حينما تمكن الاستعمار البريطاني عام 1882من مصر، وبلغ تأثيره ونفوذه إلى تكوين الأحزاب وتشكيل الحكومات وفرضها على الشعب كما يشاء؛ كان هناك فئة من المنبطحين تحت أقدام أسيادهم من سدنة الفكر الغربي، ترى أن الانقياد والتبعية للغرب حكمة، والانتماء إليه حضارة، وسلك طريقه مدنية، واتباع منهجه قدر لابد منه؛ وكانت النتيجة أن ينجح الاستعمار فى تحقيق ما يصبوا إليه. ويبدو من التاريخ أن ظاهرة الانبطاح التى تحدث عنها كثيرًا أستاذنا الدكتور "حمدي والي" لم تكن وليدة الصدفة، إن من يقرأ ويراجع الأحداث سيرى تنسيقًا محكمًا وممنهجًا ودقيقًا ومتكاملًا فى منظومة التغريب والبعد عن الهوية، والمتدبر حقًا لأبد وأن ينتهي إلى أن هناك هيئات منظمة تنظيمًا دقيقًا تشد أزرهم، ولم يعد شرهم مقصورًا على الأقنعة الزائفة، وهو ما نراه اليوم من كلاحة فى هذه الوجوه وصفاقتها ومجاهرتها بالعمالة. و ما أشبه الليلة بالبارحة، فمن المؤسف أن يطالب بعض من السياسيين الليبراليين باللجوء إلى الدوائر الدولية (حكومات و منظمات و برلمانات و وسائل إعلام) للضغط على قوى الإسلام السياسي وعلى الرئيس مرسى والتهديد بقطع الدعم الاقتصادى والمالى إن لم يصدر الدستور مرضيًا لليبراليين والعلمانيين واليساريين، وأتساءل هل هذه الديمقراطية؟، هل هذا سلوك يتوافق مع أبجديات الوطنية واحترام الإرادة الشعبية؟!، ولم لا فنحن فى زمن أصبحت الخيانة فيه وجهة نظر. أي كرامة وأي شرف يدعيه هؤلاء؟ حينما يكون المجتمع مهددًا فى أمنه ويصبح مرتعًا تتحرك من خلاله الذئاب، فهم يريدون قيادة مصر إلى الهاوية التى أوشك الغرب كله أن يتردى فيها، حتى يصلوا إلى قلوب العامة ، ليفسدوا فيهم اعتزازهم بدينهم، وثقتهم فى عدل خالقهم، ولم يكن أستاذنا "فهمي هويدي" مخطئًا حينما وصف هؤلاء الخائنين لتراثهم وأمتهم ب "طوابير المنهزمين"، مما يستوجب علينا التصدي لتلك العصابة التى لا تقل خطرًا عن عصابات السطو والإرهاب فى شيء. إن المجاملة على حساب الحق تقود إلى تكرار أخطاء الماضي، وتمنع تصحيح الحاضر، وتهدم مستقبل، فهذه الهجمة الشرسة قد تصدى لها من قبل رجال واجهوا الباطل ولطموا أوجه العملاء بقوة، فمن لهجمة اليوم؟، انظر جيدًا واقرأ تاريخ الصفوف حتى لا تندم على مشاركتك لها فى وقت لا ينفع الندم .