تنفس الناس الصعداء عندما اعلن الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك رغبته فى تغيير المادة 76 من الدستور باتجاه انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب المباشر، بما يعطى الفرصة لأكثر من مرشح للتنافس على المنصب واعتبر الناس هذا تطورا ايجابيا باتجاه الاصلاح السياسي، خاصة اذا تم تدعيم هذا التغيير بالغاء قانون الطوارئ والقوانين المؤيدة للحريات عموما، وايا كان الاسباب الكامنة وراء هذا التوجه فانها خطوة للامام، ولكن يبدو ان البعض لايريد الاصلاح اصلا، ومن ثم فهو يتربص بأى خطوة للاصلاح لتفريغها من مضمونها،وكأن المسألة مجرد استجابة شكلية للضغط الخارجى لا أكثر ولا اقل. وقد فوجئ الناس فى مصر المحروسة بأن الصياغة الاخيرة للتعديل هى نوع من تفريغ الموضوع من مضمونه، ووضع شروط وضوابط تعجيزية لاتسمح الا للمرشح الذى تريد السلطة الحاكمة اصلاً ان يترشح، وبالتالى تكون المنافسة بين المرشحين الذين ترضى او تقبل بهم الحكومة اصلا، فالتعديل مثلاً يشترط حصول اى مرشح على تزكية من 300 اصبح 250 عضوا بعد التعديل الاخير من اعضاء مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية للمحافظات فى 41 محافظة على الاقل، وان يكون من بين هؤلاء 56 عضواً بمجلس الشعب مثلاً، مع العلم ان عدد الاعضاء المستقلين والمعارضين فى مجلس الشعب مثلاً يقل كثيراً عن هذا العدد المقترح، وكذلك 52 عضوا من مجلس الشوري، وهو عدد ايضا يزيد بكثير على عدد المعارضين بمجلس الشورى والمستقلين، ومن ايضا يستطيع ان يحصل على تزكية عدد آخر من اعضاء المجالس المحلية فى المحافظات 41 محافظة على الاقل وهى فى معظمها تابعة للحزب الوطنى والسلطات الحاكمة اصلا. ان هذا التعديل بهذه الطريقة يستبعد اولاً كل المرشحين المستقلين، فهؤلاء بداهة لايستطيعون الحصول على هذه التزكيات، وهو يستبعد ايضا المرشحين المدعومين من الاخوان المسلمين مثلاً لان هؤلاء قادرون على الحصول على توقيعات ناخبين عاديين، ولكنهم بداهة لايستطيعون الحصول على توقيعات اعضاء مجلسى الشعب والشورى والمحليات، وهكذا فليس امامنا الا سيناريو محدد للانتخابات بين مرشح الحكومة ومرشحين للاحزاب الموجودة وهى كما هو معروف بلا شعبية حقيقية اى ان المسألة محسومة، وهكذا فالمسألة تجهض الاصلاح ولا عزاء للشعب المصرى الصابر.