قلت للتلميذ البليد فى الفصل: إنت ما بتعرفش الفرق بين الألف وكوز الدره، وذهبت إليه لعقابه، فرد مسرعًا: عرفت عرفت يا أستاذ، فقلت له: قل، فقال: كوز الدره بيتاكل والألف ما بيتكلش، فضحكت كثيرًا على إجابته وتركته، وفكرت كثيرًا فيما قاله التلميذ لتشابه الموقف السياسى الذى نحياه بالعلاقة بين الألف وكوز الدره من حيث وجود مسلمات تمثل الألف باتباعها نخرج من النفق المظلم، ولكن الحكومات المتتالية تصر على التعامل مع الألف على أنه كوز دره. يمكننا التحدث عن بعض المسلمات والتى تمثل الألف والتى من الممكن أن نستشرف منها آفاق المستقبل فى الأيام المقبلة. بعض المسلمات الاقتصادية - الاستقرار السياسى ضرورة لأى عمل تنموى ولن يتقدم اقتصاد فى جو متوتر. - الاستقرار السياسى لا يعنى عدم وجود خلافات سياسية، فالتعدد سمة المجتمعات الديمقراطية، ولكن المشكلة هى سوء إدارة الحرية والعدالة للخلاف السياسى. - التوتر السياسى يؤدى إلى تراجع المستثمرين. - رأس المال جبان ولا يعمل فى جو تسوده الاضطرابات. - طمأنة رجال الأعمال ضرورة للاستثمار. مظاهر تأثر الاقتصاد بالاضطراب السياسى - اتجاه الأفراد والمؤسسات إلى ما يسمى بالدولرة خشية تدهور الجنيه أمام الدولار. - تأثر القروض والاستثمارات الخارجية. - هروب رءوس الأموال ورجال الأعمال خارج مصر. - تجميد الأنشطة المحلية أو تقليلها لحين الاستقرار. - إغلاق العديد من المصانع المنتجة. - تصفية العديد من العمالة. - ضعف الإنتاج وزيادة أسعار المواد الخام. تأثير الاضطرابات الداخلية على سعر الصرف - سعر الصرف يخضع للسوق والعرض والطلب والبنك المركزى يتدخل دائمًا لإحداث التوازن بين المطلوب والمعروض، فيظل سعر الجنيه ثابتًا أمام سعر الدولار. - الاضطراب السياسى يؤدى إلى انخفاض مصادر الدولار، حيث انخفاض السياحة وهروب رجال الأعمال وعدم الاتجاه إلى الاستثمارات فى مصر، وبالتالى يزداد الطلب على الدولار مع ندرته من أجل الواردات الضرورية. - الاحتياطى الأجنبى وصل إلى 13 مليار دولار وهو معدل لا يكفى سوى لثلاثة شهور لاستيراد الضروريات الحياتية. - البنك المركذى نظرًا لقلة الاحتياطى غير قادر على إحداث التوازن المطلوب بين الدولار والجنيه. - تراجع الجنيه أمام الدولار أدى إلى زيادة الأسعار وارتفاع عجز الموازنة وزيادة التضخم. أسباب يمكن أن تؤدى إلى الفوضى - الغموض وعدم الشفافية فى تصريحات الحكومة والمؤسسة الرئاسية. - التمويل من البنك الدولى والخضوع لشروطه وإهمال الحلول الداخلية، وأهمها رجال الأعمال والمستثمرين المصريين. - المواطن لا يحتمل أى زيادات والدولة تلجأ لزيادة الأسعار مما ينذر بكارثة. - الانفصال التام بين الرئاسة والمجتمع مما لا يسمح بتفهم المجتمع لإجراءات الحكومة. - الانفلات الأمنى والأخلاقى يؤدى إلى معارضة مستمرة للقرارات الحكومية والرئاسية. - ضعف الحكومة وترددها يسمح بالاعتراض المبالغ فيه. - الاستقطاب الحاد للمعارضة المصرية يقف حائلًا أمام نجاح أى محاولة قبل الاستجابة لمطالبها. ومع توافر أسباب الفوضى وانتقاء موانعها ووجود دوافعها، يمكننا الجزم أننا على أعتاب أخطر مرحلة فى تاريخ الثورة المصرية والعواقب كارثية. كل ما سبق هو الألف وكل ما يحدث الآن هو "كوز الدره". أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]