قال كليلةُ : واعلم يادِمنةُ أنَّ من قلةِ عقلِ المرءِ وسوءِ تدبيرِهِ أن يُطاولَ ما لا يقدرُ على مطاولتِهِ، وأن يُغالبَ ما لا يقدرُ على مغالبتِهِ، فيكون مثلُهُ فى ذلك كمثلِ النملة الحمقاء ! قال دمنةُ : وما مثلُ النملةِ الحمقاءِ ؟ قال كليلةُ: زعموا أنَّ نملةً ساءَها أن تكونَ صغيرةَ الحجمِ ، ضئيلةَ الجرمِ، تُفزعها وبنى جنسها أقدامُ الدوابّ، وتشرّدها وأخواتِها خطواتُ فيلٍ كان بالجوارِ، فآلت على نفسها ألا تدع حيلةً و لا وسيلةً تصنعُ بها الهيبةَ لأمةِ النِّمالِ إلا فعلتْها .. ففكرت وقدرت، وقدّمت وأخرتْ، فهداها مريضُ تفكيرِها إلى أنّ العلةَ فى اجتراء المخلوقاتِ عليهنّ أنهنّ يتفرقن ويتبعثرن إذا ما خطت فوقهن أقدام الفيل الثقيل ! وظنت وبعض الظن إثم أنّها لو اجتمعت مع بنات جنسها فوقفن فى وجه الفيل ثم شتمنه بأعلى أصواتهنّ، وصمدنَ إزاءه، لتضعضع الفيل وتزعزع، وكف قدمه وتكعكع .. ثم سلك سبيلاً غير سبيله، وترك لأمة النمالِ حريّتها الكاملةَ فى التعبيرِ والتصرف !! فمازالت تلك الحمقاءُ حتى تألفت حولها طائفةً من النمالِ ذهبن مذهبها، وسلمن لها القيادَ ، فلما قدمَ الفيلُ اصطفتِ النمال كما تصطف الجيوشُ ، فما تركن قالةَ سوءٍ ، ولا عبارةَ شتمٍ ، ولا بيتَ هجاءٍ إلا صرخنَ به ملء حناجرهنّ .. فما هو إلا أن أهوى عليهنّ الفيلُ بقدمِهِ فمحقهنّ من الحياةِ .. فلم يسمع شتمهنّ غيرُهنّ .. ولا درى بهجائهنّ سواهنّ .. ومضى الفيلُ لطريقِهِ لم يشعر بما كان !! هذا مثلٌ استحضرتُهُ وأنا أتابعُ – كما تتابعون – تداعياتِ الفعلةِ الآثمةِ للخروج على الرئيس المنتخب والانقلاب على الشرعية ولم يبق لهم الا ان يقولوها صراحة:الديمقراطية أصلا حرام وفى الوقت الذى يدعون فيه ان القوى الاسلامية متطرفة نجد انهم هم من يلوحون بالتطرف والعنف....ونحذرهم من مصير الفيل والسعيد من أعتبرَ بغيره. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]