منذ عدة أشهر وفى لقاء لى مع قناة ايه. ان. بى سؤلت هل سيرشح الرئيس مبارك لفترة رئاسية خامسة أم سيتقدم نجله للترشح؟ كان جوابنا أن ترشح الرئيس مؤكد وسيأتى بعد سيناريو يجرى اعداده.. فالرئيس مبارك حكم مصر بالطواريء بعد وراثته لحكم السادات ودعم سيطرة الحزب الوطنى المطلقة واختار المسيرين للحزب وعلى رأسهم جمال مبارك وصفوت الشريف مؤسس الإعلام المباركى ومؤسس عشرات القنوات التى لا يتابعها أحد.. أى أنه يمسك بكل خيوط اللعبة وأنه فى النهاية قد يجرى تعديلات لكنها لن تطبق فعليا.. وسيحيل الموضوع على البرلمان الخاضع لسيطرة الحزب الحاكم بأغلبية مطلقة ولن يقر البرلمان إلا ما يريده الرئيس.. وسيتحرك الحزب وسيخرج الفلاحون فى الأرياف ليهتفوا نريد مبارك ويطالبوا بالتجديد له.. أما إذا قرر توريث ابنه فإن ذلك حسب اعتقادى أمامه عراقيل كبرى فى الوقت الحاضر. خلال الأشهر الماضية قامت تجمعات معارضة تندد بما أسمته الحكم العسكرى وهيمنة الحزب الوطنى وتطالب برفع الطوارِيء وسمح لبعض الصحف أن تكتب وتكشف جزءا من الفساد السياسى والمالى المستشري.. كل ذلك اعتبر خطوات على طريق تحقيق الديمقراطية ولو كانت محدودة.. وتشجع المتأمركون بما صدر عن الادارة الأمريكية من انتقادات للنظام السياسى فى مصر وتعالت أصواتهم وكانوا يأملون أن تتدخل.. ولكن التقارير التى أحالتها اسرائيل على الرئيس بوش نصحت بعدم التدخل فى هذه المرحلة وابقاء الحال على ماهو عليه وعدم الموافقة على ترشح ابن الرئيس. وكانت الاشاعات التى سادت الوطن العربى تؤكد عدم تلقى مصر الموافقة الأمريكية على زيارة الرئيس مبارك للبيت الأبيض. وكانت تلك الاشاعات مبعث تشجيع للمعارضين والمتأمركين على أن واشنطن جادة فى دعوتها للديمقراطية فى مصر.. ولكن بعد زيارة الأمير عبد الله ولى العهد السعودى الى تكساس واجتماعه بالرئيس بوش اتخذ الأمريكيون قرارا بدعوة رئيس الحكومة المصرية الى البيت الأبيض بدلا من الرئيس مبارك مع شروط سرية من بينها أن يكون ترشح مبارك للرئاسة لآخر مرة مع الالتزام بإعطاء أحزاب المعارضة مجالا أكبر وإتاحة الفرصة أمامها للحصول على نسبة أكبر من المقاعد فى الانتخابات البرلمانية القادمة والحد من سيطرة الحزب الوطني.. وعدم ترشح جمال مستقبلا وأن يتمّ تعين نائبا للرئيس بعد تجديد رئاسة مبارك. وأمس كان الاستفتاء على التعديلات التى أدخلت على الدستور بما يسمح بانتخاب الرئيس بالاقتراع المباشر بين أكثر من مرشح ولكن بشروط تعجيزية.. والواقع كان الاقبال على الاقتراع محدودا بشكل واضح فى القاهرة والاسكندرية بما دفع نواب الحزب الوطنى الى التحرك فى الريف ونقل الفلاحين بأعداد كبيرة للاشتراك فى الاستفتاء والتصويت بنعم.. ليتم الإعلان عن مشاركة كبيرة واسعة رغما عن دعوات المعارضة لمقاطعة الاستفتاء. وهكذا يستمر التلاعب وتستمر الأحكام العسكرية فى حكم الدولة العربية الكبري.. وهنالك توقعات أن تخفف تلك الأحكام.. وأن يقر مجلس النواب القانون الذى تقدم به ألف من القضاة لحماية القضاء المصرى وحتى يشارك القضاة فى رئاسة لجان الانتخابات النيابية. والمتوقع أيضا أن تخفض أمريكا من حرارة مطالب الاصلاح فى الدول العربية ليس إلى درجة التجميد بل لتصبح فوق الصفر بقليل.. وهكذا ستظل الأمة تحت سيطرة العائلات الحاكمة ليظل تقسيمها لدويلات مستمرا دعما للفساد وليس للاصلاح الذى لن يطبق شرق البحر الأحمر.. بل هنالك توجهات لتحويل بعض حكام تلك الدول إلى ملوك مثل البحرين.. ومن يعيش سيرى عجبا.. اللهم إلاّ بتدخل الاهى لينقذ سبحانه أمته.. ولا حول ولا قوة إلا باللّه.