أصحبك قارئى العزيز إلى الجائزة الأمريكية للشجاعة التي منحت للسيدة إيفا أبو حلاوة، وحسب تقرير الفضائيات لجهدها المتواصل في موضوع جرائم الشرف في الأردن حسب قول التقرير، وقد سررت لكون السيدة إيفا أبو حلاوة محجبة، وإنني على يقين بأنها قد أخبرت جمهورها المتميز بأن هذه الجريمة لا علاقة لها بالإسلام، وأن المذاهب الفقهية كافة تحرمها، حيث لا علاقة لها بحد جريمة الزنى من حيث الشهود والقضاء والعقوبة وجهة تنفيذها، وأرجو أن تكون الشجاعة لازمتها في جلسة خاصة (ون أون ون) مع الوزيرة كلينتون مانحة الجائزة، وأفضل جلسة ثلاثية (ون أون تو) بوجود السيد بيل صاحب التاريخ الطويل في الشرف الرفيع، ولا مانع أيضًا من أن تضيف السيدة إيفا وهي قانونية كما علمت كلامًا عن عقوبة شهادة الزور المتلفزة، كما شهدت الوزيرة كلينتون لزوجها بالبراءة من شرف مونيكا براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وإنني متأكد من أنها بينت كما شهد روبرت فيسك في مقالة السنة الماضية 10-9- 2010 بصحيفة الإندبندنت أن جرائم الشرف عند غير المسلمين في الشرق الأوسط أكثر مما هي عند المسلمين. علمًا بأن إحصائية ما يسمى بجرائم الشرف يظهر تناقصها إلى حوالي 15 حالة سنويًا، ونحن لا ندافع عنها، حيث إن قتل نفس بغير حق كقتل الناس جميعًا، ولكن كثيرًا مما نرى ينطبق عليه القول (كلمة حق أريد بها باطل) والحل هو العودة إلى تطبيق الشريعة، وتيسير الزواج، ونشر مناهج العفة والأخلاق الحميدة، وإيجاد فرص عمل للشباب لتمكينهم من بناء أسرهم على المنهج الرباني لتكون لبنات صلبة في نسيج مجتمع متميز قائم على المحبة والعفاف وصلة الرحم. بودي في المقابل أن نرى جائزة للشجاعة في مقاومة جرائم القرف، فقد نشرت نيويورك تايمز في عددها 26- 8 – 2005 الرابط “city questions circumcision ritual after baby dies” اجتماع الحاخامات مع عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ لتبيان رفضهم الكامل أي تدخل في شؤونهم، وذلك بعد وفاة أحد الأطفال وإصابة ثلاثة بالتهاب السحايا الناتج عن فيروس الهربس، كما نشرت المجلة الطبية البريطانية إصابة عدد أكبر من الأطفال ووفاة بعضهم نتيجة الختان الذي يمارسه الحاخامات الأرثودكس، ويكتمل بقيام الحاخام مطهر الأولاد ويسمى المؤهل (mohel) بالقيام بمص ذكر المختون بفمه (نعم بفمه) وشرب الدماء الناتجة من الختان حتى ينقطع الدم. وقال مفوض نيويورك للصحة العامة د. توماس فريدن هذا موضوع حساس، ولم نستطع إقناعهم، ونحن لدينا سلطة على الأطباء فقط، ولا سلطة لدينا على الإطلاق على مطهر الأولاد، وأما بالنسبة للحاخام نيتزوك فيشر والذي كان الطفل المتوفى من زبائنه فإنه لا زال يمارس عمله بنفس الفم الذي تسبب في وفاة الطفل بعد قرار إدارة الصحة الذي سمح له بممارسة عمله مع التوصية بعدم استعمال الفم مباشرة واستعمال أنبوب زجاجي أو بلاستيكي لشفط الدم. تواطأت الجهات الطبية مع الحاخام فيشر حيث صرح الدكتور كينث جلاسبرج الرئيس السابق لفرع نيويورك، اختصاصي المسالك البولية ومدير جراحة المسالك البولية للأطفال بمستشفى مورجان ستانلي، صرح بأنه بالرغم من أنه يجد المص بالفم مقرفا، ومن وصفه اشتققت عنوان المقال، فقد أفاد أنه لا يستطيع التوصية بمنعه، وأشارت الجريدة أن معظم زبائن الطبيب الخاصين هم من اليهود الأرثوذكس الذين يخشى غضبهم لو صرح بغير ذلك، وخالفه في ذلك الحاخام موشيه تندلر أستاذ علم الأحياء الدقيقة (المايكروبيولوجي) وأستاذ التلمود وأخلاقيات الطب بجامعة يشيفا الذي قال إنه يجب منع المص بالفم تحت قاعدة (لا ضرر ولا ضرار). وأعجب ما قيل هو بيان محامي فيشر واسمه مارك كورزمان الذي قال إنه لا يوجد دليل قاطع يربط بين وفيات الأطفال وفم موكله فيشر، وبذلك ضرب بالقاعدة الذهبية في الصحة العامة التي تقول (درهم وقاية خير من قنطار علاج) عرض الحائط، وقد رفضت إدارة الصحة العامة في نيويورك التعليق على تصريحه. أغرب ما في الأمر أن ولاية نيويورك (لحاجة في نفس نيويورك) لا تجبر الأطباء على إخبار السلطات الصحية عن إصابة أي طفل بالتهاب فيروس الهربس في محاولة لتحجيم الإحصائيات وفي مخالفة فاضحة لقواعد الصحة العامة. أصاب بالقشعريرة حينما أفكر بما كان سيحصل من الإعلام والسلطات الصحية وسلطات الرعاية الاجتماعية لو كان هذا يخص المسلمين، وأذكر بالأسرة الأردنية في السويد التي حرمت من أطفالها الأربعة لمجرد أن الأم عنفت ابنتها لفظيًا في الباص طالبة منها التزام الهدوء. لا ألوم بلومبيرغ عمدة نيويورك الذي أشعر أنه لو طلب منه جيش الحاخامات الموجود هناك أي طلب لاستجاب لهم من الخوف، ولو كان ذلك ختانه هو نفسه مع كامل التبعات والخدمات المقدمة ضمن العملية، وأحيانًا تكون الحقيقة أغرب من الخيال، وحتى نرى جائزة لشجاع أو شجاعة يدافع عن حقوق وحياة هؤلاء الأطفال الذين ولدوا على الفطرة فإن أي جائزة أمريكية (خصوصًا فيما يسمى بجرائم الشرف) يبقى في النفس منها أشياء وليس شيئًا واحدًا. أختم بالنصيحة لبلطجية الأردن والعالم العربي بالتخلي عن شعار (إحنا شرابين الدم(.