أقص ضوافرى لو كان عكاشة دا أهبل أو عبيط.. وأقص ضوافرى وشعرى إن لم يكن عبقريًّا، وداهية، وأستاذًا فى الخبث والتآمر، وخبيرًا فى التلاعب وصناعة الإعلام! وأقص ضوافرى إذا لم يكن رجال المال والأعمال الذين يستأجرونه، و(يحبسكونه) أساتذة استثمار، ودهاة اقتصاد، ولا يضعون الجنيه إلا ليكسبوا منه مائة ألف! ثم سؤال: هل تظنون قدرته على الاستهبال هذه عادية؟ هل تظنون قدرته على فهم نفسية العامة وإقناعهم بما يريد شيئًا سهلاً؟ ما نسبة الذين يشاهدونه وما نوعيتهم؟ حفنة مئات أم حفنة ملايين؟ وهل تروج بين جمهوره ومتابعيه لغة الأفندية والنخب المثقفة، أم لهم لغتهم التى يتقنها أبو العكايش، وبها (يُلاغيهم) ويحشو عقولهم بما يشاء؟ وهل تظنون أن جمهور العشوائيات، والمهمشين، والأميين ذوى الهموم يفهمون لغة الرافعي، وأدب محمود شاكر، وفلسفة زكى نجيب محمود، وحداثة تشومسكي؟ أو لهم فى تحليلات جمال سلطان، ونظرات سيف الدولة، وتأصيليات محمد عمارة، وعمق زينب عبد العزيز؟! من اعتقد ذلك فهو فى الحقيقة الأبله، الذى لا يعرف فن التواصل مع الناس، ولا تحريك الجماهير، ولا فن صناعة القلوب والمفاهيم! وهل تظنون أنه حين زعم أن رجلا ذهب إلى د. محمد مرسى ليكشف عليه فلطعه على الباب حتى يدفع الكشف 300 جنيه كاش كان أبله؟ أو إن ابنه أخذ عمولات أو استولى على أراضٍ، أو أن الحاجة استولت على شيء من القصر الجمهورى الذى لم تسكنه أساسًا، كان أبله؟ وهل تظنون أنه حين زعم أن عمر سليمان تم اغتياله فى إحدى الدول التى كان يعالج فيها عن طريق إعطائه حقنة "بتعمل كسل فى الغدد النشوية" على حد وصفه كان أبله. (الغدد النشوية اللى فى جسم البنى آدم بتحول النشا إلى سكر.. يعنى ناكل رز ناكل بطاطس تتحول لنشا.. والموضوع ده مسؤول عنه الغدد النشوية.. قاموا مديينه حقنة تعمل كسل فى الغدد دي.. الراجل أكل عيش ياكل رز يفضل نشا زى ما هو.. والنشا ده فى خلال فترة ما بين 15 - 45 يوماً بتتحول لسم .. يبقى كأنه إداله حقنة سم وهو ما ادالوش حاجة)! هل هو أبله حين يزعم أن الله أعطاه معرفة، وأمطره من عنده ذكاءً وسهّل له ما لم يسهله لغيره من البشر, مؤكداً أنه يملك فلسفة وعلماً وسياسة؟ إنه يعرف ما يقول للعامة، وأظن هناك من علمه ودربه على مثل هذا التفكير الذى (يبدو) معوقًا! هل كان أبلهاً حين يتحدث عن تزغيط البط، وطشة الملوخية، ولحام البوابير، وتبييض النحاس، والتلمتيت جنيه اللى على د. عصام ليه؟ العامة لا يطربون لسيمفونيات بيتهوفن ولوحات رمبرانت وأشعار شوقى ونزار، بل يطربون لسعد الصغير، وكتكوت الأمير، وسنية شفتورة.. هذا ما يطربهم وما يرضيهم.. وأذكر أن الشاعر الفحل بشار بن برد الذى كتب: إذا الملك الجبار صعّر خده = مشينا إليه بالسيوف نعاتبه وجيشٍ كجنح الليل يزحف بالحصى = وبالشوك، والخطى حمرٌ ثعالبه غدونا له والشمس فى خدر أمها = تطالعنا.. والطل لم يجر ذائبه بضرب يذوق الموت من ذاق طعمه = وتدرك من نجى الفرارَ مثالبه كأن مثار النقع فوق رؤوسنا = وأسيافنا.. ليل تهاوى كواكبه أراد من كتب هذا أن يرضى ذوق جارية له أمية مثل الشريحة التى يخاطبها عكاشة، فكتب: ربابةُ ربةُ البيت = تصب الخل فى الزيت/ لها عشر دجاجاتٍ = وديكٌ حسنُ الصوت فلما سئل عن ذلك، وكيف يتنزل لهذه الدرجة، قال إنها أشهى إلى سمعها من (قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ)، وهذا ما يفعله عكاشة (اللعيب) الذى سيبدع الكثير من الأفكار التى ظاهرها فيه البلاهة، وباطنها من قبله الفساد والتخريب. لقد استخدم كثيرون هذا الأسلوب فى القديم والحديث - أسلوب التلاعب بالعامة، و(بَسْترتهم) ونقلهم من النقيض للنقيض: استخدمه مؤسسو الدولة العبيدية القداحية (الفاطمية) فى التأسيس لباطلهم وخرافاتهم من خلال دعاتهم السريين، الذين كانوا يظهرون التباله، وهم يخفون مقاصد مريبة وتآمرية، وبرزوا للناس فى ثياب متصوفة أصحاب كرامات وبركات وقدرات خارقة، واجتذبوا إليهم البسطاء والعامة، ومكنوا فى مصر لكثير من الغثاء و(القرف) الذى لا نزال نعانيه! واستخدمه الحاكم بأمر الله (المتباله) الذى حرَّم على المصريين أكل الملوخية، وجعل العمل نهارًا والنوم ليلاً، ويستخدمون الشموع والفوانيس عز الظهيرة! وبعض المتحامقين كان ذا فكر وثقافة، وقد كتب النيسابورى عن عقلاء المجانين، وعن المتبالهين وليسوا بلهاء، وعمّن تجانّ وتحامق وهو صحيح العقل، كذلك الذى قال: جننت عن عقلى لديكم وما = = = قلبى واللّه بمجنون أجنُّ منى وإلهِ الورى = = = من اشترى دنياه بالدين وكتب عمن تحامق لينال غنىً ومالاً، ويخدع البسطاء، كالذى قال: جنَّنْتُ نفسى لكى أنال غنى = = = فالعقل فى ذا الزمان حرمانُ يا عاذلى لا تلم أخا حمقٍ = = = تضحك منه.. فالحمقُ ألوانُ وفى زماننا كان أستاذ هذا المنهج (التبالة والاستعباط) القذافى الذى كان يتصرف كأبله، وهو جبار جزار، وعدو للدين، وإخطبوط مكين، امتص خيرات دولة نفطية اثنتين وأربعين سنة، من خلال تمثيل دور العبيط، وإظهاره أنه يستعين بعرّاف، وبمذيعات بلهاوات كتلك التى قالت إن مجلس الأمن يتبنى قرارات كذا، ومن المعلوم أن التبنى حرام، وبالاستعباط والتبالة أنكر السنة، ودعا نفسه أمير المؤمنين، وملك ملوك إفريقيا، ولإحياء الدولة الفاطمية، وغير ذلك من التبالة المحسوب! ومنهم المجرم الإرهابى جورج بوش واستهباله، فقد رضى أن يقول العالم كله إنه غبي، وهو يصفع الدنيا كلها بالحذاء، وحكم أمريكا ثمانى سنوات، دمر فيها من أمة محمد عاصمة الخلافة الكبرى.. وصنع من الشروخ ومظاهر الفساد والدمار ما يحتاج مائة سنة ليعود بعضه! يا سادتي: إن التبالة فن، وله من يهواه ويتقنه، ويقنع الناس به.. واسمحوا لى أن أزعم أن من اعتقد أن عكاشة أهبل أو غبى فهو لا يعرف، إذ هو أخطر من حمودة، وأبى حمالات، والإبراشي، ولميس، و(أبو قرعة زنة)، وبقية الإخوة الكذابين.. عاملهم الله بما يستحقون؟؟ [email protected]