يتخوف بعض الخبراء والمحللون الماليون من إن يكون قانون الصكوك وسيلة تتيح تملك الأجانب أصولا حيوية للدولة، بسبب عدم نص القانون على حدود قصوى لتملك أي شخص أو جهة اعتبارية مثل الشركات لصكوك مشروع معين. ولم تفلح في تهدئة هذه المخاوف تصريحات مسئولي الحكومة المصرية المتكررة من أن الهدف من القانون هو خلق أصول استثمارية جديدة من عائدات الصكوك التي سيتم طرحها للمصريين والأجانب. ومن المقرر أن تنتهي اللجنة المالية بمجلس الشورى المصري، اليوم الخميس، من مناقشة مشروع الصكوك، تمهيدا لمناقشته في جلسة عامة الأسبوع المقبل. وتعول الحكومة على تحصيل نحو 10 مليارات دولار سنويا من الصكوك. ويري بعض الخبراء أن تملك فرد أو مؤسسة لنسبة حاكمة في صكوك مشروع معين ، يؤدي إلي التحكم في أصوله. وقال أحمد النجار مستشار وزير المالية لمراسل "الأناضول" اليوم الخميس، : "لا توجد حدود قصوى لبيع الصكوك وليس مهم أن تستحوذ أي شركة أو فرد على صكوك مشروع معين بالكامل، لكن ما يهمنا هو أن نعرف تلك الجهة التي اشترت الصكوك". وأضاف: "هناك تخوفات لا مبرر لها من تملك القطاع الخاص والأجانب لبعض الأصول، فمثلا مطار مرسي علم تديره مجموعة الخرافي الكويتية، ولا توجد أي مشاكل تواجه المشروع مع الحكومة، لأن الصك يصدر لأجل معين وليس مدى الحياة". وقال إن من آليات تسويق الصكوك الإسلامية أن يتم طرحها للجمهور مباشرة أو بيعها جملة لمؤسسة مالية والتي تقوم بعدها ببيعها للجمهور. وأوضح أن هناك حدود قصوى لآجل الصكوك معمول بها عالميا، ولكن القانون لا ينص عليها، فهي تتراوح ما بين 5 إلى 7 سنوات بالنسبة لأغلب المشاريع، وقد تصل 12 عاما بالنسبة للمشاريع الكبرى، مثل مشاريع البنية التحتية، وكلما قل أجل الصك كلما كان مغريا أكثر. وتنص المادة الخامسة من مشروع القانون الذي يناقشه حاليا مجس الشوري المصري أن يكون إصدار الصكوك في جميع الأحوال عن طريق شركة ذات غرض خاص لكل إصدار تسمي باسم المشروع، ويكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، وتتولي الشركة عملية إصدار الصكوك وتلقي حصيلة الاكتتاب فيها. وتضيف المادة أن هذه الشركة تكون أمينا لملاك الصكوك في الاحتفاظ بملكية الموجودات، ووكيلا عنهم في استثمارها واستخدامها فيما صدرت الصكوك من أجله، وتوزيع عوائدها وقيمة استردادها، وتدخل الشركة في جميع العقود مع الجهة المستفيدة وغيرها من المشاركين في الإصدار نيابة عن مالكي الصكوك. ويري إيهاب سعيد المحلل المالي أن ترك أمر التملك هذا دون نسب محددة يثير تخوفات، وقد يؤثر على المشروعات الحكومية التي سيتم تمويلها باستخدام تلك الصكوك . وقال لمراسل "الأناضول " إن الذين يحملون نسب حاكمة في مشروع معين لهم القدرة القانونية علي تغيير النشاط أو التحكم في أصوله خلال فترة تملك الصك، لهذا يجب تقنين العملية بشكل أفضل". ويحذر سعيد من فشل طرح الصكوك لسبب آخر من وجهة نظره، وهو اتجاه الحكومة لفرض ضرائب علي التعاملات بالبورصة. وقال إن البورصة ستكون سوقا ثانويا للصكوك، وسيتم تداولها، ولنجاح أي طرح يجب أن تلاقي تلك الصكوك رواجا وتداولا عاليا في البورصة، وفرض ضرائب علي التعاملات بالبورصة سيحول دون ذلك ، ولن تلقى رواجا وقبولا خاصة لدى الأفراد خاصة في ظل أوضاع البورصة المتأثرة من خروج الشركات الكبرى والضرائب التي سيتم فرضها عليها. وقالت الحكومة المصرية أنها ستفرض ضرائب على تعاملات البورصة بقيمة واحد في الألف سواء للبائع أو للمشتري، متوقعا أن تصل حصيلة تلك الضرائب إلى 450 مليون جنيه سنويا. يختلف معه في الرأي محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار ضرورة النص علي الحد الأقصى للصكوك في قانون الصكوك، قائلا إن مسألة الحدود القصوى لتملك الصكوك يمكن تركها للائحة التنفيذية التي تصدر عقب انتهاء القانون، حيث يتم وضع حدودها وفقا لكل مشروع ونوع الصك نفسه. ويرى الدكتور إيهاب الدسوقي استاذ الاقتصادي ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، أن تملك القطاع الخاص للمشاريع الحيوية في مصر، وحصوله على نسبة حاكمة فيها لا يثير مشاكل. وأضاف لمراسل " الأناضول" إن التجربة المصرية تثبت ذلك في عدة مشروعات، خاصة في المشاريع الاستراتيجية. وقال" إن شركات قطاع الأعمال العام المصرية التي تديريها الدولة فاشلة رغم أنها تتضمن صناعات استراتيجية ولكن إدارتها فاشلة". وأضاف الدسوقي إن دولا كثيرة في العالم بها قطاعات استراتيجية يديرها القطاع الخاص والأجانب بكفاءة عالية تفتقدها مصر حاليا، ففي انجلترا مثلا، يدير القطاع الخاص خطوط السكك الحديدية التي تعتبر الأقدم على مستوى العالم. وأوضح أن مصر تسعي إلي جذب المستثمرين الأجانب للبلاد، بعد انصرافهم عنا، وقد تكون الصكوك آداه لدخولهم في السوق المصرية مرة أخرى، نأمل في ذلك. ويري بعض الخبراء إن تصنيف مصر الائتماني من قبل مؤسسات عالمية وضعتها دون مستوى الاستثمار بنحو ستة درجات، مؤثرا على اقبال المستثمرين الأجانب في السوق. يقول حمدي سمير مدير إدارة الدين العام بوزارة المالية، إن التصنيف بالطبع سيؤثر على إقبال الأجانب على الصكوك التي ستصدرها مصر، ولكن هذا لن يؤدي إلى فشلها، فلدينا تجارب عالمية عديدة مثل نيجيريا التي لم يكن لها بيانات لدى المستثمرين الدوليين، إلا أن إصدارات الصكوك التي قامت بطرحها لاقت رواجا.