كان واحدًا من أشهر القادة العرب فى النصف الثانى من القرن العشرين، ولعب دورًا فعالًا على المستوى العربى خلال تلك الفترة، وكان أحد رموز حركة عدم الانحياز، وله رصيد كبير فى النضال والكفاح ضد المستعمر الفرنسى، وأحد رموز الثورة الجزائرية. اسمه الحقيقى محمد إبراهيم بوخروبة، وهو الرئيس الثانى للجزائر بعد استقلالها، وشغل المنصب من خلال انقلاب عسكرى وقع فى 19 يونيو 1965، وظل رئيسًا للجزائر حتى وفاته فى مثل هذا اليوم عام 1978. ابن فلاح بسيط من عائلة كبيرة العدد ومتواضعة الحال، ولد فى 23 أغسطس سنة 1932، فى دوّار بنى عدى (العرعرة) مقابل جبل هوارة، على بعد بضعة كيلو مترات غرب مدينة قالمة، دخل كُتّاب القرية التى ولد فيها وكان عمره آنذاك 4 سنوات، وعندما بلغ سن السادسة دخل مدرسة ألمابير سنة 1938 فى مدينة قالمة، وختم القرآن فى سن مبكرة، وهو فى نفس الوقت يدرس فى المدرسة الفرنسية. كانت السلطات الفرنسية تعتبر الجزائريين فرنسيين وتفرض عليهم الالتحاق بالثكنات الفرنسية عند بلوغهم سن الثامنة عشرة، فرفض بومدين خدمة العلم الفرنسى وفر إلى تونس سنة 1949، والتحق بجامع الزيتونة الذى كان يقصده العديد من الطلبة الجزائريين، ومن تونس انتقل إلى القاهرة سنة 1950، حيث التحق بالأزهر الشريف فأكمل دراسته به، وتفوق فى دراسته. مع اندلاع الثورة الجزائرية فى أول نوفمبر 1954 انضم بومدين إلى جيش التحرير الوطنى فى المنطقة الغربية وتطورت حياته العسكرية، ففى عام 1956 أشرف على تدريب وتشكيل خلايا عسكرية، وكان قد تلقى فى مصر تدريبات عسكرية ضمن عدد من ثوار الجزائر، فاختير هو وعدد من رفاقه لمهمة حمل الأسلحة، ومنذ عام 1957 أصبح مشهورا باسمه العسكرى "هوارى بومدين" تاركاً اسمه الأصلى بوخروبة محمد إبراهيم وتولى مسؤولية الولاية الخامسة، وفى عام 1958أصبح قائد الأركان الغربية، وفى عام 1960أشرف على تنظيم جبهة التحرير الوطنى عسكريًا ليصبح قائد الأركان، وفى عام 1962أصبح وزيرًا للدفاع فى حكومة الاستقلال، ثم نائبًا لرئيس المجلس الثورى عام 1963. فى 19 يونيو 1965 أطاح هوارى بومدين بالرئيس أحمد بن بلة فى انقلاب اصطلح على تسميته بالتصحيح الثورى، وكان فى أول الأمر رئيسا لمجلس التصحيح الثورى، ثم تم انتخابه رئيسًا للجمهورية الجزائرية عام 1975. قام هوارى بومدين بوضع ركائز الدولة الجزائرية، وذلك من خلال وضع دستور وميثاق للدولة، وساهمت القواعد الجماهيرية فى إثراء الدستور والميثاق، رغم ما يمكن أن يقال عنهما إلا أنهما ساهما فى ترتيب البيت الجزائرى ووضع ركائز لقيام الدولة الجزائرية الحديثة، ورفع شعار "بناء دولة لا تزول بزوال الرجال". أصيب هوارى بومدين بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه، وفى بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الإدعّاء، وذهب طبيب سويدى إلى القول بأن هوارى بومدين أصيب بمرض "والدن ستروم" وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض وجاء إلى الجزائر خصيصًا لمعالجة بومدين، وتأكّد أنّ بومدين ليس مصابًا بهذا الداء، وبعد وفاته بزمن انكشفت مؤامرة قتله بسمٍ خطيرٍ، حيث تم دس مادة الليثيوم المشعة له.