إنه جان فرانسوا شامبليون، الذى ولد فى مثل هذا اليوم من عام 1790، والذى فك رموز اللغة المصرية القديمة، بعد استعانته بحجر رشيد الذى كان قد اكتشف أثناء الحملة الفرنسية على مصر، فقد نقش على الحجر نص بلغتين وثلاث كتابات هى: المصرية القديمة ومكتوبة بالهيروغليفية والتى تعنى الكتابة المقدسة، لأنها كانت مخصصة للكتابة داخل المعابد. الديموطيقية وتعنى الخط أو الكتابة الشعبية. اليونانية بالأبجدية اليونانية، ومن خلال المقارنة بينهم نجح فى فك طلاسم الكتابة الهيروغليفية. شامبليون لم يتمكن من الالتحاق بالمدرسة فى صغره، فتلقى دروسا خاصة فى اليونانية واللاتينية، ويقال إنه حين بلغ التاسعة من عمره كان يستطيع قراءة أعمال هوميروس وفرجليوس. انتقل شامبليون إلى جرينوبل للالتحاق بالمدرسة الثانوية، وهناك اتصل بفورييه، والذى كان سكرتيرا للبعثة العلمية التى رافقت حملة نابليون بونابرت، وكان لفورييه دورا أساسيا فى دفع الصبى شامبليون لدراسة علم المصريات، وذلك من خلال اطلاعه على مجموعته الخاصة من المقتنيات الأثرية. ظهر نبوغ شامبليون مبكرا جدا، فقبل أن يبلغ السابعة عشرة من عمره، حيث كان قد قدم بحثا عن الأصل القبطى لأسماء الأماكن المصرية فى أعمال المؤلفين اليونان واللاتين، كما قضى ثلاث سنوات فى دراسة اللغات الشرقية والقبطية على يد كبار علماء ذلك العصر، وأبدى موهبة لغوية نادرة، ثم رجع إلى جرينوبل مرة أخرى لتدريس التاريخ، ثم سافر إلى باريس ليعمل كأول أمين للمجموعة المصرية فى متحف اللوفر، كما شغل وظيفة أستاذ كرسى الآثار المصرية فى الكوليج دى فرانس، كما وضع شامبليون معجما فى اللغة القبطية، وتوفى وهو فى شرخ الشباب فى 4 مارس عام 1834، بعد أن ترك إنجازا علميا حافلا وشامخا أيضا. وبالرغم من أن كثير من علماء المصريات أكدوا أن ترجمة شامبليون لحجر رشيد كانت غير صحيحة إلا أن هذا لا ينفى قيمة الحجر التاريخية والعلمية فى المساهمة فى معرفة ترجمة اللغة المصرية القديمة. حجر رشيد اكتشفه أحد ضباط الحملة الفرنسية فى 19 يوليو عام 1799، وقد نقش عام 196 ق.م. وهذا الحجر مرسوم ملكى صدر فى مدينة منف عام 196 ق.م. أصدره الكهان تخليدا لذكرى بطليموس الخامس، وعليه ثلاث لغات، وكان وقت اكتشافه لغزا لغويا لا يفسر منذ مئات السنين، لأن اللغات الثلاثة كانت وقتها من اللغات الميتة، حتى جاء شامبليون وفسر هذه اللغات بعد مضاهاتها بالنص اليونانى ونصوص هيروغليفية أخرى. وكان محتوى الكتابة على الحجر تمجيدا لفرعون مصر وإنجازاته الطيبة للكهنة وشعب مصر، وقد كتبه الكهنة ليقرأه العامة والخاصة من كبار المصريين والطبقة الحاكمة، وكان العالم البريطانى توماس يانج قد اكتشف أن الكتابة الهيروغليفية تتكون من دلالات صوتية، وأن الأسماء الملكية مكتوبة داخل أشكال بيضاوية (خراطيش)، وهذا الاكتشاف أدى إلى فك شامبليون رموز الهيروغليفية، واستطاع فك شفرة الهيروغليفية عام 1822م، لأن النص اليونانى عبارة عن 54 سطرا وسهل القراءة مما جعله يميز أسماء الحكام البطالمة المكتوبة باللغة العامية المصرية، وبهذا الكشف فتح آفاق التعرف على حضارة قدماء المصريين وفك ألغازها، وترجمة علومها بعد إحياء لغتهم بعد مواتها عبر القرون، وأصبحت الهيروغليفية وأبجديتها تدرس لكل من يريد دراسة علوم المصريات، والحجر أخذه البريطانيون من القوات الفرنسية، ووضعوه فى متحف لندن.