ما يزال ملف الفتنة الطائفية بين المسلمين و المسيحيين بابًا مفتوحًا لكل المزايدات السياسية والألاعيب الساسة ..ما بين أحزاب تلوح بالورقة الطائفية وتستخدمها كأداة وتكأة في إدارة صراعاتها مع خصومها السياسيين..ومنظمات حقوقية تجعلها وسيلة للارتزاق المالي وهبات ونفحات مالية تأتيها من اليمين واليسار، وقوى خارجية لها مصلحة في إلهاب هذا الملف وإبقاء ناره مستعرة، ونزيفًا مستمرًا لوطن مثخن بالجراح! وأيضًا مؤسسات يفترض الدقة في أرقامها وإحصاءاتها، فمثلاً مركز (ابن خلدون) قام بإحصاء عدد المسيحيين العرب بكل طوائفهم عام 1988م وقدرهم بسبعة ملايين وثمان مئة ألف نسمة، وأجرى نفس الإحصاء عام 1993م فأصبحوا بقدرة قادر اثني عشر مليونًا ! بينما نفس الإحصاء في (أطلس معلومات العالم العربي) لعام 1994م قدرهم بسبعة ملايين فقط! وقس على ذلك إحصاء عدد المسيحيين في مصر بكل طوائفهم والذي أصبح كذلك ملعبًا يرتع فيه الكذبة من كل لون وصنف وتلعلع أرقام التزييف والتضخيم فنجد من يدعي ويروج بأن أعداد إخواننا المسيحيين قد بلغ اثني عشر مليونًا أو عشرين مليونًا وغيرها من الأرقام! وإزاء تلك الفوضى الإحصائية لا يتبقى إلا اللجوء للإحصاءات الرسمية، والتي تقوم بها الدولة كل عشر سنوات، ويحمل تلك المهمة جيش من الباحثين يمسح بر مصر بأكمله من أقصاه إلى أدناه وفي العلن وتحت سمع وبصر أجهزة الدولة. ففي كتابي الدكتور محمد مورو (يا أقباط مصر انتبهوا – الأقليات المشكلة والحل) ننقل منه بتصرف تلك الإحصاءات والأرقام التي لا تكذب! جرى أول إحصاء في مصر على أسس علمية في 1/6/1897م بإشراف دولة الاحتلال بقيادة المستشار المالي مستر ألبرت بوانة وساعده في متابعة العملية مفتش وزارة المالية والداخلية وهما من الانجليز كذلك، وكانت النتيجة كالتالي: بلغ مجموع سكان مصر 9.734.405 نسمة منهم 8.977.207 من المسلمين بنسبة 92.23% والباقي 8.77 %من المسيحيين واليهود ، والمسيحيون ينقسمون إلى أقباط مصريين ومسيحيين من أصول غير مصرية، وينقسم (الأقباط المصريون) إلى (أقباط أرثوذكس) عددهم 592.347 نسمة، و(أقباط بروتستانت) عددهم 12.507 نسمة ، و(أقباط كاثوليك) عددهم 4.620 نسمة. وفي التعداد الثاني عام 1907م ارتفع مجموع السكان إلى 11.189.978 نسمة وارتفع كذلك عدد المسيحيين من جميع المذاهب بما فيهم الأقباط الأرثوذكس إلى 888.692 أي بنسبة 7.87%. وفي مارس 1917م أجري التعداد الثالث تحت إشراف المستر كريج مراقب الإحصاء والدكتور ليفي وهو إنجليزي يهودي وبلغت جملة السكان 12.718.250 نسمة منهم 1.026.115 من غير المسلمين (مسيحيين ويهود) أي بنسبة 8.06%. وفي 9 يناير 1927م أجري التعداد الرابع وأشرف عليه للمرة الأولى مصري بعد الاستقلال وتمصير الوظائف وهو حنين بك حنين مراقب مصلحة الإحصاء وهو قبطي أرثوذكسي بمعاونة المستر كريج فبلغت جملة السكان 14.177.864 نسمة، منهم 1.181.910 نسمة من غير المسلمين أي أن نسبة جميع الطوائف المسيحية واليهود بلغت 8.23%. وفي عام 1937م أجري التعداد الخامس وبلغت نسبة المسلمين 92.09%. وفي عام 1947م كان التعداد السادس بلغت كذلك 91.81% . وفي تعداد 1960م أجري أول تعداد بعد ثورة يوليو ارتفعت جملة السكان إلى 25.184.106 نسمة ، منهم 24.068.252 من المسلمين ، و1.905.182 من جميع الطوائف المسيحية . أي أنها كانت 7.33% ، منهم 6.49% من الأقباط الأرثوذكس . وتكررت النتيجة في تعداد 1976م ارتفعت جملة السكان إلى 36.611.580 منهم 2.315.056 من غير المسلمين أي بنسبة 6.32% منهم 5.68% من الأقباط الأرثوذكس . والإحصاءات التي جرت في عهد مبارك لم تتجاوز تلك النسبة، فالدكتور محمد الدسوقي الذي كان يعمل مستشارًا للمركز القومي للتعبئة والإحصاء كشف أن الإحصاءات التي جرت في عام 1986م أوضحت أن مصر بها 93.3% من المسلمين و6.7% من المسيحيين. وفي عام 1996م وصلت نسبة المسلمين إلى 93.8%، والمسيحيين 6.2%. وفي عام 2006م وصلت نسبة المسلمين إلى 94% ، والمسيحيين 5.8%، و2% غير واضحي الديانة !! وهذا ما أكده تقرير إحصائي من مركز بيو الأمريكي نهاية عام 2009م بأن المسلمين يشكلون 95% من سكان مصر وأن الأقليات الدينية الأخرى تشكل في مجموعها ما يزيد قليلا عن 5% . وكذلك البيانات السابقة والإحصاءات التفصيلية المذكورة بكتابي الدكتور مورو للفترة ما بين عامي 1897م، و1976م، وما أضفنا من أرقام تفصيلية للإحصاءات التي تمت في عصر مبارك أعوام 1986م، و1996م، و2006م: بأن المسلمين يؤلفون 92% من مجموع السكان، ويمثل الأرثوذكس أكثر قليلًا من 6%، وأن هذه الأقلية موزعة توزيعًا غير متساو بين أنحاء البلاد فهم يمثلون أقل من 2% من السكان، في (30) مركزا إداريًا بين (40) مركزًا إداريًا بالوجه البحري بينما ترتفع نسبتهم إلى 20% في (9) مراكز فقط من (37) في الصعيد! وأخيرًا فبعد تلك الأرقام التفصيلية والإحصاءات الرسمية التي لا تكذب، ألا نصغي السمع بعدها للكذب المحض الذي يراد له بالتكرار أن يستقر بالأذهان خدمة لأهداف معلنة غير مبطنة. حقًا فالكذب ليس له أقدام أما الحقيقة فتعدو مسرعة إلى هدفها ولو بعد حين حتى ولو أصم الناس آذانهم عنها! *باحث بمركز الإعلام العربي أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]