سألتنى زوجتى وهى تشاهد معى أحد برامج التوك شو التى تقدمه إحدى المذيعات المعروفات بعدائها الشديد للتيار الإسلامى: ما لفرق بين المذيعة والشرشوحة!! بميوعة متعمدة أجبت: المذيعة مذيعة.. والشرشوحة شرشوحة!! .. قالت وهى تتنهد تنهيدة عميقة تعكس ارتفاع ترمومتر الغضب لديها: ياسلام ..يا صلاة النبى!!... أزحت من أمامها الأكواب الزجاجية تجنبا لما لا يحمد عقباه.. لتباغتنى بسؤال آخر وقد قرأت فى عينيها علامات الغضب من طريقة المذيعة فى الغمز واللمز والتحريض وأسلوبها المستفز فى إدارة الحوار: بذمتك وأنا راضية ذمتك يا رجل هل هناك فرق بين هذه المذيعة الملسوعة وبين واحدة شرشوحة فى بيئة شعبية.. قلت وعينى على الأكواب الزجاجية متوقعًا فى أى لحظة أن تلبس أحدها فى رأسى: المذيع لابد أن يتحلى بالموضوعية والمهنية قدر استطاعته وأن يعكس آراء الشارع ووجهات نظر المشاهدين لا وجهة نظره هو.. صحيح المذيع مواطن كأى مواطن عادى لديه وجهات نظره الخاصة وتوجهاته السياسية لكنه على الشاشة لابد أن يتحلى بقدر كبير من ضبط النفس وألا يكون منحازًا لأى طرف دون آخر قالت لى زوجتى وقد بلغ منها الغضب مداه: يا رجل دعك من التنظير والفلسفة الفاضية ..أنا أسالك عن هذه المذيعة المغلولة هل ما تقوم به يرضى ربنا!! هل ما تقدمه من مادة إعلامية يخدم الوطن والمواطن!!.. كانت المذيعة تحاور ضيفين عن الأزمة التى يمر بها الاقتصاد المصرى وارتفاع سعر الدولار وهى منتشية بدرجة كبيرة وعيناها تكاد تزغرد من الفرحة وكأنها قد وقعت على كنز ثمين.. والحوار كانت تديره بتحيز واضح وكأنها تريد التأكيد على حقيقة واحدة لا ثانى لها: أن مصر مقبلة على الإفلاس.. وكلما همّ الضيف المنتمى فكريًا إلى التيار الإسلامى بالكلام, موضحًا أن ما وصلت إليه مصر من تدهور اقتصادى ليس مرده إلى الرئيس مرسى وأنه من الظلم أن يتحمل الرجل تبعات ما خلفه نظام مبارك من الترهل والفساد وأعباء الديون وتجريف للاقتصاد المصرى بأكمله، وبيع شركات القطاع العام وقطاع الأعمال بالملاليم فى صفقات مشبوهة وفاسدة، أسرعت المذيعة بغل شديد بمقاطعته وانتقلت بسرعة إلى الضيف المناوئ للدكتور مرسى مفسحة له مساحة زمنية أطول تاركة إياه يصول ويجول مستخدمًا عبارات سوقية تصل إلى حد السب والقذف ضد الرئيس والإخوان: (خليهم يلبسوا بقى.. خربوها وقعدوا على تلها .. مصر خربانة خربانة) وغيرها من عبارات التشفى بل وصل به الحال إلى إبداء الفرح والسرور عما وصلت إليه الأحوال فى مصر.. كانت المذيعة تبتسم إلى ضيفها (المبرمج) ابتسامة خبيثة صفراء وكأنها تطالبه بالاسترسال فى بذاءاته وكلما همّ الضيف الآخر بمحاولة الرد على افتراءاته وإبداء ملاحظاته قاطعته المذيعة بحدة: من فضلك سيبه يكمل كلامه مانتم يا ما اتكلمتم..كانت زوجتى على الطرف الآخر تتابع بقرف شديد أداء المذيعة وحركاتها الاستفزازية ثم أخذت تحوقل موجهة رأسها إلى السماء: ربنا يخلصنا منكم ومن شركم والله هتودوا البلد فى ستين داهية عاوزين تولعوا البلد وكل ده علشان إيه!! التقطت طرف الحديث من زوجتى وقلت لها: لو عرفتى راتب هذه المذيعة وما تتقاضاه هى وأمثالها من ملايين الجنيهات لعرفتى السر فى تحريضهم المستمر على الرئيس مرسى وحكومته.. فهؤلاء قد باعوا ضمائرهم للشيطان وينفذون حرفيا ما يمليه عليهم أسيادهم فى الداخل والخارج من توجيهات تصب فى النهاية فى تخريب الوطن وإعادته إلى سابق عهده فى ظل النظام المخلوع.. هذا النبت الشيطانى لا ينمو إلا فى أرض خربة فهو يسقى بماء الحقد والكراهية..هذه المذيعة وأقرانها لا يهنأون ولن يغمض لهم جفن فى ظل مناخ آمن مستقر لمصر لأنهم لن يتقاضوا هذه الملايين إلا أشعلوا الحرائق ونفخوا فى النار لتزداد اشتعالا، فهم وأسيادهم يريدون الرقص على جثة الوطن.. وهم يدركون أن الاستقرار يعنى أن الفرصة سوف تكون مواتية لمن بيدهم الآمر لمحاسبة الفاسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المصريين وهم يقاومون ذلك بكل ما أتوا من قوة مستخدمين سلاح الإعلام والمال لكى تعم الفوضى أرجاء البلاد.. لكن على الرغم من كل جرائمهم الشنيعة فى حق الوطن وتعمدهم تعطيل عجلة التنمية والإنتاج وصب الزيت على النار إلا أن مصر لن تعود إلى الوراء فقد تذوق المصريون لأول مرة فى تاريخهم طعم الحرية ولن يفرطوا فيها مهما كان الثمن.. هذه المذيعة ومن على شاكلتها واهمون بأن مصر سوف تعود مرة أخرى إلى عهد الظلم والفساد.. هذا المناخ الفاسد الذين كانوا ينعمون فيه بالمنح والعطايا والشقق والأراضى بثمن بخس فى وقت كان يحرم فيه الفقراء من العلاج والدواء ورغيف الخبز..مصر الحرة الجديدة لن تعود إلى الوراء.. شاهدت على زوجتى علامات الارتياح والسكينة وكأن كلماتى قد هدأت من روعها لتهز رأسها قائلة : ( طمنتنى الله يطمنك ). [email protected]