غزوة حنين هى الغزوة السادسة من الغزوات النبوية التى أطلق عليها الغزوات الأمهات السبع الكبرى، وفيها قاتلت الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفى هذا يقول الحق - سبحانه وتعالى -: "ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين" ( سورة التوبة 25، 26) وقد سميت هذه الغزوة باسم "حنين" نسبة إلى المكان الذى شهد وقائعها، وسميت أيضا باسم "غزوة وطاس" وهو الوادى المجاور لوادى حنين الذى تربص فيه الكفار والمشركون للرسول صلى الله عليه وسلم، وتسمى فى بعض المراجع باسم "غزوة هوازن" نسبة إلى قبيلة هوازن التى تزعمت ودعت إلى قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم . ودارت أحداث هذه الغزوة يوم العاشر من شوال عام 8ه، وهو يوافق مثل هذا اليوم عام 630م ، وكانت آخر موقعة يخوض فيها النبى صلى الله عليه وسلم حربًا ضد المشركين من عرب شبه الجزيرة العربية. وسبب هذه الغزوة أنه بعد الفتح العظيم الذى تم للمسلمين فى مكة، ودخول أهلها فى الإسلام، ودانت قريش للرسول صلى الله عليه وسلم اشتعل الحقد فى صدور قبائل هوازن وثقيف التى رأت فى نفسها عزًّا وأنفة من أن تخضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. اتفقت هوازن مع نفر من قبائل نصر، وسعد بن بكر، وجشم ، وبنى هلال، على قتال الرسول صلى الله عليه وسلم فحشدت هذه القبائل رجالها ونساءها وأموالها تحت قيادة "مالك بن عوف" وحلوا بوادى وطاس فى انتظار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى خرج إليهم فى جيش من 12 ألف مسلم بعد أن انضم لجيش الفتح ألفين من رجال مكة الذين دخلوا فى الإسلام. كان مالك بن عوف قد عبأ رجاله فى وادى حنين وراء الأكمنة، وطلب منهم أن يحملوا على جيش المسلمين حملة واحدة، فلما نزل المسلمون بوادى حنين وقت السحر، وفى غبش الصبح خرجت عليهم كتائب المشركين من مخابئهم وحملوا عليهم حملة واحدة، وانهالت عليهم السهام كالمطر من المرتفعات، فتفرق أمر المسلمين فى بادئ الأمر، وتراجعوا يفرون من هول المباغتة. هنا وقف الرسول صلى الله عليه وسلم ونادى بصوت مرتفع قائلاً : "هلموا إلى أيها الناس .. أنا رسول الله .. أنا محمد بن عبد الله"، وكان لم يتبق معه سوى عدد قليل من أهل بيته والمهاجرين ، فأظهر شجاعة لا نظير لها حينما وجه بغلته ناحية الكفار وهو يقول: "أنا النبى لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب"، ثم نزل من على بغلته وتضرع إلى الله قائلًا: "اللهم أنزل نصرك" ثم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عمه العباس - وكان جهير الصوت - أن ينادى فى المسلمين حتى اجتمعوا، وتلاحم الفريقان، وتجالدوا مجالدة شديد، ونظر الرسول للقتال وهو يحتدم وقال مقولته الشهيرة "الآن حمى الوطيس" نسبة إلى وادى وطاس، وكانت هذه هى أول مرة تقال فيها هذه العبارة التى انتشر استخدامها فى كافة اللغات عبر الأزمان، إذ تقال دائمًا عند التعبير عن شدة الجدال أو المجالدة أو التعارك أو التبارى فى أى مجال. وبعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم عبارته هذه قبض بيده قبضة من تراب الأرض ورمى بها وجوه القوم وقال: "شاهت الوجوه .. انهزموا ورب محمد"، فقذف الله فى قلوب الكفار الرعب، وفروا مهزومين، والمسلمون من ورائهم يلاحقونهم. وقد عاد فيما بعد مالك بن عوف للنبى صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه، وتبعه فى الإسلام الكثيرين ممن وقفوا ضد النبى فى هذه الموقعة.