هناك عدد غير قليل من الامراض الاجتماعيه المتفشيه في مجتمعنا تقريبا منذ زمن طويل تشترك كلها في اصل واحد هو التعلق المرضي بالاسره الصغيره علي المستوي العائلي فقط, وعدم اعتبار الوطن ككل اسره واحده كبيره لها ما للاسره الصغيره من حقوق يجب تاديتها باخلاص وامانه وتجرد. ولعل هذا يفسر ما يحدث الآن على الساحة من تعصب كل جماعة وحزب وتحالف لفكره ورؤاه للاصلاح وتعريفه للحرية والديموقراطية وتمسك الكل بمصلحته الشخصية بالرغم من مشاهدته لبلده وهى تكاد تغرق وتتوه فى مجاهل الفقر والعوز والافلاس والفوضى بل قد ذهب بعض المتشائمين الى التحذير من اقتتال أهلى ؟؟؟ ان هذا الولاء الشديد للاسرة الضارب بجذوره الي ما قبل التاريخ المكتوب ياتي علي حساب الولاء للمجتمع, فالمحسوبيه التي تقضي بمحاباه الاقارب والمعارف ومن لهم مصالح مشتركه كأعضاء الحزب الواحد أو الجماعة الواحدة وتذليل الصعوبات امامهم في قضاء المصالح او التوظيف في موسسات الدوله هي احد هذه الامراض, ثم ياتي بعد ذلك التهرب الضريبي النابع من حرص رب الاسره علي تفضيل مصلحة اسرته الصغيره, واولاده علي اسرته الكبيره التي هي المجتمع باسره, ثم الانانيه والفرديه, والنفور من العمل الجماعي بروح الفريق, كل هذا ايضا نابع من التعلق المرضي بالاسره الصغيره, والتعصب لها علي حساب المجتمع ككل!! فهل الانسان المصري يعنيه ويهمه ويشغله صلاح المؤسسه التي يعمل بها, خاصه اذا كانت حكوميه أو البلد التى ينتسب اليها ويحيا فوق ترابها مثلما يعنيه صلاح اسرته وسعادتها وراحتها؟!.. ان الافراط في حب الاسره والتعلق الغريزي بها والذي لا يستند في كثير من الاحوال الي العقل.. بل الي مظهر الدين لا جوهره, له تاثير كبير في تعلق الفرد الهش بالمجتمع ككل, وفي علاقته بالنظام السياسي, وبالحكومه القائمه علي شئون هذا المجتمع.. فالمثل الشعبي يقول: انا واخي علي ابن عمي.. وانا وابن عمي علي الغريب!!.. وهو مثل ظاهره الحب والترابط المتدرج بين من تربطهم صلات الدم وغيرهم من الغرباء.. ولكن باطنه.. وجوهره الحقيقي يثبت للمتأمل الفاحص انه من اهم اسباب التعلق المرضي بالاسره الصغيره.. فالصياغه الصحيحه يجب ان تكون هكذا.. انا في جانب الحق والعدل وكل ما يرضي الله سواء كان ذلك مع الغريب او ابن العم او ضد اقرب الناس وهو الاخ.. او المصلحه الشخصيه, لان القيم النبيله هي التي يجب ان تكون لها الاولويه في الممارسات اليوميه بين الناس!! وللاستاذ العقاد رأي يقول ان المصري اجتماعي من ناحيه الاسره وعراقه المعيشه الحضريه, ومن ناحيه انتظام العادات والعلاقات منذ اجيال عديده علي نظام الاسر والبيوت, وهذا اقوي ما يربطه بالمجتمع او بالامه والحياه القوميه, وهو ارتباط اقوي في نفسه جدا من ارتباط النظام السياسي والمراسم الحكوميه, فلم تكن الحكومه في تلك الازمان الطويله لتمتزج بنفسه قط امتزاج الالفه والطواعيه والمعامله المشكوره, بل ربما كان صدوده عن الحكومه مما ضاعف اعتماده علي الاسره وحصر عواطفه الانسانيه في علاقاته البيتيه, فعلاقته بالحكومه علي الاغلب علاقه مهادنه محتمله لم تبلغ ان تكون علاقه ود يحرص عليه الا في الندره التي لا يقاس عليها!! واذا كنا بذلك قد عرفنا المرض وادركنا اسبابه فمن السهل اذن الوصول الي العلاج الناجع الذي يتمثل في اهميه غرس القيم النبيله وتحقيق العدل واشاعه الحب حتي لو تعارض ذلك مع المصلحه الشخصيه المقيده بحب الذات الضيق المحصور في الانانيه البغيضه, لتحل محلها ال نحنيه ان صح التعبير وهي تغليب المصلحه العامه للمجموع علي المصلحه الفرديه, وبالتالي تغليب مصلحه الامه( مجموع اسرات المجتمع) علي الاسره الصغيره.حتى لو كانت هذه الاسرة الصغيرة ممثلة فى حزب أو ائتلاف أو جماعة ؟؟؟؟ أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]