المتهم دوره حماية مبنى الداخلية ولكنه أقحم نفسه فى فض الاعتصام بالقوة النيابة: الأعين دمعت دمًا ليس من ألم الجرح ولكن من فرط الخيانة استمعت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع لخامس برئاسة المستشار مكرم عواد, إلى مرافعة النيابة العامة والمدعين بالحق المدنى فى قضية ''قناص العيون'' المتهم فيها ضابط الأمن المركزى محمد الشناوى، بإطلاق أعيرة الخرطوش وقنص العيون والشروع فى قتل 6 متظاهرين، أثناء أحداث شارع محمد محمود. بدأت وقائع الجلسة فى تمام الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، حيث حضر المتهم من محبسه وسط حراسة أمنية مشددة وتم إيداعه قفص الاتهام، وكان مرتديًا جاكت موف اللون وبنطلون جينز, وقدم ممثل النيابة التقارير الطبية الخاصة بالمجنى عليهم للمحكمة. وطلبت المحكمة من النيابة العامة بدء مرافعتها، والتى بدأتها بتلاوة آيات من القرآن الكريم, وطالبت بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم وبالقصاص العادل من المتهم لكل المجنى عليهم الذين أعجزهم الجانى عن رؤيته وهو خلف قضبان السجن، ولكنهم فقط يسمعون حديث النيابة التى تنطق باسم الشعب، ويتلهفون إلى حكم المحكمة العادل وكلمتها فى دماء الضحايا الذكية الطاهلة التى سالت بجرم الجانى، رغم أنهم لم يرتكبوا ذنبًا سوى الخروج عن صمتهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة، إلا أنهم وجدوا أمامهم آثمًا استخف بشرع الله الذى حرم المساس بجسد الإنسان وإيذائه، محققاً بذلك نبوءة الشر فى البشر حين قال الملائكة أتجعل فيها مَن يفسد فيها ويسفك الدماء. واصل ممثل النيابة ضياء معبد، مرافعته، قائلا إنه لا بد من حكم رادع ضد المتهم على الجرائم التى ارتكبها، حتى ييقن قوة كل القوانين التى ضرب بها عرض الحائط رغم أنه كان من أعلم الناس بها، فالمتهم تجرد من كل المشاعر الإنسانية وجاء ببشاعة لا يشعر به إلا كل من أصيب بشرورها، وأظلمت عينه بسببها أو استقرت فى جسده شظاياها، ولا تقتصر بشاعة ذلك على أن الجرم وقع ممن وكل إليه أن يمنعه، ولكن تزداد البشاعة لأنها لم تقع فى حق مجرم أو آكل لحقوق الناس بل ضد أصحاب حق أنكروا الباطل وطالبوا بالعدالة. ووصف "معبد" ما شهده شارع محمد محمود بأنه تجسيد لنزاع حقيقى بين الشعب الذى صرخ للمطالبة بالحقوق، وبين الشرطة التى نصبت نفسها مكممًا للأفواه وعبدًا للسلطة، وبدأت وقائع القضية حين خرج مجموعة من الشعب إلى ميدان التحرير للمطالبة بالحد الأدنى من العيش الذى يحفظ كرامة الإنسان، وليس رغد ونعيم الحياة، ولكن كالعادة لم يستجب لهم الحاكم أو يسمع مطالبهم، وهجر كثيرون الميدان إلا القليل منهم ممن أصيب أو فقد صديقاً أو أبًا أو أمًا، خلال أحداث الثورة، مطالبين بعودة حق الشهيد الذى لا يجب اختزاله فى حفنة جنيهات ولكن حقه فى تنفيذ حلمه ونجاح ثورته وتحقيق عيش كريم لأخيه الإنسان، وأقر قادة الأمن المركزى وعلى رأسهم العميد أحمد إسكندر رئيس قطاع أبو بكر الصديق أنه أبصر المعتصمين وأنهم كانوا عزّل لا يحملون سلاحًََا ولا حتى حجارة، وأنهم نصبوا خيامهم فى قلب ميدان التحرير غير قاطعين طريق أو معطلين مرفق للدولة، ورغم ذلك فقد أصر المتهم على فض الاعتصام بالقوة، مما أثار خوف المعتصمين على ثورتهم وسلب حقوقهم ومنها التظاهر السلمى وحق الاعتراض وقول كلمة "لا للظلم" الذى يعانوه من جراء ما لحق بهم وذويهم. ونفى ممثل النيابة مبررات المتهم لإطلاق النار على المعتصمين، قائلا إن دوره كان حماية مبنى وزارة الداخلية ولكنه أقحم نفسه فى فض الاعتصام، واستخدم سلاحه النارى لإطلاق الرصاص ضد أجساد طاهرة لتستقر فى مقلة أعين الضحايا، الذين لم يغمض جفنهم وكأن الرصاص يخاطبها متعجبا لماذا لا تخافه، لتجد الضمير يرد عليها بأن جفن صاحبه لن يغلق أبدا لأنه على حق والرصاصة وصاحبها على ضلال. وأضاف أن الأعين دمعت دمًا ليس من ألم الجرح ولكن من فرط الخيانة، التى أطفأت أعين صوت الحق. ولم تجد النيابة فى تفاصيل أوراق الدعوى ذرة رأفة أو رحمة فى قلب الجانى الجاحد، فإنه حين أصاب الضحايا واحدا تلو الآخر، ووجد من يقول له "جدع ياباشا جت فى عين أمه ابن ال...ده"، الشاهد أحمد سكر الذى صادف مروره ليكون دليلا يوثق لجريمة البشعة لم يعبأ بحياته وصور المشهد المخزى ونشره على موقع التواصل الاجتماعى، وأشار ممثل النيابة إلى أن المشهد البشع ما هو إلا واحد فقط ضمن عشرات الجرائم التى ارتكبت فى حق مواطنين اخترق رصاص الغدر أعينهم لتسيل منها الدماء ويترك أصحابها بحرقة قلوبهم للأبد خلف قضبان سجن دائم لا يرون من أمامه أو خلفه، وطالب ممثل النيابة بالقصاص العادل من المتهم ليكون الحكم رحمة للمجنى عليهم من الظلام التام، ومن بينهم مواطن احتمى من طلقات الرصاص بشجرة، إلا أن المتهم لم يمهله منفذا للرحمة وأصابه غدرا، قائلا إنه يتخيل نفسه مكان أخيه المصاب، واختتم مرافعته مرددا كلمات الفاروق عمر بن الخطاب: اللهم ارزقنى خفض الجناح للمؤمنين وذكر الموتى فى كل حين. وانضم المدعون بالحق المدنى إلى النيابة العامة فى توقيع أقصى عقوبة على المتهم، والقضاء بحق المجنى عليهم فى الدعاوى المدنية ضد المتهم.