لو أن شخصًا يمتلك القليل من العقل وجزء صغير من الحكمة وقدر متواضع من الصدق مع النفس وسقف مقبول من الاتزان النفسي ووجد أن الفشل يلاحقه دائمًا في كل قرار وكل كلمة وكل معنى يريد توصيله إلى الأطراف الأخرى وأن الخسارة تلازمه كظله، وأن النجاح يخاصمه وأن غضب الآخرين يحاصره وأن رسائله تقف فى منتصف ا لطريق وأن العقل يرفض قبول أعذاره لتوقف أمام نفسه على الفور وسأل نفسه: لماذا الفشل يلاحقني والتراجع عن القرارات مصيري وما سر ارتفاع الجدار الذي بيني وبين الناس قوة وصلابة مع مرور الأيام، وما سر استقبال كلماتي وكأنها رصاص مصبوب وخطاباتي كأنها دعوة للعنف والقتل والتخريب؟ ولماذا الإصرار على التقليل من شأني وكأنني لست أهلًا لما أنا فيه هذا هو سلوك الأسوياء الذين يريدون الوضوح والصراحة مع النفس ومع الآخرين أما سلوك غير الأسوياء الذين يرفعون شعار الغاية تبرر الوسيلة فهم المفلسون، والدكتور محمد مرسي من النوع الثاني الذي أثبتت تجربته على أرض الواقع أنه لا يفكر سوى بطريقة الجماعة ولا يتحدث سوى بلغتهم ولايسمع سوى صوتهم ولا يريد سوى رضاهم ولا يخاطب سوى جماهيرهم ولا يبحث سوى عن رضاء مكتب الإرشاد وإذا أصر الدكتور مرسى على عناده وأن أي نصيحة توجه إليه أنها شر مطلق وأن أي دعوة عاقلة للخروج من الأزمة هي انتقاص من مكاسب الجماعة وأن المعارضة لا تحمل الخير لمصر مثل الجماعة، وأن المعارضة وحدها هي المسئولة عن الانقسام الذي حدث داخل الشارع فهو واهم وإذا أصر على طريق التخلص من كل الأعداء مرة بتلفيق التهم إليهم وأخرى بتشويه صورتهم فالنهاية قريبة والرهان على حماية جماعته له وعلى الكرسي فهو مخطئ فمصر ليست الجماعة ولا حزب الحرية والعدالة يمثل الشارع ولا زجاجة الزيت والسكر هى من ستزيد من رصيده ولا مبادرة زراعة الأشجار فى القرى هى ما يحتاجه الناس، على الدكتور مرسى أن يقف أمام نفسه ويسألها بصدق وصوت مسموع: لماذا وصلت إلى طريق مسدود مع الشعب؟ وكيف أعود إلى الطريق الصحيح؟ الإجابة عنده وحده، فهل يتدبر ويتعظ أم يظل على طريق العناد؟.