حقاً سبحان الله مغير الأحوال ومثبت القلوب والعقول ومقلبهما بيده الملك، يهبه لمن يشاء ويمنعه عمن يشاء، له الفضل والمنة على عباده، ومناسبة هذا أن الإنسان يبنى سنين طويلة، ثم تأتى ريح عاتية تأخذ ما بناه فى لحظات أو سويعات قليلة، وقد لاحظنا كتائب النفاق الإعلامية وعملاء كل من يستطيع أن يدفع أكثر لا يهم الملة أو الجنسية لا يهم الغرض أو الدافع، المهم أن من يدفع يملك حق التوجيه إلى الوجهة التى يريدها، رأينا بعضًا من أبناء الوطن ممن صدعونا بوطنيتهم وأمجادهم الزائفة ممن باعوا الوهم للمغيبين من الناس حتى وصلت الأمور إلى إعلان بعضهم الحرب الأهلية، ولا أدرى من يعلن الحرب على مَن، وأى بلاد ستحارب البلاد الأخرى، أو أى عائلات تحارب أى عائلات، هل عائلة البرادعى مثلاً ستحارب عائلة الكتاتنى؟ وكيف ذلك؟ وعلى أى أساس؟ هل هو أساس دينى؟ فكلاهما مسلم أو أساس حزبى لم نسمع فى التاريخ القديم أو الحديث أن حزبا حارب أو هدد بإعلان الحرب على حزب آخر مثلاً؟ أم على أساس جغرافى؟ ومن ثم ستحارب محافظة المنيا محافظة الجيزة؟ وكيف ذلك؟ والمحافظتان تضمان جميع أطياف المجتمع مسلمين ومسيحيين، وبينهما الإخوانى والسلفى والوسطى والليبرالى والقبطى وغالبية الشعب غير منتمية إلى الأحزاب أصلا؟ فإلى أى جانب سيقف هؤلاء؟ إن الشخص الأرعن الذى أطلق هذه الدعوة لم يدر فى خلده هذا الترابط العجيب والغريب الموجود فى مصر، وقد يكون أرادها حربًا طائفية أو حربًا تخوضها عنه القوات المسلحة بالوكالة ضد من يعتبرهم خصومه ويعتبرهم فى أدبياته معادين لمنهجه واعتقاده ونواياه السيئة تجاه هذا البلد، كما أنه نسى أن القوات المسلحة تمثل هذا النسيج الذى ذكرت ولا تمثل طائفة بعينها وأن القوات المسلحة المصرية لم ولن تحارب الشعب المصرى الذين هم أبناؤه وأن مهمتهم الأساسية هى حماية هذا الشعب من أى اعتداء خارجى وحماية حدود الوطن والدفاع عن كل شبر من أرضه، فيا من تفكرون بهذه الطريقة ابحثوا لكم عن تدبير آخر، ويا سبحان الله كلما مكرتم مكرا بهذا البلد رده الله لكم وعليكم وبالا وستكون الحسرة فى انتظار من يريد بهذا الوطن التقسيم أو التشرذم دائما. ما دفعنى للكتابة حول هذا الموضوع وإن كنت تأخرت هو أننى لاحظت منذ قيام الثورة وحتى الآن أن هناك قلة تملك صوتا عاليا جهوريا كل عملها هو التنقل من فضائية إلى أخرى، كلامهم ممزوج بالكذب، وجوههم تنطق به فى كل حرف لا يتورعون عن تسفيه وتزييف حتى التاريخ، إن لزم الأمر بعضهم ركب الموجة وظن نفسه ثوريًا، ولم لا ولا يوجد هناك من يعطى صك الثورية أو يخلعه عن أحد، فهم ثوار حينما يتطلب ذلك، وهم ضد الثورة ويذرفون الدمع إذا لزم الأمر، فالمبادئ متغيرة تعلو وتهبط حسب شدة التيار، المهم ظل هؤلاء عامين كاملين متأرجحين بين الثورة والثورة المضادة وفى النهاية حسموا أمرهم بالانقلاب على الثورة وعلى الشرعية، واتحد الفرقاء جميعًا، القوميون والعلمانيون والليبراليون وجميع الطوائف المعادية للدين مع الفلول، ومنذ ذلك التاريخ وهم ينقلبون كل يوم على شيء، تارة على النظام ورئيسه الشرعى المنتخب، وتارة على اللجنة الدستورية وتارة على الشعب نفسه واتهامه بالجهل وأن نصفه لا يحق له التصويت على الدستور وتارة على الدستور نفسه، ثم اللجنة الانتخابية ذاتها والطعن فيها، وتارة على الدولة نفسها وبث الإشاعات والأكاذيب حول الاقتصاد والسياحة وتخويف المستثمرين والسياح من زيارة مصر أو الاستثمار فيها وما تكتبه صحف الصباح يقرؤه علينا محللو المساء، وهلم جرًَا، حتى جاءت الشهادة من غير أهلها وإن كانوا فى حبهم لمصر وشعبها أكثر انتماءً من بعض أهلها. لقد جاءت خطبة الشيخ الدكتور سلمان فهد العودة وهو من هو علمًا وخلقاً ومكانة فى الحرم النبوى الشريف ودعاؤه والمصلين خلفه فى مشهد تاريخى لن ينساه العالم وليس المصريون فقط مبكية ومعبرة عن حب غالبية أهلنا فى بلاد الحرمين ولم نكن ننتظر منهم أقل من ذلك، ثم تلا ذلك خطبة الشيخ الدكتور محمد العريفى عن مصر وفضل مصر على العالمين ودعاؤه لها لتزيل الهموم وتجلى الصدأ عن القلوب وعرفنا وقتها أن الوطنية ليست جواز سفر، ولكن الوطنية انتماء وحب لمن تنتمى، ليست جعجعة فى الفضائيات، بل عمل وإخلاص لمن تنتمى، الجنسية يا سادة ليست جواز سفر وإقامة ولكنه انتماء وإخلاص حتى وإن كنت لا تحمل جواز سفر أو جنسية البلد الذى تنتمى إليه. لقد كان تأثير هاتين الخطبتين اللتين لم تتجاوزا الساعة والنصف على المصريين أكثر أثرًا من تأثير الإعلام المضلل، وما فعله خلال عامين كاملين، محاولا غسل أدمغتنا وعقولنا، وللحق أقول إننى أصبحت لا أرى أى برامج حتى تلك التى كنت أداوم عليها طوال الفترة السابقة لأكثر من عشر قنوات فضائية، ولهؤلاء المتنطعين فى جبهة تخريب الوطن أقول: قبل أن ننساكم وينساكم التاريخ فكروا فى عمل شىء لهذا البلد المنكوب ببعض بنيه، فكروا كيف تقدموا مساعداتكم للغلابة ولمشاريع تنموية لنهضة هذا البلد وتقدموها لا أن توجهوا أموالكم الحرام التى سرقتموها من دماء الكادحين إلى عمل خير أو بناء مصانع بدلا من توجيهها إلى بلطجيتكم فى كل مكان لقتل المواطنين الذين حرمتموهم من أموالهم فى السابق والآن تستخدموها فى قتله وتدمير ممتلكاته لا بارك الله لكم، وانتظروا اللعنة ستحل عليكم قريبًا بإذن الله، ولن يرحمكم الشعب طال الزمن أو قصر، ويبقى الصراع قائمًا بين الحق والباطل إلى الأبد، وفى النهاية حتمًا سينتصر الحق وسيندحر الباطل إلى غير رجعة. [email protected]