تحرك جديد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 21 مايو قبل اجتماع البنك المركزي    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    المجلس التصديري للملابس الجاهزة: نستهدف 6 مليارات دولار خلال عامين    جهاز تنمية القاهرة الجديدة يؤكد متابعة منظومة النقل الداخلي للحد من التكدس    مصطفى أبوزيد: المؤسسات الدولية أشادت بقدرة الاقتصاد المصري على الصمود وقت كورونا    نشأت الديهي: قرار الجنائية الدولية بالقبض على نتنياهو سابقة تاريخية    جونسون: الكونجرس على استعداد لاتخاذ إجراءات ضد الجنائية الدولية    «بطائرتين مسيرتين».. المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في إيلات    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 21-5-2024 والقنوات الناقلة    دونجا: سعيد باللقب الأول لي مع الزمالك.. وقمت بتوجيه رسالة شكر ل ياسين لبحيري    حسين لبيب: أطالب جماهير الزمالك بالصبر وانتظروا بشرى سارة عن إيقاف القيد    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    ضحية جديدة لأحد سائقي النقل الذكي.. ماذا حدث في الهرم؟    عاجل.. إخلاء سبيل أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه    حقيقة ما تم تداوله على "الفيس بوك" بتعدي شخص على آخر وسرقة هاتفه المحمول بالقاهرة    رصد الهلال وتحديد موعد عيد الأضحى 2024 في مصر    مشيرة خطاب تشارك مهرجان إيزيس في رصد تجارب المبدعات تحت القصف    وزير الصحة يطمئن أطقم المنشآت الطبية بشأن القانون الجديد: «لن يضار أحد»    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    صلاح يرد على جدل رحيله عن ليفربول: "مشجعونا يستحقوا أن نقاتل مثل الجحيم"    رئيس الحكومة البولندية يشن هجوما عنيفا على رئيس بلاده بسبب الرئيس الإيراني الراحل    وزير الصحة: القطاع الخاص قادر على إدارة المنشآت الصحية بشكل أكثر كفاءة    بحضور 20 وزارة .. ورش عمل وحلقات نقاشية تكشف أبرز مخاطر الأمن السيبراني خلال «كايزك 2024»    على باب الوزير    الكشف عن روبوت دردشة يستخدم التعبيرات البشرية    المتهمون 4 بينهم جاره.. شقيق موظف شبين القناطر يروي تفاصيل مقتله بسبب منزل    "وقعت عليهم الشوربة".. وفاة طفل وإصابة شقيقته بحروق داخل شقة حلوان    متى تنتهي الموجة الحارة؟ الأرصاد الجوية تُجيب وتكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    ياسر حمد: ارتديت قميص الزمالك طوال الليل احتفالا بالكونفدرالية.. ووسام أبو علي لاعب رائع    أونانا: سنقاتل بكل قوة من أجل التتويج بالكأس ورد الجميل للجماهير    شارك صحافة من وإلى المواطن    غادة عبدالرازق أرملة وموظفة في بنك.. كواليس وقصة وموعد عرض فيلم تاني تاني    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    طبيب الزمالك: إصابة حمدي مقلقة.. وهذا موقف شيكابالا وشحاتة    رودري يكشف سر هيمنة مانشستر سيتي على عرش الدوري الإنجليزي    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    "عبد الغفار": 69 مليون مواطن تحت مظلة منظومة التأمين الصحي    بشرى سارة.. وظائف خالية بهيئة مواني البحر الأحمر    أزمة الطلاب المصريين في قرغيزستان.. وزيرة الهجرة توضح التطورات وآخر المستجدات    نقيب المهندسين يشارك بمعرض تخرج طلاب الهندسة بفرع جامعة كوفنتري بالعاصمة الإدارية    المصريين الأحرار بالسويس يعقد اجتماعاً لمناقشة خطة العمل للمرحلة القادمة    رياضة النواب تطالب بحل إشكالية عدم إشهار 22 ناديا شعبيا بالإسكندرية    تكريم نيللي كريم ومدحت العدل وطه دسوقي من الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    وزير الرى: اتخاذ إجراءات أحادية عند إدارة المياه المشتركة يؤدي للتوترات الإقليمية    ليفربول يعلن رسميًا تعيين آرني سلوت لخلافة يورجن كلوب    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    الشرطة الصينية: مقتل شخصين وإصابة 10 آخرين إثر حادث طعن بمدرسة جنوبى البلاد    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. الإفتاء توضح    المالديف تدعو دول العالم للانضمام إلى قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إخواني الإسلاميين .. بالله اسمعوني
نشر في المصريون يوم 27 - 01 - 2013

هذه رسالة أكثر منها مقالة، رسالة موجهة لإخواني الإسلاميين في بلدنا الغالي مصر. فبحكم انتمائي لكم بدأت ألحظ أن سخونة الصراع السياسي وعنف المعارضة وفجاجة أساليبها ودخول سلاح التآمر والكذب والعنف والمال والبلطجة إلى ساحتها، كل ذلك قد أخذ يعيد تغذية (شيطان) الكراهية في نفوسنا تجاه خصومنا السياسيين. وأكاد أجزم بأنه ليس بيننا إلا ومن بدء يتشكك بأن الإسلام هو المستهدف من تلك المعارضة العنيفة وليس فقط الإسلاميين الموجودين في الحكم. وربما أخذ البعض يداعب خياله مشهد (الجهاد) و(الاستشهاد) دفاعا عن الدين وغير ذلك من مشاعر لا أشك لحظة بأنها في حالتنا المصرية الراهنة هي من وساوس الشيطان. ورغم أنني أرى عنف الإسلاميين بذرة لازالت في مهدها فأنني أخشى أن سخونة الأحداث أو انحراف إحدى القيادات الإسلامية قد يسارع باستنباتها. . وهو ما سيدخل بنا في دائرة ملعونة تحقق لأعداء هذا البلد مرادهم. وقد زاد من قلقي وأسرع بي إلى القلم ظهور أول بيان لتنظيم مسلح باسم (كتائب مسلمون) يتوعد ويهدد بالمواجهة والقتل لمن يريدون بمصر وبالإسلام شرا حسب وصفه.
والسؤال المفصلي هنا بين تحول هذا الصراع السياسي إلى صراع ديني هو سؤال بسيط وواضح مفاده: هل الإسلام هو المستهدف من هذه المعارضة وهذا العنف؟ أجيب بكل ثقة (لا). والدليل أن ما يحدث ضد الإسلاميين الآن من عنف واستهزاء وكذب وتآمر وتشويه قد حدث مثله وربما أشد منه مع كل من تصدر المشهد السياسي في مصر منذ الثورة. فالجيش الذي حُمل على الأعناق سرعان ما تم اتهامه بعد ذلك بكل أصناف التهم. وتم الاعتداء على مقر إدارته. ووصل الأمر لسب أعلى قيادة فيه على الملأ ووصفه (بالحمار). ونفس الشيء مع حكومة أحمد شفيق ومع الراحل عمر سليمان ومع عصام شرف ومع الجنزوري. بل أن أعنف معارضة للأخير كانت من الإسلاميين أنفسهم في البرلمان المنحل، حيث هاجموا حكومته بكل شراسة واتهموها بأبشع التهم وطالبوا المجلس العسكري بسحب الثقة منها ، وحين رفض ذلك أتهمه الإخوان والإسلاميون والمعارضة بالتآمر على الثورة لصالح الفلول.
وفي جميع الأحوال ومع كل القيادات السابقة كانت ذريعة الخلاف الأساسية هي استبطاء الإنجازات. ثم يلي ذلك فتح حنفيات السباب والتخوين والتشكيك والاتهام بالعمالة للنظام السابق أو للقوى الخارجية. ثم التظاهر والاعتصام والمليونيات والتهديد بالإضراب. ثم في الزحمة تدخل كالمعتاد العناصر الخائنة والحقيرة سواء المحلية أو الأجنبية بمليشيات البلطجية لتحرق وتقتل وتدمر بهدف تكفير الناس بالثورة وتمهيد طريق العودة لهم ولحلفائهم.
إذا ففجاجة المعارضة وانحطاط وسائل بعض فصائلها لم يكن فقط موجها ضد الإسلاميين، ولكن يكاد يكون نمط ثابت في الأداء السياسي بعد الثورة. ولا يمكن تحليل أسباب ذلك العنف دون التمييز مسبقا بين تيارات المعارضة الرئيسية. فمن الخطأ طرحهم كفصيل واحد وإخضاعهم لنفس عملية البحث والاستقصاء. بل يجب التوقف أولا لتحديد تلك الفصائل، مع تحديد الحجم النسبي لكل فصيل منهم. فأحد أهم خصائص المعارضة المصرية بعد الثورة هو عدم التناسب بين الحجم الفعلي وبين الحجم الظاهر، وذلك نتيجة لدخول أسلحة معاونة قوية الأثر كالمال والإعلام والقضاء بهدف تدعيم عناصر محدودة العدد مما يجعلها تبدو كفقاعة هائلة رغم كونها في الحقيقة بدون أي وزن أو تأثير. والعكس بالقطع صحيح. وسنلاحظ في هذا الصدد أن (الهرم مقلوب) بحيث أن الأكثر صخبا هو الأقل وزنا والأكثر تأثيرا يكاد لا يتكلم.
ومن أهم تلك الفصائل من حيث الحجم النسبي هو:
الزايطين: وقد استخدمت هذا اللفظ العامي لتعريفهم لأني اعتقده الأنسب والأدق في وصفهم ، فهم أكبر فقاعة معارضة من حيث الحجم وميدان ظهورهم الوحيد هو المظاهرات فقط. وهم ليسوا معارضين بالمعني الدقيق للكلمة، وليس لهم أثر يذكر على نتائج الصندوق الانتخابي، ولكنهم يحدثون فرقعات مدوية في المشهد السياسي. وهم كتلة بشرية كبيرة أغلبها في سن المراهقة وما بعدها بقليل، يعانون من التهميش الاجتماعي والفراغ الشديد الذي صنعه خواء التعليم وسوء تجهيز المدارس وندرة الرياضة وصعوبة ممارسة الهوايات ومشكلات التوجيه الأسرية وعدم الثقة في المستقبل وغياب القدوة وغيرها من المشكلات التي جعلتهم يرون في المظاهرات فرصة لتخريج شحنات نفسية هائلة واكتساب قيمة إنسانية كبيرة. فتجدهم عند كل مظاهرة هم الأكثر عددا والأشد غضبا، وتتراوح ممارستهم بين استخدام الطوب واعتلاء الأسوار وتخطي الحواجز والكتابة على الجدران والسب وحرق المركبات . وهم المسئولون عن استفزاز الشرطة وجرها لمواجهتهم مما يزيد من الزخم ومن إظهار ضخامة الحجم والاثر خاصة مع بدأ انضمام البلطجية المأجورين للمظاهرة. وأهم دور يلعبونه هو إعطاء ثقل نوعي وكثافة بشرية للتظاهرات توحي بأن الفريق الداعي للتظاهر أو موضوع التظاهر يرتبط بقطاع كبير غاضب من الجماهير، بينما الأمر في حقيقته لا يعدوا ساحة للألعاب النارية. وهم يقتصرون في نشاطهم السياسي على المظاهرات التي تتيح فرصة للعنف. وفي المقابل لا يميلون مطلقا لحضور المؤتمرات أو حضور تظاهرات الإسلاميين أو أي حراك سياسي لا يتضمن فرصة مناسبة (للأداء) بشكله المذكور.
المرتزقة: هم من أقل فصائل المعارضة عددا ولكنهم الأكثر قدرة على الإعلان عن أنفسهم والأقل نبلا في خصومتهم. ميدانهم شبه الوحيد هو الإعلام، وهم لا ينتمون لتنظيم أو مشروع سياسي محدد ولكنهم نشئوا على هامش مؤسسة الحكم السابقة كأحد مكملات الشرعية السياسية للمستبد الحاكم والذي كان قد قسمهم إلى فريقين: فريق يلعب دور المعارض وفريق يلعب دور المؤيد. ثم قام بتوزيعهم على مواقع التأثير الشعبي والإعلامي المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتليفزيون ومنابر ثقافية وغير ذلك. وهم يضمون مذيعين ومقدمو برامج توك شو ومحللين سياسيين وبعض الكتاب والمفكرين. وبقيام الثورة فقدوا مصدر الشرعية ومصدر التمويل وظلوا لفترة كالبدو الرحل بلا عنوان بعد أن لفظهم سادتهم القدامى ولم يسمحوا لهم أن يبيعوا خدماتهم للقيادات الثورية الجديدة لتستخدمهم. بل قاموا بفضحهم بعد الثورة وكلنا يذكر حوار أنس الفقي مع أحدهم على الهواء حين رفض الأخير مقابلة رئيس الوزراء أحمد شفيق ففتح الفقي على الملأ ملفه الوظيفي. أو نتذكر المكالمة المسجلة التي سربت بين أحد ملاك صحيفة (معارضة) ورئيس تحريرها وتفضح حقيقة توزيع الكراسي والأدوار من الدولة عليهم. ناهيك عن الوثائق التي تسربت من إدارة «الفكر والإعلام» في مباحث أمن الدولة وكلها توضح الطبيعة الاسترزاقية لهم. وبعد تخبط شهرين أو ثلاثة واحتجاب بعضهم مع أشقائهم من فريق المزمرين والمهللين للنظام السابق، عادت لهم الحياة بمجرد أن أعاد الفلول تنظيم أنفسهم فتم استعادتهم جميعا وتوظيفهم (بضعف الأجر) للعب دور محدد وهو تشويه الثورة وتشويه أية شخصية أو برلمان أو دستور أو إنجاز اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي تأتي به الثورة المصرية. وفي المقابل لا تجد لهم كلمة واحدة تتحدث عن فساد الماضي أو تدين أعمال التخريب والتدمير التي توجه للدولة وأجهزتها. والهدف من استخدامهم هو هز ثقة المصريين في قدرتهم على قيادة أنفسهم ودفعهم إلى الحنين للماضي ورجالات الماضي. وبما يعنيه ذلك من السماح لهم بالرجوع وإعادة فتح مغارة علي بابا بما فيها من ذهب وياقوت وألماظ. والأهم هو نجاتهم من مقصلة المحاسبة التي تنتظرهم لو استمرت الثورة.
المتعطشون: وهم ينتمون لنفس الفريق السابق من حيث العمل لأهداف شخصية واستخدام (المعارضة السياسية) كوسيلة لتحقيق تلك الأهداف الخاصة. ولكن يميزهم أنهم لا يبيعون جهودهم للغير ولا يعملون لأجندة غير وطنية بل يعملون لهدف شخصي وحيد وهو الشهرة. ورغم ذلك فأنهم يشتركون معهم في مستوى نبرة الصخب العالية وفي المعارضة من أجل المعارضة. فالمتعطش معارض على طول الخط لأي شخص في السلطة ولأي سلوك أو قرار أو فعل يصدر من شخص في السلطة وبما يحمله ذلك في ذاكرته من (بطولة) المعارض المتصدي للحاكم الجائر دفاعا عن الشعب المسكين الذي سيحمله على الأعناق كما حمل سعد زغلول يوما، ولكن طبعا لا يعي الفارق الزمني الكبير.. وهم يمثلون الصورة الحديثة لإخوانهم الذين طبلوا وزمروا للحاكم حين كانت السلطة معه. فبانتقال السلطة والقوة إلى الشعب فقد ظهر هذا الفريق الذي يمكن تسميته (بمنافقي العوام) مقابل (منافقي الخواص) في عهد مبارك. و مع تعطش الإعلام المأجور للصخب والتشكيك في من في الحكم فقد صار هؤلاء (المتعطشون) من ساكني القنوات التليفزيونية ومن الضيوف الدائمين للبيت المصري. ومنهم المخرج والسيناريست والقصاص بالإضافة للعشرات من (الخبراء الاستراتيجيين) و (المحللين السياسيين) و(الحقوقيين) و(المفكرين). وقد استخدمت الأقواس على سبيل الاعتذار للفئات الوطنية الأصيلة التي تمتهن تلك التخصصات.
الفلول: وأظنهم أشهر من أن يتم تعريفهم، وهم باستثناء الزراع القضائي لهم لا يجرءون على الظهور في المشهد السياسي لذلك يستخدمون المرتزقة والمتعطشون في تنفيذ أجندتهم غير الوطنية. بالإضافة إلى استئجار البلطجية واستخدام المال في الحشد للمظاهرات وغير ذلك مما يجعلهم الأخطر أثرا. ولكن قد تم توجيه ضربات قاتلة لهم بإصدار الدستور وبتحييد المحكمة الدستورية العليا واستبعاد قيادات الجيش واستبعاد النائب العام ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس الرقابة الإدارية والمحافظين والوزراء ولم يبق إلا توجيه رصاصة الرحمة بتطهير آخر ذراعين لهم وهم القضاء والإعلام. ومن الواضح أن مقاومة الفلول وعملاء الخارج هي الأجندة الأولى للرئاسة وهي تقوم بها بسرعة هائلة وربما بعبقرية ايضا.
عملاء الخارج: وهم كالماء ليس له لون أو طعم أو رائحة ولكنك تدركه وتشعر بوجوده بكل حواسك. وهم يتكونون بالأساس من الأسر الحاكمة النفطية ومن إسرائيل، وهدف النفطيين من إفشال الثورة المصرية هو عدم تمددها ووصولها أو وصول تأثيرها إلى شعوبهم. لذلك يجب إفشالها وجعلها عبرة وليس نموذجا لمواطنيهم. وفي حالة الإسرائيليين فهم يفضلون مصر الضعيفة التي يتم السيطرة عليها عن طريق قيادة هشة وعميلة ذات مصالح شخصية متقاطعة مع مصالح شعبها. وهؤلاء العملاء يعملون مع وبنفس وسائل الفلول مع زيادة بسيطة وهي حجب التمويل الدولي. لذلك فالدواء المستخدم يصلح لكليهما.
النصارى: وهم للأسف أكبر الخاسرين في المشهد السياسي الوطني نتيجة لإصرارهم على العمل كفصيل ديني ومن خلال التوجيه الكنسي المباشر. ومشكلة المعارضة المسيحية هي أنها تمارس معارضتها (بشهوة)، نتيجة شعورها أن من في السلطة الآن هو (التيار الإسلامي). وفي المقابل فعلى القيادة السياسية تفهم حقيقة وضعهم والعمل على استقطابهم لجسد المشروع السياسي الوطني بعيدا عن عملية الاستقطاب التي توجه لهم من الفلول لاستخدامهم في معاركها غير الشريفة. ونتمنى منهم كشركاء في الوطن أن يمارسوا المعارضة السياسية بكل أشكالها بعيدا عن التوجيه والتوجه الجماعي لأن ذلك يكرس صورة (الطائفة الدينية) على حساب الصورة الأولى بالتكريس وهي صورة (شركاء الوطن).
المعارضة الوطنية النشطة: وهي معارضة مثقفة ونشطة وتضم ما يصعب حصره من أفراد وأحزاب وتيارات ونصارى ومسلمين. وسبب عدم ظهور الحجم الحقيقي لكتلتهم الكبيرة في المشهد السياسي الآن هو حرصهم على ألا يقدموا فرصة دعم غير مقصود للفصائل التي تعمل لمصالحها الشخصية أو التي تعمل على تدمير الثورة. بل أنهم يقدموا أحيانا الدعم والمساندة للتيار الحاكم في مواجهته مع هؤلاء. ولكنه وبعد استكمال خروج أعداء الثورة وأصحاب المصالح الشخصية والفئوية من المشهد وتحقق الفوز النهائي للثورة فسيكونون هم المعرضة الوطنية الوحيدة والظهير الأساسي للمعارضة الصابرة التي وضعناها في قاعدة الهرم.
المعارضة الوطنية الصابرة: وهي المتمثلة في المعارضين من عموم الشعب المصري غير المسيس، وهم الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي الآن بعد انتقال ملكية البلد لهم. وهم أصحاب طبيعة خاصة وهي أنهم حين يختلفون مع أداء النظام أو التيار الحاكم فان تراكم خبرات السنين ونبل المقصد يجعلهم أكثر ميلا لمنح المزيد من الوقت ويجعلهم يتفهمون الصعوبات وربما يصبرون على بعض الأخطاء والهنات. ولكنهم لا يحبون الصخب ولا يتأثرون به ولا تعرف توجهاتهم إلا في نتائج صندوق الانتخابات.
وأنا على ثقة بأن الفئات الموجودة على قمة هذا الهرم المقلوب هي صاحبة وجود مؤقت وهي تتآكل بالفعل ولن ينقضي هذا العام بإذن الله إلا وقد استقر الهرم بشكله الطبيعي بحيث تسود المعارضة الوطنية التي تمارس من خلال قنوات شرعية ولأهداف شرعية. وحتما ستبقى الفئات السابقة ولكن ستكون في ذيل المشهد الوطني.
نتمنى أن نكون قد اقتربنا بالمشهد السياسي في عيون إخواننا الإسلاميين ليتأكد أنه وبكل مفارقاته وبكل ما به من اضطراب لا يقترب من بعيد أو قريب من كونه (صراع ديني). مع التأكيد على أن القيادة السياسية حاليا ليست في مواجهة أي شكل من أشكال الخطورة الحقيقية، ولم تفقد رصيدها الشعبي. وأن أغلب ما يحدث هو فرقعات وفقاعات. وفي المقابل فعلى التيار الإسلامي أن يحرص على استكمال أدواته السياسية لتقديم نموذج مقبول في الأداء السياسي. مع التأكد بأن أحد أهم أسباب الاضطراب الحادث الآن بين شركاء الوطن هو أن أغلبهم لا يرى الآخر إلا من خلال الصورة النمطية التي رسمت لهذا الآخر خلال العهد البائد. فهذا علماني معادي للدين وذاك ليبرالي يشجع الشذوذ وهذا إسلامي إرهابي متخلف وذاك اشتراكي ملحد. هذه الصورة يجب الصبر على إزالتها لأنها نحتت في عقول الجميع خلال عشرات السنين من العزل السياسي القصري وكانت نتيجتها هي حالة شديدة من الخوف من بعضنا البعض وعدم الثقة في حقيقة نوايانا. وهذا ذنب يشترك فيه الجميع. وليتذكر إخواني الإسلاميين أننا قد نزعنا ثقتنا سابقا من كل تلك الفصائل الوطنية واختذلناهم في فريق واحد معادي للدين ومن يريد الاستزادة فالكتب وشرائط الكاسيت لازالت في بيوتنا. ما أريد أن أدلل عليه أن الفريق الأقوى في هذه المرحلة هو الفريق الأقدر على حسن الظن بشركاء الوطن للإسراع بالخروج بنا من هذه الدائرة الضيقة وللإسراع بتصفية هذه القوى الهمجية التي تتمدد في الفراغ الكبير الذي لا نستطيع شغله الآن كعناصر وطنية مخلصة.
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.