المتابع للإخوان منذ إنشاء الجماعة يدرك أن الجماعة تتغير مواقفها تبعا للزمان والمكان والأحداث فمرة تتوارى عن الأنظار ومرة يكون لها الانتصار ومرة أخرى تراقب الموقف عن كثب لتتخذ القرار الذي يصب في مصلحتها أولا هذا في الجانب السياسي فمثلا عندما شن الإعلام حملة شرسة ضد المهندس عبدالمنعم الشحات خلال الانتخابات البرلمانية السابقة وتناولوه بالرماح بالسهام راقبوا الموقف فلم يدافعوا عنه لأنه منتم لفصيل إسلامي آخر بل وقفوا مع منافسه في الانتخابات وفي التأسيسية في مناقشة بعض المواد المتعلقة بالشريعة كانوا في سبات عميق كأنهم لا يسمعون أو لا يبصرون حتى لا يكونوا في مواجهة جديدة مع المعارضين الليبراليين والقوميين وفي مادة العزل السياسي وثبوا عليها وثوب الأسد الجسور ولكن هربت منهم الفريسة فصادوا فريسة أخرى أقل حجما وأمرُّ لحما. أما في الجانب الديني فالفتاوى جاهزة لكل مرحلة فما كان حراما في عهد مبارك أصبح حلالا في عهد الرئيس مرسي والقارئ يدرك ذلك جيدا ولا يحتاج لضرب الأمثال. وعندما ذهب الرئيس إلى إيران لحضور قمة دول عدم الانحياز وألقى كلمته الشهيرة وترضى فيها عن الصحابة الكرام مما أغضب هؤلاء اللئام وأنشد في ذلك الشعراء : من ذلك قصيدة بعنوان {هكذا يكون الرئيس } هذا رئيسُ المسلمين أعزّهُمْ *** في عقرِ دارٍ للروافض يَهْدِمُ دين المهانة بالترَّحم والرِّضى ** عن سادةٍ للعالمين تُكَرَّمُ بُهِتُوا بقولِ محمّدٍ لما بدا ** فكأنما صخرُ الجبالِ يحطّمُ رأسَ العمائمِ في اجتماعٍ حاشد ** هذا بياني واللبيبُ يترجمُ تلك العقيدة في النفوس سجية ** حب الصحابة في الفؤاد ليعظمُ والزوج والأبناء خط أحمر ** والمدفع الرشاش يمطرُ فاعلموا سر يا محمّدُ في ربوع بريّة ** واصدع بحقٍّ ليس مثلك يكتمُ واسلك طريق الراسخين فإننا ** أسْدُ المعاركِ للحجارة نهضمُ وارفع رؤوس المسلمين برايةٍ** فيها الكتاب شريعة ومقدَّمُ والسنّة الغرّاءُ تحكم بيننا ** أنت المنير وغير ذلك مُظْلِمُ وظن الإخوان أن العالم الإسلامي والشعوب الخليجية والأحزاب السلفية سيسيرون في ركابهم يأتمرون بأمرهم ويسبحون بحمدهم ليل نهار عاش الإخوان عاش الإخوان مهما فعلوا ومهما استأثروا ولكن كل ذلك لم يكن فدول الخليج موقفها صعب فلو دعمت الإخوان بأي سبيل لكان ذلك صكا شرعيا للمعارضة هناك ليفعلوا مايشاؤون ويطلبوا مايشاؤون فلم تقدم شيئا وإن قدمت فعلى استحياء { لا يسمن ولا يغني من جوع }. والسلفيون في مصر هالهم ما حدث من الإخوان فالعهود التي أبرمت مع الإخوان أيام الانتخابات الرئاسية {فترة الإعادة } أخلفت وذهبت هباء منثورا وبدأ مسلسل أخونة الدولة فكشر السلفيون عن أنيابهم ووقفوا للإخوان بالمرصاد وصاروا شوكة في حلوقهم فشُنّتْ عليهم حربا ضروسا وتم إقصاء مستشاريهم واتهموا بالعمالة لأمن الدولة ولشفيق وأهملت مبادرتهم التي قدموها واتهموا بشق الصف الإسلامي الموجود في الأوهام وفي المسميات فقط { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } فأدرك الإخوان أن الدنيا أظلمت في وجوههم وأن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو فتح الباب على مصراعيه للمارد الشيعي بشقيه الإيراني والعراقي ليكون طرفا في اللعبة حتى تتوازن الأمور فهوعدو للسلفيين في المقام الأول ويشكل خطرا على دول الجوار فأرادت بذلك أن تُرَوِّدَ أطراف اللعبة المناوئين لهم ولمبادئهم ووضعتهم أمام خيارين لاثالث لهما إما أن تساعدونا وتكفوا عن محاربتنا وتخضعوا لشروطنا وتهتفوا بقراراتنا وإما سنفسح المجال للمارد الذي سيضحي بكل شيئ في سبيل خروجه من قمقمه وتنفيذ مشروعه الصفوي الكبير وفي ذلك لعب بالنار التي ستحرق أهل السنة في دول الجوار ومصر وأولهم الإخوان والتاريخ شاهد على ذلك ولكن أين المعتبرون ؟ وبذلك يكون الإخوان كالمستجيرين من الرمضاء بالنار. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]