن أمن مصر وتقدمها وبنائها الديمقراطي، فيخالفون ما يقولون بتعطيل قافلة التحديث والبناء، لا لشيء إلا لأنهم ليسوا ممن وقع عليهم الاختيار، فليسوا ممن عهد إليهم الأمر لأسباب ديمقراطية كانت من مطالب الثورة التى يتشدقون بزعامتها، ومع أن تلك الأسباب ليست ضدهم بل تساعدهم في التقدم في العمل العام والخدمة المجتمعية، إلا أنهم ظنوا أنهم غرر بهم، فامتلأت قلوبهم حقدًا وهلعًا، فصرخوا كالواله ومن لدغته عقرب زاعمين أن الثورة ضاعت من أيديهم، وكأنهم أبوها، وكأنهم أصحابها، مع أن شعبنا الكادح من حماها ومن أوقد شعلتها، إلا أنهم استمرؤوا العناد والمكابرة بغير حق حسدًا من عند أنفسهم، فتراهم يتكلمون باسم الشهب بدون سند من شرعية، فلا الشعب اختارهم ولا أعطاهم توكيلًا على بياض لتكلموا باسمه، فالإرادة الشعبية لا تتحقق لأحد إلا من خلال العمل الديمقراطي السليم وأصوات الناخبين بصندوق الانتخاب، فلا شيء غير ذلك. السفيه مجادل، كثير المراء، لا يقف مع حق، ولا يزعجه باطل، كثير البقبقة كالطبل الأجوف لا يسمع لما يقال، ولا يسكت من طول بقبقة، ولا يشهد بحق، فغايته اللجج والتغلب والانتصار لنفسه، فلا حق يعرف، ولا كرامة له، ولا حرية، دنيء النفس، سيئ الطباع، جهول وإن حمل أعلى الشهادات. السفيه لا يعرف للحق قدره، سيئ الخلق، لا يحفظ للفضيلة منزلتها، هم كما قال الله تعالى عنهم "إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"(المنافقون : 4) السفيه كالكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث ؛ لا أب له من حكمة أو علم أو مسكة من عقل، وإن كنت لا تعرف هؤلاء، فإني أحيلك على كثير منهم: 1- فمنهم الصحفي التافه، فلا يجد إلا تافه الحديث أو خلق الأكاذيب أو البناء على خبر صحيح فيحشوه بساقط الكلام وأفحشه، فتان مرتاب كذاب. 2- ومنهم إعلاميون وما أدراك ما الإعلاميون، لا يعنيهم إلا ما مصلحة الفضائية التى يعمل لها، فراتبه الخيالي مثلًا (200) ألف جنيه، ويحصل البعض على ( 600) ألف جنيه شهريًا، وقد يصل الواحدة منهم في السنة إلى خمسة ملايين جنيه، فتجعله لا يرى ولا يسمع إلا أوامر ومصلحة أسياده من أصحاب الفضائيات، فلا يبحثون إلا عن شواذ الحوادث وأفحشها ينشرون الرذيلة فى كل بيت. 3- ومنهم شباب حديثي السن قد جعلوا من أنفسهم أوصياء على مصر والمصريين، فشككوا في كل شيء وتخطوا حاجز توقير الكبير، فلم يسلم منهم أحد في مصر لا رئيس ولا مرؤوس، فإما أن تستجيب لهم، وإما أن يحولوا الميادين إلا ساحات للجريمة والعنف والتخريب والحرق باسم التظاهر السلمي، فإذا هم يقذفون رجال الشرطة بالحجارة ويضربونهم بالمولوتوف الحارقة ويغلقون الشوارع ويعطلون حركة المرور؛ يرتكبون الجريمة وترويع الآمنين ليل نهار تحت سمع الحكومة وبصرها دون أن يقدمهم أحد إلى النيابة العامة بتهم الفساد والإفساد وقطع الطريق، فكأنهم لا يعلمون أن عقوبتها قطع الأيدي من خلاف أو نفي من الأرض؛ يشايعهم في ذلك السفهاء من الإعلاميين والإعلاميات ممن يجالسون الفضائيات ويتكلمون فيما لا يعرفون، ويهرفون بما لا يعلمون. 4- ومنهم أشباه علماء ممن يفتون دون سند من علم أو بينة، لهم في كل علم مقال، ويتكلمون في الأمور العامة دون روية أو غاية، فلا فقه، ولا دين، ولا ذوق، ولا خلق كريم، بل ضجيج لا يسمن ولا يغني من جوع، ولو المكان يسمح لجئتكم بأمثلة كثيرة، فيكفي أن أنبه على سفاهة هذا الذي يتهم نبي الإسلام بالسباب، بل يطالب بمحاكمة دون رادع من خلق ولا دين، فتزيد في كل مرة على الفضائيات، فعندما يوجه إليك النقد بأنه على أن ما يصدر عنه لا يليق به كشيخ، فيدفع عن نفسه بأنه إعلامي وصحفي وليس شيخًا، فلم نر من يسيء إلى الإسلام قديمًا ولا حديثًا مثله، فهو يهرف بكلمات لا يعي لها خطرًا، فلا أمانة ولا ذمة. 5- ومنهم سياسيون أدعياء، كل مؤهلاتهم أنهم وقفوا في ميدان التحرير يوم الثورة ومنهم من دخل الحفل متخفيًا ومنهم من لحق جمهور (الترسو) مع المتفرجين، فظنوا أنفسهم غرورًا وتمويها ودجل أنهم من فرسان الثورة، فلم ينظروا إلى الكثرة الغالبة من الشعب ممن أيدوا بكل ما يملكون وهم في أعمالهم لم ينقطع أحد منهم ولم يقاطع، فساهموا في إنجاح الثورة بالتأييد مرة، وساهموا بدفع عجلة الإنتاج حتى لا تتوقف مرة أخرى. [email protected]