جاءت تعيينات مجلس الشورى وهو الغرفة الثانية للبرلمان المصرى - مع حيازته للتشريع مؤقتًا- بعدما تجاوزنا عنق الزجاجة فى وضع الدستور والاستفتاء عليه والذى أوجد حالةً من الاستنفار والتعبئة بين صفوف المعارضة بأطيافها وتحالفاتها من فلول وقضاة فاسدين وإعلاميين كاذبين ورجالُ أعمالٍ لهم فى تعطيل مؤسسات البلاد مآربُ كثيرة لا تُعد ولا تُحصى!! هذا بالإضافة إلى عددٍ من الدول التى خسرت علاقتها بمبارك كنزهم الاستراتيجي!! كإسرائيل وأمريكا مع بعض دول الخليج لاسيما الإمارات العربية التى أفزعتها الثورة المصرية فتدخلوا بأموالهم من أجل وأد هذه الثورة مهما كانت التكلفة!! أتت تعيينات الرئيس مرسى كتتمة ومحصلة لجلسات الحوار الوطني أثناء الاستعداد لاستفتاء يوم 15من ديسمبر الحالى وأصدر الرئيس قراره بعد انتهاء الجولة الثانية من الاستفتاء والتى ظهر من خلالها اتجاه ثلثى الشعب إلى الموافقة على الدستور وقد اتفق المشاركون فى الحوار على تعيينات الشورى وفقًا لمعايير محددة كان ممثلو حزب البناء والتنمية قد طرحوا فكرة أن تتم تعيينات الشورى من القوى الوطنية خارج التيارات الإسلامية لتهدئة الأوضاع وإشاعة جو من المصالحة الصادقة والاحتواء لاسيما وأن الأغلبية محفوظة لحزبى الحرية والعدالة والنور إضافة إلى أن عُمر ذلك المجلس لن يتجاوز عامًا واحدًا.. لكنّ الحضور اعترض على مقترح البناء والتنمية وقدموا مقترحًا آخر بمعايير واضحة: وهو أن يتم اختيار المُعينين على أساس التمثيل فى مجلس الشعب المنحل شريطة ألا يأتى من بينهم أعضاء حزبى النور والحرية والعدالة!!.. لكنّ المفاجأة المدوية هو عدم الالتزام بما اتُفق عليه كما أقر بذلك الدكتور عماد عبد الغفور فى حوار معه على صفحات إحدى الصحف.. وخرجت أسماء المعينين بمعايير الهوى والأثرة وحبُ التكويش -المتجذرة فى جينات الإخوان وتكوينهم النفسى- والمخالفة الصريحة لما يُشاع عن الرغبة فى احتواء الأزمة الموجودة بين الفصائل الوطنية إسلاميةً كانت أو غير إسلامية وحاز حزبُ الإخوان!! على ثلاثة عشر مقعدًا صريحًا وما يقارب السبعة تحت أسماء مغايرة حسب المؤسسات التى ينتمون إليها بطريقة ودنك منين يا جحا!!.. وهُضمت الجماعة الإسلامية وحزبها حقها بشكلٍ مكرر ومدروس!! وفيه ما فيه من حاجاتٍ فى نفس يعقوب!! فتمت المخالفة للمعايير الموضوعة بأن تتم التعيينات حسب ما حازته الفصائل والأحزاب المُمثلة فى مجلس الشعب ليحصُل حزب البناء والتنمية بموجب ذلك على عشرة مقاعد كاملة لكنّ الإخوان خالفوا ذلك وقلصوا عدد المعينين من الجماعة الإسلامية إلى ثلاثةٍ فقط!! وكأنه جزاءُ سنمار للمواقف المحترمة التى اتخذتها الجماعة وحزبها فى أكثر من أزمة كادت تعصف بالوطن استفادت منها جماعة الإخوان والرئيس بشكل لا يحتاج إلى شرح أو تحليل وأهمها: 1- تنازل البناء والتنمية عن مقعديه فى الجمعية التأسيسية ليفوت الفرصة على قيام المجلس العسكرى- المتربص - بحل التأسيسية الثانية.. 2- تنازل البناء والتنمية عن حقه فى رئاسة لجنتين من لجان مجلس الشعب ومسارعته فى فض الاشتباك بين ممثلى الإخوان والسلفيين مع تقديمهم مقترح بأن يكون رئيس المجلس من الإخوان ووكيله عن العمال والفلاحين من حزب النور ووكيله عن الفئات من حزب الوفد وهو ما حاز قبولهم ورضاءهم. 3- مسارعة حزب البناء والتنمية إلى تأييد الرئيس - فى جولة الإعادة أمام شفيق- دون غيره ممن اختفى وذاب كما يذوب الملحُ فى الماء!! بل وذهب أحدهم للجلوس مع المرشح الآخر أحمد شفيق!! أخيرًا لا يُزايد عاقلٌ أو يلومُ على رئيس الجمهورية فى حبه وانتمائه لجماعته الإخوان المسلمين، لكنّ الذى يُحزن حقًا أن تخرج بعض قرارات الرئيس مستسلمةً لفوبيا الاستحواذ والأثرة التى تعانيها جماعته!! بجانب حالة التجاهل المتكررة للجماعة الإسلامية وكأنهم يحملونها على الكفر بمبادئها وتنازلاتها التى قدمتها حيث لم تجد لذلك وفاءً يذكر.. وإننى أثمنُ تحمل قادة الجماعة الإسلامية ومكتب الحزب السياسى مرارة ما حدث وعدم رفض ما تم تخصيصه للحزب من تعيينات مجلس الشورى حفاظًا على وحدة الصف الإسلامى ومنعًا لحالات الاستقطاب المتزايدة التى لا يعلم مداها إلا الله عز وجل. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]