في عام 1919 ضغطت سلطات الاحتلال البريطاني وقامت بتعين يوسف وهبه باشا رئيساً لوزراء مصر قاصدين إثارة الفتن بين طوائف الشعب المصري، وكان ذلك في ظل مقاطعة المصريين الثائرين لنفي سعد باشا زغلول، وتنبه الأقباط لذلك وقام شاب مسيحى يدعى يوسف سعد عريان متطوعا بمحاولة اغتياله، حتى لا تكون فتنة إذا اغتاله أحد النشطاء السياسيين في تلك الفترة وصادف أنه مسلم. ولم تكن تلك هي المحاولة الأولى لسلطات الاحتلال البريطاني في زرع فتن دينية أو اجتماعية بين المصريين لكنهم أيضا مولوا وأشرفوا على أول تعداد سكاني في مصر بمنتصف عام 1897 ليتعرفوا أكثر على بنية وتركيبة المجتمع المصري من أجل استغلالها لإخماد أي مقاومة، وأشرف على الإحصاء المستشار المالي البريطاني مستر ألبرت بوانه وساعده في متابعة العملية مفتشو وزارتي المالي والداخلية الإنجليز وكانت النتيجة التعداد 9.734.405, مصري منهم 8.977.702 مسلمون بنسبة 92.23%, والنسبة المتبقية من المسيحيين واليهود. و المسيحيون ينقسمون إلى أقباط مصريين وإلى مسيحيين من أصول غير مصرية، وينقسم االمسيحيون المصريون إلى عدة طوائف : الأكثرية أرثوذكس ويبلغ عددهم (592.347), ،و أقباط بروتستانت (12.507)، وأقباط كاثوليك (4.620) أي أن نسبة الأقباط الأرثوذكس 6.085% من السكان، ونسبة المسيحيين من أصول مصرية هي 6.26%، ونسبة جميع المسيحيين 7.77%. ورغم ما يثار حول التعداد وعلاقته بقوة تأثير الأقباط فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر إلا أننا نجد أن احد أهم ركائز الاقتصاد المصري رجل الأعمال المسيحى نجيب ساو يرس صاحب أول شركة للتليفون المحمول ومجموعة من الشركات التي تعمل فيما يطلق عليه بالصناعات الإستراتجية مثل الأسمنت والسياحة بالإضافة إلى شركات للتشييد والبناء التي تساهم في برنامج الرئيس مبارك الانتخابي كما أنه ينتمي لعائلة من أغنى العائلات في العالم واستثماراته تؤثر بشكل مباشر فى الاقتصاد المصرى. ولا يتوقف الأمر عند ساو يرس فهناك أيضا الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية أحد أهم وزراء المجموعة الاقتصادية في الحكومة المصرية ومن رشحته مصر لتمثيلها في صندوق النقد الدولي ليرأس لجنة تحديد السياسات المالية داخل الصندوق، أهم وأكبر جهة اقتصادية وتمويلية في العالم، وينتمي غالى إلى عائلة مسيحية كبيرة معروفة بالعمل السياسي والعام وتقلد معظم أفرادها مناصب هامة وحساسة، مثل عمه الدكتور بطرس بطرس غالى وهو أحد ابرز مهندسي السياسة الخارجية المصرية في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ورشحته مصر أيضا ليكون أمين عام الأممالمتحدة، ثم إن عميد عائلة غالى، بطرس باشا غالى كان رئيس وزراء مصر أوائل القرن العشرين دون أن ينظر إليه على انه يمثل المسيحيين، بل كان يمثل تياراً سياسياً معروفاً ويؤكد المستشار طارق البشرى أن العدد والنسبة لا يترتب عليهما أي أثر سلبي في اكتساب الحقوق والمساواة لأي فئة من فئات الشعب المصري أو في الواجبات لأن التعامل يتم على أساس المواطنة الكاملة، فلو كانت نسبة الأقباط أقل من واحد في المائة، ما تأثرت حقوقهم داخل النظام السياسي المصري وأشار إلى أن ظهور المنظمات المسيحية المدعومة من الغرب تحرض ضد النظام السياسي بدعوى اضطهاده للأقباط ، وتستخدم بعض الأحداث لإثارة اللغط حول وضع الأقباط وحرياتهم وحقوقهم، وازداد تأثير هذه المنظمات في الفترة الأخيرة التي تستغل بعض المناوشات للترويج لاضطهاد مزعوم. و يشير إلى دور الدولة في العهد الحالي في تذليل الكثير من الصعوبات للأقباط منها نقل اختصاص التفويض في بناء الكنائس من رئيس الدولة إلى المحافظين, وجعل يوم عيد الميلاد عيداً رسمياً للبلاد. ويضيف البشرى في كتابه "المسألة القبطية" أنه لا يوجد في مصر أي نوع من الاضطهاد لا العرقي ولا الديني، إنما هناك احتقان مجتمعي يأخذ الشكل الطائفي و هو قائم على مشكلات وأسباب سياسية، تتعلق أغلبها بالعضوية في المجالس التشريعية، ومطالبة الأقباط بنسبة تمثيل مناسبة، أو في تولي بعض المواقع التنفيذية في الدولة. . ويقول الخبير في الشئون الدينية بمركز الدراسات السياسية والإستراتجية والذي تصنف كتاباته بأنها معارضة للنظام المصري، الباحث نبيل عبد الفتاح، انه بصرف النظر عن التعداد وتضارب الأرقام، فهذا ليس دور الكنيسة وإنما هو دور الدولة التي سبق وان أعلنت عن نسبة المسيحيين، كما أن الأرقام التي تعلنها الدولة و الأرقام التي أعلنتها الكنيسة أخيرا، ليس بينهم فارق كبير فجميعها نسب متقاربة نسبيا ويشار إلى أن الدكتور مصطفى الفقى وكيل لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب والسكرتير السابق للرئيس مبارك للمعلومات كان قد أعلن أن عدد المسيحيين المصريين يصل إلى 10 ملايين نسمة من مجموع المصريين وذلك في 1/9/2007 أثناء لقائه مع شباب طائفة الكاثوليك، وهى نسبة تقارب ما أعلنه البابا شنودة أثناء حديثه مع قناة otv . يضاف إلى ذلك أن موظفي الأجهزة الإدارية التي تقوم بالإحصاء في الريف كثيراً ما تتحرج من الاستفسار المباشر عن نوع الديانة فكانوا يكتفون بأن يملئوا خانة الديانة بالتخمين أو الاستنتاج وبخاصة إذا لم يكن الاسم الثلاثي لرب العائلة يحتوى على أسماء قبطية واضحة . ويؤكد الخبراء أن نسبة التعداد لا تؤثر في الحقوق والواجبات، لأنها فكرة ضد الدولة المدنية الحديثة، كما يرجع الكثير من المحللين السياسيين ندرة عمل الأقباط في العمل السياسي بأن غالبية المصريين يعزفون عن العمل السياسي لأسباب اجتماعية، أو لعدم اهتمامهم بالسياسة، كما تؤكد عدد من الدراسات أن المصريين لا يصوتون في الانتخابات التشريعية إلا من اجل الخدمات التي تقدم لهم من النواب، بدليل نجاح عضو مجلس الشعب المصري رامي لكح في دائرة ذات أغلبية مسلمة.